إيران .. بنظامها الثيوقراطي الحالي؟!
السبت / 30 / شوال / 1436 هـ السبت 15 أغسطس 2015 20:04
صدقة يحي فاضل
تمتلك إيران قدرا كبيرا ــ نسبيا ــ من كل من عناصر»قوة الدولة» الستة، وهي : الموقع الجغرافي والطوبوغرافى، نوع وكم السكان، الموارد الطبيعية، القدرات التقنية، القوة العسكرية، والإدارة السياسية (نظام الحكم). فمن حيث الموقع، تقع في ملتقى قارات العالم القديم الثلاث، وتوجد بها سهول زراعية خصبة، ترفدها أنهار جارية، بمجموع مساحة قدرها 1.648.000 كم2. ويسكنها الآن حوالي 80 مليون نسمة، تبلغ نسبة الأمية فيهم حوالي 15%. وغالبيتهم تحت سن 26 عاما.
ولكن هذا العدد متنوع الثقافات والمذاهب والأعراق.. وإن ظلت السيادة للعنصر الآرى، المعتنق للمذهب الشيعي. فضمن سكان إيران، تجد: الفرس والعرب والبلوش والأكراد والتركمان... إلخ. كما يتواجد السنة، ومذاهب وأديان أخرى، جنبا إلى جنب مع المذهب الجعفري الشيعي. لهذا، ما زالت درجة انصهار «الشعب» الإيراني محدودة.
أما الموارد الطبيعية، فإيران غنية بمواردها الزراعية والمعدنية، المختلفة.. وفيها احتياطيات كبيرة من المعادن الهامة، إضافة لكونها إحدى الدول المنتجة والمصدرة الرئيسة للنفط والغاز. ومن حيث قدرات شعبها التقنية، تعتبر إيران واحدة من أكثر دول العالم الثالث تقدما تقنيا، وإن ما زالت بنيتها التقنية متواضعة ــ مقارنة بالدول الصناعية. وعسكريا، فإن لديها جيشا قويا ــ نسبيا ــ مزودا بأسلحة أمريكية وروسية وصينية وإيرانية.. وإيران قادرة على امتلاك الخيار النووي ــ المصنع ذاتيا ــ في مدى سنتين من الآن، إن تمكنت من الإفلات من الرقابة والمعارضة الدولية الصارمة التي تواجهها منذ سنوات، والتي ينص عليها الاتفاق النووي الذي أبرم مؤخرا بين ايران ومجموعة دول 5 + 1.
****
أما إدارتها العليا الحالية (حكومتها)، فإن أهم ما يلاحظ عليه، هو:
1 ــ كون المذهب الجعفري وحده هو مصدر التشريع الرئيس فيه.
2 ــ وجود منصب «المرشد الأعلى».. والذي يختار من قبل كبار رجالات الدين، ولهذا المرشد سلطات واسعة جدا.. تفوق ما للسلطات الرئيسة الثلاث من صلاحيات.
3 ــ تواجد مؤسستين رقابيتين (مصلحة تشخيص النظام، ومصلحة صيانة الدستور) غير منتخبتين، ولهما سلطات كبيرة.
4 ــ حصر «الترشيح» لمناصب السلطات العليا الثلاث في المزكين من قبل بعض رجال الدين، والذين توافق مصلحة صيانة الدستور على ترشحهم.
5 ــ وجود قيود مشددة على نشاط الأحزاب السياسية، بأنواعها.
6 ــ تقييد الكثير من الحريات العامة.
****
ومن ذلك، نرى أن هذا النظام ما زال إقصائيا.. والمشاركة السياسية الشعبية فيه محدودة، نسبيا.. الأمر الذي يتسبب ــ في المديين المتوسط والطويل ــ في نشوء «عدم استقرار سياسي» مبطن... يمكن أن تنتج عنه ــ إن اشتعل فتيله ــ قلاقل سياسية.. غالبا ما ستؤدى إلى تمزق البلاد، وضعفها وتخلفها.
إن عنصر»النظام السياسي» هو أهم العناصر الستة لقوة الدولة ــ أي دولة؛ لأنه العنصر الذي إن صلح، صلح كل شيء، وإن فسد، خرب كل شيء، في الحياة العامة. فالنظام السياسي يمكن أن يرفع بيوتا لا عماد لها، ويمكن أن يهدم أصلب بيوت العز والشرف. إن النظام السياسي (لأى بلد) هو: الإدارة العليا لشؤنها العامة.. وهذه «الإدارة» غالبا ما تبنى ــ إن صلحت ــ وتهدم إن فسدت.
وفى الوقت الراهن، نجد أن عنصر «النظام السياسي» في إيران، هو من أضعف العناصر الستة بها.. للأسباب التي ذكرت آنفا، ولهيمنة الملالي على مفاصله الأساسية. ولو تم تفادى أهم ما يؤخذ عليه حاليا، لربما تمكن من قيادة إيران.. لتصبح قوة إقليمية أكبر، على مستوى المنطقة. ورغم ما يسببه هذا النظام من بعض استياء في الداخل، وتخبط في الخارج (نتيجة لبعض السياسات الخارجية السلبية)، إلا أن «قوة» إيران ــ بصفة عامة ــ في تصاعد بطيء.
