أفضل مستشفيات العالم العربي!

عبدالاله الهوساوي

تناقلت وسائل الإعلام الرسمية العربية مؤخرا تصنيفا لأفضل المستشفيات في العالم العربي بحسب مختبرات Cybermetrics الأسبانية، ومن موقع اهتمامي الخاص بمعايير التصنيف والاعتماد بدأت الاستقصاء بالأمر المنطقي أولا، وهو التحقق من مراجع التصنيف ومنهجيته، وهنا كانت المفاجأة والتي سأسردها في نقاط محددة:
• مازال موقع التصنيف الرسمي، وحتى كتابة هذا المقال، خارج الخدمة. فقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي هذا التصنيف، وتم البناء عليه من قبل مواقع الأخبار والجرائد الرسمية دون الرجوع إلى الموقع الرئيسي للتصنيف!.
• يعتمد التصنيف على ما يسمى ب‍ (Webometrics)، وهو تصنيف المواقع الالكترونية للمستشفيات بمعايير معينة تشمل: عدد الروابط الخارجية إلى موقع المستشفى الالكتروني، عدد الصفحات على الموقع، عدد الملفات التي يمكن للمتصفح تنزيلها من الموقع والمرتبطة بموقع البحث (Google Scholar)! وكما يلاحظ القارئ الكريم، لا يوجد أي «معايير» حقيقية مرتبطة بالجودة أو الخدمة المقدمة!.
• ليس هناك أي دراسة ميدانية مرتبطة بهذا التصنيف أو تحقق من أي من المعلومات أو جودة الرعاية الطبية، فهي تعتمد على المواقع الاكترونية فقط لا غير، مما لا يعطي تقييما حقيقيا لأداء هذه المستشفيات و مستوى الجودة داخلها.
• هذه التقنية كما تصنفها الجهة القائمة عليها هي مرتبطة بشكل مباشر بحجم الموقع الالكتروني للمستشفى وتاريخه، وهو ما يسمى بعامل التأثير الالكتروني (Web Impact Factor)، وليس هناك أي ارتباط بين ذلك وبين ما يتم تقديمه واقعا في المستشفى، بل إن الجهة القائمة على البحث تؤكد أن أحد عوائق البحث وجود بعض أسماء مواقع لمؤسسات صحية غير موجودة أصلا !.
إني أجزم أن الجهة القائمة على هذا التصنيف لم تتعمد أن يؤخذ هذا التصنيف بالطريقة التي تناولته وسائل الإعلام، ولكنني أضع هنا أكثر من سؤال عن واجبنا نحن والمسؤولون في وضع الأمور في سياقها الصحيح، الذي لا يتعدى في هذه الحالة تصنيف المواقع الالكترونية للمستشفيات!.
من الناحية الإيجابية، إن التفاعل الكبير مع هذه الدراسة واحتفاء المسؤولين في المؤسسات الصحية عن تواجد مستشفيات المملكة ضمن «الأفضل» ترتيبا، إنما يؤكد تعطش الكثير لتصنيف منهجي للمستشفيات مبني على الأدلة والبراهين وأفضل الممارسات العلمية للرعاية الصحية، ويتضمن ذلك مؤشرات الجودة كالنتائج والمخرجات السريرية (Clinical Outcomes)، وسلامة المرضى، معدلات العدوى (Infection Rates)، إضافة إلى مؤشرات رضا المرضى (Patient Satisfaction). وسيكون لهذا التصنيف الأثر الإيجابي الكبير على اختيارات المرضى للمستشفيات، كما أنه سيدفع بالمنافسة بينهم على الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة.
إن تبني هذا البرنامج من قبل الجهات الرسمية أثبت نجاحه في العديد من البلدان، لكن لا بد لاستمراره من إرادة قوية وتضمينه في استراتيجية متكاملة للرعاية الصحية، وهو ما نأمل أن نراه قريبا إن شاء الله هنا في المملكة..