-A +A
فؤاد مصطفى عزب
هذا كتاب يحظى بنجاح ذهبي ليس له مثيل في أمريكا هذه الأيام. إلا أنه فعلاً كتاب مبهج يفوق التصور يناقش موضوعاً في غاية الأهمية ويسعى إلى فكرة أساسية وهي أن الحياة تصبح أكثر زخماً وثراءً وتوهجاً وجمالاً عندما نحدد أحلامنا في شكل أهداف إيجابية نسعى إليها وأن هذه الأهداف هي التي تصنع معنى للحياة وأن اختيارك للهدف -الحلم الذي تسعى إليه وتؤمن به هو «السر» الذي يفجر طاقتك المبدعة ليس ذلك فحسب بل ويساعدك على احتمال منغصات الحياة بكافة أشكالها ويجعلك إنساناً مؤهلاً للعالم الخارجي ، يستعرض الكتاب أسماء أشخاص حقيقيين اثبتوا نجاح فكر الكاتب مستخدماً تجاربهم كمادة لإثبات «أن كل أمة هي معادلة متحورة حول الحلم والهدف» استضافت «أوبرا وينفري» الكاتب في برنامجها اليومي الذي يعبر أحياناً عن نبض إيقاع حياة أمريكا الأدبية كان شكله يوحي لك انه ناسك من أهل الزهد لكنه كان يتحدث عن خطف الأحلام وتحقيق الأهداف في أرض شاسعة لاحياة فيها «للساهمين» كان يتحدث كالنهر في أعلى مستويات فيضانه .. ظهر على الشاشة كأي أمريكي من اصول أفريقية مضفور الشعر مهذباً ودوداً أنيقاً يشبه الممثل «سيدني بوتيه» في تقاطيع ملامحه يقول لابد ان يكون للإنسان حلم وهدف فالإنسان الذي لا حلم ولاهدف له يصاب بالكدر والضجر ويصبح مستاءً على الدوام من نفسه ومجتمعه ساخطاً مذعوراً ناقماً منتقداً بل وبعد فترة يصبح غارقاً في هذا الكدر والضجر وهذا عار من وجهة نظر «روندا بيوني» أن يعيش المرء بلا حلم حقيقي ولاهدف .. يعود «روندا بيوني» فيقول ان الأعمار لاعلاقة لها بتحديد الهدف وقول «روندا بيوني» صحيح فـ«بيندي» ابنة صياد التماسيح الاسترالي «ستيف اروين» ذات الثمانية أعوام وقفت مباشرة بعد تلاوة رئيس الوزراء الاسترالي كلمات التابين في جنازة أبيها وقالت «لاأريد ان ينتهي شغف والدي سأعيش مثله أساعد الحيوانات المهددة بالانقراض مثلما فعل هو» واضافت في خطابها «لدي افضل والد في العالم أجمع وسأفتقده كل يوم كان والدي بطلي» وبيندي بطلة حددت وهي في الثامنة هدفها في الوقت الذي أعرف اشخاصاً تجاوزت اعمارهم نصف القرن ومازالو تائهين يقول روندا بيوني «إن تحديد الحلم والهدف وحده لايكفي مالم يتحول إلى خطة مركزة ومراجعة الظروف المحيطة اولاً بأول وان إغفال ذلك يجعل الإنسان مشتتاً بين هاجسين؛ الهروب من أخطاء الماضي أو الأرق بوهم الغد والنتيجة أن يغترب الإنسان عن ذاته ويصبح حلمه لايختلف عن سائله العصبي الذي يجري في عاموده الفقري وينتهي به الأمر للأسف بممارسة الهروب الدراماتيكي الذي يختلط فيه الهوس بالأسى» !! ذكرني قوله هذا بقول جميل للبلجيكية «ميلي نوثوب» عن فتنة الهروب من الحياة عندما قالت: إن الشخص يتحول منا أحياناً إلى طفل ينتظر موعد الفسحة ليتظاهر بقضاء حاجته يقفل الباب ثم يقف على جرف المرحاض ويفتح النافذة .. أكثر اللحظات اثارة تلك التي يقفز فيها إلى الفضاء وعندما تمس قدماه الأرض ويطلق ساقيه للريح يجد العالم من حوله كما يشاهده كل يوم .. إنها فتنة الهروب لاأكثر .. وهي مؤقتة. أعود لأقول إن «السر» لـ«روندا بيوني» واحد من سلسلة نادرة من الكتب فيه تألق ذهني محض يمدك ببهجة طويلة الأجل ويسهل عليك عملية التنفس ويثير فيك الرغبة في الحلم في معركة حياتية نحتاج فيها جميعاً ان نعيد برمجة أحلامنا بعد مراجعة الظروف المحيطة بنا !!