-A +A
فؤاد مصطفى عزب
في عام 1963م أطلق والد «تيد تيرنر» إمبراطور الأخبار ومؤسس وصاحب محطة الـ (CNN) سابقاً الرصاص على رأسه نتيجة تعرضه لبعض الأزمات المالية في شركة إعلانات الحائط التي كان يملكها وظلت هذه الواقعة شبحاً يطارد (تيد تيرنر) الابن الذي وجد نفسه وحيداً في عالم بلا أب فقرر أن يجعل من الفريق الذي يعمل معه عائلته المهنية وعندما اقدم (تيد تيرنر) على شراء محطة تلفزيون (رقم 17 في أطلنطا) وهي محطة تلفزيونية كانت تخسر مليون دولار سنوياً.. اعترض المدير المالي في مجموعة تيرنر على الشراء وأجابه «تيد» ضاحكاً أنه في حالة فشل المشروع «سأفعل ما فعله والدي» وقام «تيد» بشراء المحطة وإعادة تخطيط العمل فيها ليحيلها إلى أقوى شبكة إخبارية عالمية ولقد عرف عن (تيد) انه صاحب قرار شجاع يقوم على التركيز الدقيق والتفكير المتكامل القائم على تفاعلات المجموعة كما أنه قائد بسيط اعتبرت بساطته مصدر قوته ومن هنا كان نجاح «تيد تيرنر» فالفشل قرار فردي في اغلب الأحيان وصنع القرار من الناحية النظرية يتدرج في خطواته وفق عملية بسيطة تبتدئ بمواجهة المشكلة واستعراض الاختيارات المتاحة التي تصلح كحلول وفي النهاية انتقاء أفضل الاختيارات الملائمة.. إلا أن الواقع الفعلي يحيل القرار إلى أمر اكثر تعقيداً إلى حد ما فعلى الرغم من أن القيادة قرار كما يقول مفكرو الإدارة إلا انه يخطئ من يعتقد أن هذا القرار يتم بمعزل عن الآخرين (فرامبو) الشخص الخارق الذي نشاهده في أفلام القوى بلا حدود والمتمكن من كل شيء والذي يمكنه عمل كل شيء بمفرده دون الاستعانة بالآخرين ما هو إلا كائن خرافي لاوجود له على ارض الواقع فهذا «الرامبو» شخصية وهمية أظهرتها أمريكا كتعبير عن تجارة الوهم ولو كان رامبو موجوداً بالفعل لتم حجزه في مستشفى للأمراض العقلية لأنه إنسان وحيد جداً يرى البشر كلهم كائنات لا لزوم لها وواقع الإنسان الإداري المعاصر يعي تماماً أن الإنسان ضعيف بمفرده لذا فإنه يسعى دائماً إلى استخدام قوته الفردية مضافة إلى قوة غيره ليصنع من كل ذلك نسيجاً من القوى العقلية المتجانسة والمهنية ولاشك أن معظم كتب المفكرين الإداريين التي صدرت في القرن الواحد والعشرين حرصت على تحويل القرار الفردي إلى «يونفورم شعبي» يرتديه جميع العاملين بعد أن يقتنعوا بلونه وخامته وطريقة صناعته وتفصيله وشكله النهائي، فالذكاء كل الذكاء أن نغني في المؤسسة بصورة جيدة تطرب الآخرين بصرف النظر عن الطريقة التي نغني بها «فالعصافير ليست لديها نوتة موسيقية مكتوبة ولاتلتزم بمقام واحد وإنما تدوزن حناجرها حسب ظروفها الحياتية» فلماذا لايكون خيار الموظف كخيار العصفور.