-A +A
فؤاد مصطفى عزب
«آرثر مالك» ممثل أمريكي من أصل عربي قام بدور زعيم الإرهابيين العرب في «أكاذيب صادقة» أحد الأفلام التي قدمت أسوأ صورة متعمدة عن العرب والمسلمين. آرثر هذا أجرت معه مجلة عربية حواراً فذكّرته بذلك الدور مُستنكرة منه ما فعله، فأجاب «إذا اعتقد أحد أنني أتنكر لمسقط رأسي في تقديم صورة سلبية عن العرب فليرسل لي سيناريو جاهزاً عن «جبران خليل جبران» ذلك العربي الرائع وميزانية عملاقة وسوف ألعب دوره بمنتهى السعادة. إذا أراد العرب أن يحصلوا على صورة إيجابية لأنفسهم فعليهم أن يستثمروا بعض أموالهم في أفلام تعبّر عما يرغبون أن يراهم العالم عليه».
قرأت ذلك وأنا أشعر بغصة وللأسف أن ذاكرة «آرثر مالك» خانته في ما يخص «جبران خليل جبران». فقد قام الممثل عمر الشريف بتمثيل دور جبران خليل جبران في الفيلم الأمريكي «أريد أن أرى الجنة قبل مماتي»، إلا أنني أتفق معه في بعض ما قال. فالشاشة الأمريكية لا تقدم العرب إلا وفق ما تراهم عليه أو تريد أن يكونوا عليه. فهي لا تختار للعربي والمسلم سوى أدوار حقيرة وشريرة بداية من السبعينات بكونهم لصوصاً وشحاذين في «لص بغداد»، وقتلة لبعضهم بعضاً وبخلاء ومحتالين وعديمي النخوة ومأجورين في «لورنس العرب»، وفي الثمانينات وحتى عام ألفين ألبست نفس الشاشة ذلك العربي عباءة من قصب وأطلقته في شوارع المجون والعبث والفساد واللهو لتصل هذه الشاشة في القرن الواحد والعشرين بهذا العربي والمسلم إلى أن يحتل لديها أعلى درجة من التخلف والقسوة والهمجية، وذلك بأن زجّت به في كل عمل إرهابي ممكن يُهدد فيه سلامة العالم «المتحضر».

آخر هذه الأعمال التي شاهدتها على إحدى الإسطوانات الممغنطة للأسف «قرار حرج».. وفكرة الفيلم مكررة ومُستهلكة وممجوجة حتى الغثيان: طائرة ركاب يخطفها مجموعة من العرب المسلمين قائدهم «ناجي حسان» الذي لا يكتفي بموافقة السلطات الأمريكية على إطلاق سراح زعيم المجموعة «أبوحيفا» ويستجيب لمعاونه في العملية الذي يقول له: «لقد ربحنا جولتنا وهذا كاف»، بل يرد عليه قائلاً «إنها كلمة من الله والله يريد لنا النصر في سبيل الإسلام». وعندما يقول له معاونه «إن الإسلام بريء مما يقوم به» يُطلق النار عليه بلا تردد. إساءة مباشرة وافتراس مُتعمد لشخصية العربي المسلم وتحنيطه في أدوار شريرة وحقيرة وفاسدة تمارسها هوليوود حسب طبيعة المناخ السياسي في كل فترة وهذه الممارسات مستمرة وستستمر ما لم نقدم بأموالنا التي «نبعزقها» في افتتاح المزيد من الفضائيات التي تحمل أسماء مختلفة وتقدم برامج متشابهة من عينة «أبو أحمد تحب تشوف أيه الليلة وتهديها لمين». الصورة الحقيقية والواقعية والمنطقية عن تاريخنا وديننا وتراثنا.. مازال في الوقت متسع.. فقط وجّهوا أموالكم في مواجهة الريح فمواجهة الريح على الأقل أفضل من الموت خنقاً!!