إن محاولة فهم السياسة الخارجية والداخلية الحالية لإيران لا يمكن أن تكتمل إلا عبر فهم نظامها السياسي الثيوقراطي الحالي؛ لأنه ــ وحتى إشعار آخر ــ هو الذي يقود التوجه العام لإيران، ويصبغه بطابعه المميز. لنفترض أن هذا النظام سيستمر لعقد قادم ــ على الأقل ــ ونتساءل: ماذا تريد إيران ــ بنظامها هذا ــ من المنطقة، والعالم، في المدى القصير؟! سنحاول الإجابة ــ بإيجاز ــ على هذا التساؤل الهام، في المقال القادم.
ولكن هذا العدد متنوع الثقافات والمذاهب والأعراق.. وإن ظلت السيادة للعنصر الآرى، المعتنق للمذهب الشيعي. فضمن سكان إيران، تجد: الفرس والعرب والبلوش والأكراد والتركمان... إلخ. كما يتواجد السنة، ومذاهب وأديان أخرى، جنبا إلى جنب مع المذهب الجعفري الشيعي. لهذا، ما زالت درجة انصهار «الشعب» الإيراني محدودة.
أما الموارد الطبيعية، فإيران غنية بمواردها الزراعية والمعدنية، المختلفة.. وفيها احتياطيات كبيرة من المعادن الهامة، إضافة لكونها إحدى الدول المنتجة والمصدرة الرئيسة للنفط والغاز. ومن حيث قدرات شعبها التقنية، تعتبر إيران واحدة من أكثر دول العالم الثالث تقدما تقنيا، وإن ما زالت بنيتها التقنية متواضعة ــ مقارنة بالدول الصناعية. وعسكريا، فإن لديها جيشا قويا ــ نسبيا ــ مزودا بأسلحة أمريكية وروسية وصينية وإيرانية.. وإيران قادرة على امتلاك الخيار النووي ــ المصنع ذاتيا ــ في مدى سنتين من الآن، إن تمكنت من الإفلات من الرقابة والمعارضة الدولية الصارمة التي تواجهها منذ سنوات، والتي ينص عليها الاتفاق النووي الذي أبرم مؤخرا بين ايران ومجموعة دول 5 + 1.
****
أما إدارتها العليا الحالية (حكومتها)، فإن أهم ما يلاحظ عليه، هو:
1 ــ كون المذهب الجعفري وحده هو مصدر التشريع الرئيس فيه.
2 ــ وجود منصب «المرشد الأعلى».. والذي يختار من قبل كبار رجالات الدين، ولهذا المرشد سلطات واسعة جدا.. تفوق ما للسلطات الرئيسة الثلاث من صلاحيات.
3 ــ تواجد مؤسستين رقابيتين (مصلحة تشخيص النظام، ومصلحة صيانة الدستور) غير منتخبتين، ولهما سلطات كبيرة.
4 ــ حصر «الترشيح» لمناصب السلطات العليا الثلاث في المزكين من قبل بعض رجال الدين، والذين توافق مصلحة صيانة الدستور على ترشحهم.
5 ــ وجود قيود مشددة على نشاط الأحزاب السياسية، بأنواعها.
6 ــ تقييد الكثير من الحريات العامة.
****
ومن ذلك، نرى أن هذا النظام ما زال إقصائيا.. والمشاركة السياسية الشعبية فيه محدودة، نسبيا.. الأمر الذي يتسبب ــ في المديين المتوسط والطويل ــ في نشوء «عدم استقرار سياسي» مبطن... يمكن أن تنتج عنه ــ إن اشتعل فتيله ــ قلاقل سياسية.. غالبا ما ستؤدى إلى تمزق البلاد، وضعفها وتخلفها.
إن عنصر»النظام السياسي» هو أهم العناصر الستة لقوة الدولة ــ أي دولة؛ لأنه العنصر الذي إن صلح، صلح كل شيء، وإن فسد، خرب كل شيء، في الحياة العامة. فالنظام السياسي يمكن أن يرفع بيوتا لا عماد لها، ويمكن أن يهدم أصلب بيوت العز والشرف. إن النظام السياسي (لأى بلد) هو: الإدارة العليا لشؤنها العامة.. وهذه «الإدارة» غالبا ما تبنى ــ إن صلحت ــ وتهدم إن فسدت.
وفى الوقت الراهن، نجد أن عنصر «النظام السياسي» في إيران، هو من أضعف العناصر الستة بها.. للأسباب التي ذكرت آنفا، ولهيمنة الملالي على مفاصله الأساسية. ولو تم تفادى أهم ما يؤخذ عليه حاليا، لربما تمكن من قيادة إيران.. لتصبح قوة إقليمية أكبر، على مستوى المنطقة. ورغم ما يسببه هذا النظام من بعض استياء في الداخل، وتخبط في الخارج (نتيجة لبعض السياسات الخارجية السلبية)، إلا أن «قوة» إيران ــ بصفة عامة ــ في تصاعد بطيء.
إن محاولة فهم السياسة الخارجية والداخلية الحالية لإيران لا يمكن أن تكتمل إلا عبر فهم نظامها السياسي الثيوقراطي الحالي؛ لأنه ــ وحتى إشعار آخر ــ هو الذي يقود التوجه العام لإيران، ويصبغه بطابعه المميز. لنفترض أن هذا النظام سيستمر لعقد قادم ــ على الأقل ــ ونتساءل: ماذا تريد إيران ــ بنظامها هذا ــ من المنطقة، والعالم، في المدى القصير؟! سنحاول الإجابة ــ بإيجاز ــ على هذا التساؤل الهام، في المقال القادم.