إدارة الفشل

عبدالله الغضوي

كل صراع يصل إلى مبعوث أممي يتحول إلى «ملف» .. بعد أن يتراكم هذا الملف بالأحداث يتحول إلى «قضية» ضائعة في أروقة الأمم المتحدة تقتصر على بيانات ورقية تسطر آمال الأمم بنهاية النزاع..
نحن في الشرق الأوسط أكثر العالم خبرة بالمبعوثين، قتل بأرضنا في فلسطين أول مبعوث دولي السويدي الكونت فولك برنادوت حين ضم النقب إلى الأراضي الفلسطينية عام 1948 .. أية مفارقة تلك التي تجمع الجنسية السويدية في شخص برنادوت وستيفان ديمستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا..
كلهم في بلاد الشام أرض الصراعات يخرجون دون حل.. هرب كوفي عنان من تعقيد الصراع مخلفا وراءه مبادرة «فتنة» هي جنيف2.. تضيع بنودها بين تأويلات السياسيين ليترك الباب مفتوحا للصراع.. أعلن الفشل وأغلق الملف.. ليأتي بعد ذلك أخضر إبراهيمي مخضرم اشتعل رأسه بالشيب من الصراعات الدولية بدأ بمقولة المهمة المستحيلة إلى أن رأها ومرة أخرى يهرب مبعوث آخر.. احتضن ديمستورا «الصامت» أكثر الملفات دموية في العالم .. التقى المجرمين من النظام، اشتم رائحة الدم تفوح من أجسادهم، صافح أياديهم المضرجة بدماء الأطفال، حاورهم، وخرج خائبا دون حل لكنه لم يعلن الفشل.. يصر على إدارة الفشل ويرفض أن يتعلم الدرس من سابقيه.. هنا في الشرق الأوسط لا يعرف ديمستورا أن مبدأ الأمم المتحدة بأنصاف الحلول بضاعة تالفة.. هذه هي الوصفة السرية لحلول المنطقة.. التي غالبا ما تفوت على الجميع.. أو ربما هذه فلسفة إدارة الصراع.