-A +A
فؤاد مصطفى عزب
«أوبرا» أغلى مقدمة برامج حوارية في العالم والتي اختارتها مجلة (فوربس) الأمريكية على أنها الشخصية الأكثر تأثيراً في العالم يتابع برنامجها التلفزيوني (30) مليون مشاهد داخل أمريكا ويشاهد البرنامج (122) بلداً استضافت في برنامجها الصباحي أساتذة بعض المشاهير ممن تركوا أثراً كبيراً في شخصياتهم وجعلوا لحياتهم قيمة ما.. كانت المقابلة عزيزة على الطرفين بعد فراق سنين أكد لي هذا البرنامج أهمية المثل الأعلى في حياة الطفل والشاب فالقدوة الحسنة تؤثر بلاشك في فكر ومنطق وأسلوب ممارسة الحياة لدى الأطفال والشباب ولقد ظهر في حياتنا لون من البشر يشبه الأسطورة وكان من الصعب على من تعلم على يدهم ألا يقع في حبهم ويتأثر بهم فقد كانوا نقطة تحول حقيقية في اتجاه ميولنا ولم يكن دورهم يقتصر على التدريس ونقل المعلومات بل كانوا رجال ثقة ولديهم القدرة على نقل ثقتهم بالآخرين إلى نفوس الآخرين وبقيت دروسهم عالماً من السحر وانعكس ذلك التأثير على حياتنا فتعلمنا على أيديهم القيم المتطورة والمبادئ التي كانت تنبع من الإيمان بضرورة أن ينال كل إنسان حقه في الحياة الحقيقية وللأسف تضاءل هذا الشعور في نفوس بعض الأبناء ومع هذا التضاؤل أصبح بعض الأطفال يتصرفون في حياتهم ويفكرون ويتكلمون مثل شخصيات (ستار أكاديمي) ولا غرابة في ذلك فأقسى ما يمر به الطفل أن يكون فارغ المعنى وأشق ما يمر به الشاب أن يزدحم قلبه بالأسئلة التي لا يجد لها جواباً وبين الفراغ في المعنى والازدحام بالأسئلة قد يسير الإنسان في دهاليز التزوير وهي كثيرة ومتعددة وتطل علينا من كل مكان، وأبناؤنا نقاط ضعفنا فنحن أقوياء إلا أمامهم إنه مثل جرس معلق في القلب نحمله بين ضلوعنا ويسمع الناس كل رنينه وهم جسر الامتداد بين أيام مضت وأيام قادمة قد لا نعيشها نتمنى أن يكونوا أفضل منّا وأن ينعموا بما حرمنا منه وأن يفوزوا بما خسرناه، نستغرب في غياب القدوة الحسنة والمثل الأعلى كيف أصبحوا نماذج مختلفة وهذا الاستغراب في غير محله فما نسمعه ونقرأه من انحراف شباب هنا وهناك ناتج طبيعي لغياب القدوة ولكن بالتأكيد أن هذه الانحرافات فردية بل ومن الظلم أن تكون دليلاً لاتهام جيل بكامله إلا أنني على يقين بأن المسؤول الأول والأخير في النهاية هم الكبار فوظيفة الكبار لا تقتصر على تأمين المأكل والمشرب والمأوى واستخدام القمع والعقاب والحرمان والتهديد والوعيد..
فمهاجمة البراءة ومحاولة كسر أنفها الصغير مشروع خاطئ لبناء هيكل السلوك الحضاري الذي اتفق عليه البشر ليصبح الطفل رجلاً، فصهر الطفل وتنمية مداركه مهمة لا يستطيع القيام بها سوى مهندس معماري قدوة متمكن وقادر على تصميم خريطة واضحة له يستطيع القيام بها ومن خلالها تقديم أوراق اعتماده للمجتمع كإنسان ناجح وناضج يعرف كيف ينمي احترامه لنفسه واحترام من حوله له!!