السعودية في الصدارة.. كما تمنينا

مكارم صبحي بترجي

تحقق الحلم الذي كم تمنيناه كثيرا وناشدناه في أبنائنا من خلال تنمية أفكارهم ودعم مواهبهم بالشكل الذي يمكنهم من الوصول إلى أبعد ما يصبون إليه من خلال تنمية ما يصلون إليه بشكل أكبر والاتجاه به إلى الطريق الصحيح وتوفير كافة الإمكانيات المطلوبة لكي يتمكن الموهوبون من استثمار ما لديهم من أفكار خلاقة.
فقد جاءت البشرى وقت صدر مؤشر «الابتكار العالمي» لعام 2015 الذي يتعقب أداء 141 دولة واقتصادا في أنحاء العالم، ويعتمد في تصنيفه على 79 مؤشرا ومعيارا فرعيا؛ منها كفاءة الجامعات، وعدد براءات الاختراع، وقوة تأثير الأبحاث لكل دولة على حدة.. لتأتي مملكتنا المباركة على رأس قائمة الدول العربية في مجال الابتكارات.. فعلى الصعيد العالمي، حلت ألمانيا في المركز الـ12، وكندا الـ16، واليابان الـ19، وفرنسا الـ21.. أما عن الدول العربية فقد جاءت السعودية في المركز الأول.
وما يدعو للفخر أن القياس ركز على جوانب هامة جدا خلال عمليات الرصد ألا وهي «دور السياسات الابتكارية في دعم التنمية»، وهذا أمر حيوي يتحقق من مرتكزات هامة ذات تقديرات ليست باليسير تقديرها وتوفرها في بلدان كثيرة.. فلقد أشار التقرير إلى أن الدول المتقدمة والنامية تشترك في جهودها الدؤوبة للاستفادة من الابتكار والعلم في تعزيز أداء اقتصاداتها، وبينما نجحت بعض الدول في ذلك ما زالت هناك دول أخرى تعاني لجني ثمار جهودها.. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على إخلاص رجال بلادنا وبذلهم لجهد كبير متفانٍ لتترجم رؤوس الأموال وتفرز علماء ومبتكرين يستفاد منهم على المدى البعيد ويكون لهم يد كبيرة في النهوض باقتصاداتنا بشكل علمي مدروس يوظف الأموال في مكانها الصحيح وبما يعود على الوطن والمواطن بالخير الوفير.
وكما كانت دعواتنا للاهتمام بالموهبة والابتكار ودعمها من قبل العديد من الجهات، وجدنا تأكيد التقرير أن زيادة ربط قطاع الأعمال بالمؤسسات العلمية والعلماء يعد أحد أكبر أسباب النجاح الاقتصادي.. وأكد الخبراء أن هذا الأمر يعد أحد أكبر التحديات أمام الاقتصادات النامية التي تخصص الجزء الأكبر من مواردها لجذب الاستثمارات الأجنبية.. والتقرير ألمح إلى أن هذه الدول أدركت أن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لتحقيق النتائج المرجوة لاقتصاداتها، ودعا قادتها لزيادة التركيز على الابتكار وتطوير البحث العلمي لدعم نمو الاقتصاد المحلي وإيجاد حلول غير تقليدية للتحديات الداخلية التي تواجهها.
ورصد التقرير أن الاقتصادات الأعلى دخلا المراكز الـ25 الأولى باستثناء جمهورية التشيك التي حققت المركز الـ24، وآيرلندا التي حلت في المركز الثامن، بينما بعض الدول سجلت أداء متميزا من حيث جودة الابتكار يشابه أداء دول الـ25 رغم أنها لم تحل ضمن هذه القائمة مثل الصين (29) و«ماليزيا» (32).. يدل على أهمية توظيف اقتصاداتنا في مواقعها الصحيحة.. أيضا فقد نجحت الاقتصادات متوسطة الدخل في تقليص الفجوة مع الاقتصادات الأعلى دخلا من حيث مستوى وجودة الابتكار، وتصدرت الصين هذه الفئة بفضل تطوير أداء مؤسسات التعليم العالي، تليها البرازيل والهند.. وهناك دول فاق أداؤها الابتكاري نظيراتها من الدول ذات الدخل الاقتصادي المتقارب مثل الأردن وفيتنام وكينيا وأوغندا.
وهنا نوجه الدعوة للجميع وفي مقدمتهم لرجال الأعمال من السعي قدما نحو تمكين الابتكار، وإدراج الموهوبين على قائمة برامجهم ونشاطاتهم.. وأقول إن الدور اليوم يجب ألا يرتكز فقط على ما توفره الدولة، فرجال الاقتصاد هم نواة الانطلاقة نحو جديد المستقبل، ولكي يردوا الجميل لبلادهم التي وفرت لهم سبل الاستثمار.