زيارة الأقصى مهمة شبه مستحيلة لأبناء فلسطين خلال أعياد اليهود
«عكاظ» في رحلة كسر الحصار الى القدس الشريف
الجمعة / 10 / ربيع الثاني / 1428 هـ الجمعة 27 أبريل 2007 20:07
عبد القادر فارس ( غزة )
يبدو الوصول في هذه الأيام الى القدس وسط أجواء الحصار والإغلاق الذي يفرض على الأراضي الفلسطينية مهمة مستحيلة لأبناء القدس ذاتها فكيف بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة وتزداد الأمور استحالة خلال فترة احتفال اليهود بأعيادهم . فالخروج من قطاع غزة والانتقال الى الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948 يحتاج لتصريح خاص من سلطات الاحتلال الإسرائيلي, وكان حصولنا على تصريح للذهاب الى القدس في هذه الظروف “شبه معجزة” فقد حصلنا على تصريح ليوم واحد للعلاج في مستشفى المقاصد الخيرية في القدس الشرقية, واقتضى العلاج أن نستمر في الإقامة في القدس مدة أربعة أيام, كان لنا خلالها الفرصة لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه والاطلاع على معالمه وآثاره وملحقاته, حيث مسجد الصخرة المشرفة وقبته الشهيرة, والمصلى المرواني تحت المسجد الأقصى, والذي يطلق عليه الاحتلال اسم “إسطبلات داوود” وحاول كثيرا الاستيلاء عليه, ومنع المسلمين من الصلاة فيه .
أثناء تجوالنا في أزقة القدس في طريقنا الى الحرم القدسي الشريف، بدا جليا أن الزائر لا يستطيع إلا أن يشتم عبق التاريخ العربي عند عبوره طرقاتها وأزقتها وزيارة مساجدها وكنائسها ، حيث تجاورت المساجد الى جانب الكنائس ، فعلى بعد خطوات من الحرم القدسي تجد كنيسة القيامة التي تتجاور مع مسجد عمر بن الخطاب وهو الجامع الذي أقيم في المكان الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب عندما حضرته الصلاة وهو في كنيسة القيامة، وطلب منه البطريرك أن يصلي في الكنيسة فأبى لئلا ينازع المسلمون المسيحيين حيث صلى عمر، فخرج ورمى بحجر وصلى عند مرمى الحجر، فأقيم في ذلك المكان المسجد العمري الذي أصبح أحد المزارات الإسلامية المهمة في القدس، مما يدلل على سماحة الإسلام الذي حافظ على أماكن العبادات للديانات الأخرى .
وعلى الرغم من الحصار المشدد على المدينة المقدسة والحواجز المنتشرة على أبواب المدينة ، وانتشار قوات الاحتلال داخل أزقة القدس العتيقة وشوارعها الذين لايوفرون فرصة لاقتناص أي مواطن غير مقدسي يتجول في القدس بحجة عدم وجود ترخيص إلا للمكان الذي منح له فيها التصريح استطعنا من الوصول الى الحرم القدسي الشريف وتجولنا داخل باحاته وأروقته الرائعة.
كان الدخول من باب الساهرة , وبدأت الرحلة في مسجد تبلغ مساحة ساحاته 144 دونما , تضم المساجد الثلاثة : المسجد الأقصى المبارك ومسجد الصخرة المشرفة والمسجد المرواني الواقع تحت المسجد الأقصى.
وأول محطة لنا كانت الى مسجد قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم: ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة ، ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة حيث تمثل آية في فن الهندسة المعمارية .
قبة الصخرة
تتوسط قبة الصخرة المشرفة تقريباً ساحة الحرم الشريف، حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4م، ويتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع.
وقد وضع تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة تدل على مدى إبداع العقلية الهندسية الإسلامية، حيث اعتمد المهندس المسلم في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث دوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها (هي الصخرة التي عرج منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى السماء وهي صخرة من صخور الجنة ، يهبط إليها الزائر بدرجات ليصل الى قلب الصخرة التي تتراوح مساحتها ما بين 3الى 4 أمتار ) ، وتثمينتين داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج فيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع .فأما القبة التي جاءت بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس على رقبة تقوم على أربع دعامات حجرية (عرض كل منها ثلاثة أمتار) واثني عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيط بالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعامة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكون القبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة. كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحت بالصفائح النحاسية المطلية بالذهب . وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية.
