-A +A
عزيزة المانع
زميلتنا الكريمة الأستاذة الدكتورة نورة الشملان، سيدة تتسم بالهدوء والوداعة، قليلة الكلام دؤوبة العمل، اعتادت أن تفاجئنا بين حين وآخر بنتاج جميل من إبداعها في شكل كتاب أو بحث أو محاضرة عامة نطرب لها حين تحلق بنا في عوالم الأدب العربي القديم. وكان آخر تلك المفاجآت (قطوف دانية)، كتاب صغير الحجم، أنيق المظهر، وجدته على مكتبي يحمل إهداءً كريماً من أم باسل، ففرحت به لأني علمت أني ضمنت زاد ليلتي من المتعة.
الكتاب يضم ستة قطوف شهية من دراسات أكاديمية سابقة أعدتها المؤلفة عن أربعة من أشهر شعراء العرب هم المتنبي وأبوفراس الحمداني وأبونواس والصنوبري، وقد اختصرت المؤلفة تلك الدراسات وأعادت عرضها بطريقة تيسر قراءتها على غير المختصين.
وما يميز هذه القطوف أنها تتناول أولئك الشعراء من زوايا غير التي اشتهروا بها، فمثلاً المتنبي الذي غالباً ما يذكر بتعاليه وغروره، أو بمدائحه لسيف الدولة، أو هجائه لكافور، هو قليلاً ما يذكر بعشقه ووقوعه في شباك الحب، رغم أن المتنبي حسب ما جاء في هذه القطوف له سبعمائة بيت في الغزل واتهمه بعض النقاد بعشقه لخولة أخت سيف الدولة ولعائشة بنت رشيدين في مصر. وأبونواس الذي عرفه الناس شاعراً ماجناً يجيد التغني بالمحرمات، ويتباهى بممارسة الفسق، قد لا يعرف البعض عنه أنه تاب في أواخر حياته وظل يصارع القلق وتأنيب الضمير، يكاد يمزقه الندم والخوف من سوء العاقبة، كما بدا ذلك في أبيات كثيرة له كقوله:
لهف نفسي على ليالٍ وأيام تمليتهن لعباً ولهواً
قد أسأنا كل الإساءة فاللهم صفحا عنّا وغفراً وعفواً
وكذلك بالنسبة لأبي فراس والصنوبري، اللذين حرصت المؤلفة على أن تقدمهما للقارئ من زوايا جديدة تثير الفضول وتبعث على المتعة.
ومن حق المؤلفة أن نقدر لها هذا الجهد المبذول في إخراج هذه القطوف، وأن نحمد لها أنها ليست من أولئك الذين ينفقون الوقت هباءً فلا يغنون به.

ص.ب 86621 الرياض 11622