من أجل رعاية صحية أفضل 4

زهير أحمد السباعي

البدائل والأولويات
في زمن مضى كان لدي اهتمام ببحثين في نفس الآونة. أولهما عن تواجد مرض الفيل في المملكة (مرض يسببه طفيلي يصيب الأوعية اللمفاوية في الجسم خاصة في الأطراف وينتج عنه تضخم فيها)، والثاني عن احتياجات المملكة إلى القوى البشرية الصحية.
أجريت دراستي عن مرض الفيل في بعض مناطق المملكة فوجدته من الندرة بمكان إذ لم أجد غير حالات محدودة وثقتها بالصور. وقمت بدراسة حاجة المملكة إلى القوى البشرية والتي تعد من أهم العوامل لتطوير الخدمات الصحية إن لم تكن أهمها، وتحتاج إلى كثير من الجهد والمال لتحقيق أهدافنا فيها. نقلت الدراستين إلى مسؤول في الصحة. فوقف طويلا أمام صور مرضى الفيل (المرعبة). أشاد بالبحث، وأكد على ضرورة الاهتمام بالموضوع. في حين أن دراسة القوى البشرية لم تحظ منه بجزء من هذا الاهتمام. هذه صورة حية للأوليات عندما توضع بناء على الانطباعات بدلا من الاستناد إلى حقائق.
ليس المطلوب عند استعراض البدائل والأولويات إما أن نحقق هذا أو ذاك منها، وإنما هو إيجاد التوازن السليم بين الخيارات - أضرب فيما يلي أمثلة للبدائل والأولويات التي يجب أن نضعها نصب أعيننا ونحن في سبيلنا لتخطيط صحي بأسلوب علمي.
- مراكز الرعاية الصحية الأولية أقل تكلفة وأجدر بتوفير الرعاية الصحية الشاملة مقارنة بالمستشفيات. ترى هل من الأولى التوسع في إنشاء المستشفيات أم المراكز الصحية؟
- هل من الأولى لوزارة الصحة الاستمرار في إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية أم تركها (تدريجيا) للقطاع الخاص مع إلزامه بمعايير الجودة، وتوفير التأمين الصحي لأفراد المجتمع - ومن ثم تتفرغ الوزارة للتخطيط، وتطوير القوى البشرية، والبرامج الوقائية، والمتابعة والتقييم، بدلا من الانشغال بالتنفيذ؟
- أفضل رعاية صحية تلك التي تقدم إلى الفرد قريبا منه ومن أسرته وتعنى بالرعاية الصحية الشاملة (الوقائية والعلاجية) والممتدة (قبل المرض وبعده).
ترى هل من الأولى في بلادنا المترامية الأطراف التوسع في إنشاء المدن الطبية الضخمة والمكلفة والتي قد يشد المريض إليها الرحال، أم إنشاء المؤسسات الصحية الصغيرة والمتوسطة القادرة على الوصول إلى الفرد مع أسرته وفي بيئته؟ وللحديث بقية.