محراب الرسول
ثم انتقلنا الى المسجد الأقصى المبارك , حيث محراب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أم فيه الأنبياء والرسل في رحلة الإسراء والمعراج , وبجانبه منبر صلاح الدين الذي أعيد تركيبه منذ حوالي الشهر في مكانه , بعد أن أحرق على يد أحد اليهود المتطرفين في حريق المسجد الأقصى الشهير في آخر شهر أغسطس عام 1969 , وتم إعادة بنائه في الأردن بواسطة تعشيق الخشب من أشجار السندان , دون إدخال مسمار واحد فيه , و استغرق تركيبه وإعادته لمكانه أكثر من أربع سنوات , شارك فيه فنانون وفنيون من عدة بلدان عربية وإسلامية من بينها فلسطين والأردن ومصر والمغرب وتركيا .
المصلى المرواني
بعد ذلك توجهنا الى المصلى المرواني الى الشرق قليلا من المسجد الأقصى , والذي يمتد تحت المسجد الأقصى عبر أقواس وبوابات , وساحات عبارة عن بوائك مختلفة , كانت تستخدم لحلقات الدرس , وتوجد بالمصلى المرواني “ المكتبة الختنية “ التي تحتوي آلاف الكتب من أمهات الكتب في التفسير والفقه والتشريع والأحاديث الشريفة , الى جانب الكتب الحديثة في التاريخ والجغرافيا والقانون والاجتماع التي تتحدث عن تاريخ القدس وفلسطين .
باب المغاربة
وأثناء وجودنا في المسجد , كان لابد أن نزور منطقة باب المغاربة حيث تجري الاعتداءات والحفريات الإسرائيلية , على مقربة من حائط البراق , الذي يطلق عليه اليهود ( حائط المبكى ) حيث تجمع مئات اليهود المتشددين لأداء طقوسهم الدينية بمناسبة الاحتفال بعيد الفصح اليهودي , وأثناء ذلك حاول عشرات المتدينين المتطرفين اقتحام المسجد الأقصى وهم يحملون مجسم الهيكل اليهودي , الذي يحاول اليهود إعادة بنائه بعد هدم المسجد الأقصى , بادعاء أن المسجد الأقصى بني على جبل الهيكل المزعوم , وعلى رغم تواطؤ جنود الحراسة عند باب المغاربة مع اليهود المتطرفين والسماح لهم بدخول المسجد من تلك المنطقة , إلا أن حراس وسدنة المسجد والمصلين تصدوا لليهود المتطرفين ومنعوهم من اقتحام المسجد الأقصى.
أثناء تجوالنا في أزقة القدس في طريقنا الى الحرم القدسي الشريف، بدا جليا أن الزائر لا يستطيع إلا أن يشتم عبق التاريخ العربي عند عبوره طرقاتها وأزقتها وزيارة مساجدها وكنائسها ، حيث تجاورت المساجد الى جانب الكنائس ، فعلى بعد خطوات من الحرم القدسي تجد كنيسة القيامة التي تتجاور مع مسجد عمر بن الخطاب وهو الجامع الذي أقيم في المكان الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب عندما حضرته الصلاة وهو في كنيسة القيامة، وطلب منه البطريرك أن يصلي في الكنيسة فأبى لئلا ينازع المسلمون المسيحيين حيث صلى عمر، فخرج ورمى بحجر وصلى عند مرمى الحجر، فأقيم في ذلك المكان المسجد العمري الذي أصبح أحد المزارات الإسلامية المهمة في القدس، مما يدلل على سماحة الإسلام الذي حافظ على أماكن العبادات للديانات الأخرى .
