معنا على الهاتف

عبدالعزيز محمد النهاري

يبدو أن القنوات الفضائية التلفزيونية ستعاني، أو هي تعاني فعلا، من أزمة حادة لتوفير مشاركين ومتحدثين في أمور السياسة والاقتصاد وكل الأمور الحياتية الأخرى، لتغطية حاجة البرامج الحوارية، التي يمتلئ بها جدولها اليومي، وهي برامج تعتمد على الكلام، والأخذ والرد، الذي يتحول أحيانا، وفي بعض البرامج، إلى نقاش يدوي، يبدأ بالشتيمة، ويتطور إلى تقاذف كاسات الماء، والكراسي، وطاولة الحوار، وهي في الحقيقة متعة لمن يبحث عن قضاء الوقت في الابتسامة، ومشاهدة اللقطات الكوميدية التي تبعث على الضحك، فالعملية لا تتعدى أن يذهب «الطفشان» أو الذي ينتظر دوره في أحد مكاتب «السعودية» إلى موقع «يوتيوب» على جواله أو حاسوبه، ويبحث عن «مضاربات على الهواء» أو «مضاربات البرامج الحوارية» وسيجد حتما ما يخرجه من طفشه، أو من حالة «الكرب» التي تعتريه عندما يشاهد يوميا وعلى مدار الساعة، أخبار القتل، والتدمير، ومناظر الدماء والدمار، وبكاء الأطفال، وغرق الهاربين من الجوع والفقر والظلم، والبراميل المتفجرة، والسيارات المفخخة، ومن داعش، والقاعدة ومن يشايعهم من المارقين والطغاة.
وتحتاج القنوات أيضا إلى جانب برامج «الكلام»، وفي الفترات الإخبارية، الى معلقين لا يمانعون من المشاركة والظهور للتعليق على أي شيء، ومن أي قناة، فتلك القنوات أو بالأحرى من يشاهدها، قد تعود على رؤية أسماء شبه ثابتة، تحت مسمى، «كاتب سياسي»، «محلل استراتيجي»، باحث في (أي تخصص)، وقد يظهر بعض أولئك في عدة قنوات وعلى مدار الأسبوع، وربما في اليوم الواحد مباشرة، بعد أن نسمع من المذيع الجملة المعتادة «معنا من لندن» أو من «بيروت» وهما العاصمتان الأكثر وفرة في المعلقين ومن كل الجنسيات والمذاهب والتوجهات والمواقف. وهم شبه متفرغين للظهور في أي وقت وللدخول في أي موضوع.
وأمام هذا العبث الذي نراه من قنوات العرب أو من تلك الناطقة بالعربية من قنوات الغرب، يظل المشاهد العربي أمام «سيرك» متعدد الفقرات وخصوصا فقرة «المهرجين» التي تجعله يحول إلى قناة «الحيوانات» وهو يقول «لاحول ولا قوة إلا بالله».