وعلى الرغم من الحصار المشدد على المدينة المقدسة والحواجز المنتشرة على أبواب المدينة ، وانتشار قوات الاحتلال داخل أزقة القدس العتيقة وشوارعها الذين لايوفرون فرصة لاقتناص أي مواطن غير مقدسي يتجول في القدس بحجة عدم وجود ترخيص إلا للمكان الذي منح له فيها التصريح استطعنا من الوصول الى الحرم القدسي الشريف وتجولنا داخل باحاته وأروقته الرائعة.
كان الدخول من باب الساهرة , وبدأت الرحلة في مسجد تبلغ مساحة ساحاته 144 دونما , تضم المساجد الثلاثة : المسجد الأقصى المبارك ومسجد الصخرة المشرفة والمسجد المرواني الواقع تحت المسجد الأقصى.
وأول محطة لنا كانت الى مسجد قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم: ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة ، ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة حيث تمثل آية في فن الهندسة المعمارية .
قبة الصخرة
تتوسط قبة الصخرة المشرفة تقريباً ساحة الحرم الشريف، حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4م، ويتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع.
وقد وضع تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة تدل على مدى إبداع العقلية الهندسية الإسلامية، حيث اعتمد المهندس المسلم في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث دوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها (هي الصخرة التي عرج منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى السماء وهي صخرة من صخور الجنة ، يهبط إليها الزائر بدرجات ليصل الى قلب الصخرة التي تتراوح مساحتها ما بين 3الى 4 أمتار ) ، وتثمينتين داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج فيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع .فأما القبة التي جاءت بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس على رقبة تقوم على أربع دعامات حجرية (عرض كل منها ثلاثة أمتار) واثني عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيط بالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعامة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكون القبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة. كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحت بالصفائح النحاسية المطلية بالذهب . وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية.
محراب الرسول
ثم انتقلنا الى المسجد الأقصى المبارك , حيث محراب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أم فيه الأنبياء والرسل في رحلة الإسراء والمعراج , وبجانبه منبر صلاح الدين الذي أعيد تركيبه منذ حوالي الشهر في مكانه , بعد أن أحرق على يد أحد اليهود المتطرفين في حريق المسجد الأقصى الشهير في آخر شهر أغسطس عام 1969 , وتم إعادة بنائه في الأردن بواسطة تعشيق الخشب من أشجار السندان , دون إدخال مسمار واحد فيه , و استغرق تركيبه وإعادته لمكانه أكثر من أربع سنوات , شارك فيه فنانون وفنيون من عدة بلدان عربية وإسلامية من بينها فلسطين والأردن ومصر والمغرب وتركيا .
المصلى المرواني
بعد ذلك توجهنا الى المصلى المرواني الى الشرق قليلا من المسجد الأقصى , والذي يمتد تحت المسجد الأقصى عبر أقواس وبوابات , وساحات عبارة عن بوائك مختلفة , كانت تستخدم لحلقات الدرس , وتوجد بالمصلى المرواني “ المكتبة الختنية “ التي تحتوي آلاف الكتب من أمهات الكتب في التفسير والفقه والتشريع والأحاديث الشريفة , الى جانب الكتب الحديثة في التاريخ والجغرافيا والقانون والاجتماع التي تتحدث عن تاريخ القدس وفلسطين .
باب المغاربة
وأثناء وجودنا في المسجد , كان لابد أن نزور منطقة باب المغاربة حيث تجري الاعتداءات والحفريات الإسرائيلية , على مقربة من حائط البراق , الذي يطلق عليه اليهود ( حائط المبكى ) حيث تجمع مئات اليهود المتشددين لأداء طقوسهم الدينية بمناسبة الاحتفال بعيد الفصح اليهودي , وأثناء ذلك حاول عشرات المتدينين المتطرفين اقتحام المسجد الأقصى وهم يحملون مجسم الهيكل اليهودي , الذي يحاول اليهود إعادة بنائه بعد هدم المسجد الأقصى , بادعاء أن المسجد الأقصى بني على جبل الهيكل المزعوم , وعلى رغم تواطؤ جنود الحراسة عند باب المغاربة مع اليهود المتطرفين والسماح لهم بدخول المسجد من تلك المنطقة , إلا أن حراس وسدنة المسجد والمصلين تصدوا لليهود المتطرفين ومنعوهم من اقتحام المسجد الأقصى.