من أجل رعاية صحية أفضل 7

زهير أحمد السباعي

اللامركزية.. لمَ لا؟
بعد التصاريح التي أدلى بها معالي وزير الصحة إلى وسائل الإعلام قبل فترة من الزمن من أن وزارة الصحة سوف تسعى إلى توفير الرعاية الصحية الشاملة، والارتقاء بمستوى الرعاية الصحية الأولية، أجدني متفائلا لأن ما قاله معالي الوزير يعني أن الوزارة سوف تتفرغ للتطوير بما في ذلك وضع الأهداف والمعايير والمساندة والتقييم، وتترك عملية التنفيذ على المستوى المحلي لمديريات الشؤون الصحية.
سوف أفترض هنا أن وزارة الصحة ومعها وزارة المالية اتفقتا على إعطاء كل مديرية شؤون صحية ميزانيتها الخاصة بها تبعا لعدد سكان المنطقة وطبيعتها الجغرافية ونوعية المشاكل الصحية فيها. مع كافة الصلاحيات المالية والإدارية التي تتيح لها الفرصة للحركة والإبداع، ومديريات الشؤون الصحية قامت بدورها بإعطاء الصلاحيات من أجل الحركة والإبداع لمديري المستشفيات والمراكز الصحية، وخصص لكل مستشفى ومركز صحي ميزانية محددة يشرف على صرفها مجلس إدارة يشارك فيه أفراد مختارون من المجتمع. ذلك بعد الإعداد الجيد الذي يتمثل في حسن اختيار المسؤولين، وتدريبهم على أسلوب الإدارة بالأهداف.
لو أن وزارة الصحة أخذت بهذا الاتجاه، فستكون قد بذرت بذلك بذور الإصلاح الحقيقي للرعاية الصحية. تصوروا معي مدير الشؤون الصحية ورفاقه في العمل وقد أعطوا كامل الصلاحية للعمل بالمشاركة مع نخبة من أفراد المجتمع، وبدون الرجوع إلى الوزارة إلا في الأمور التي تتصل بالأمن القومي الصحي. ثم حوسبوا على النتائج. ألا ترون معي أن هذا أجدر بالارتفاع بمستوى الرعاية الصحية؟
لسنا في ذلك بدعة، إذ إن أكثر البلدان المتقدمة اقتصاديا طبقت هذا المفهوم الذي يتلخص في كلمات قلائل توجه إلى المسؤول بعد أن يحسن اختياره «سوف نوفر لك كل الإمكانات الممكنة، ونعطيك كافة الصلاحية للتصرف. ثم نقيم النتائج التي أحرزتها. نكافئك إن أحسنت، ونحاسبك لو أسأت». أتمنى أن لا يفاجئني أحدكم كما فاجأني ذات يوم مسؤول كبير في الصحة طرحت عليه الفكرة فكان جوابه: وأين هم المديرون الذين تطمئن النفس إلى إعطائهم الصلاحيات. عجبي.. وهل تراها أعقمت!
بهذا الأسلوب (التدريجي والمعد له إعدادا جيدا) من العمل غير المركزي سوف تتمكن وزارة الصحة من التفرغ للتخطيط بعيد المدى 25 سنة، كما ستتمكن من وضع المعايير الصحيحة للرعاية الصحية، وأعني بذلك معدلات الوفيات والأمراض، وليس المعدلات المألوفة مثل عدد الأسرة وعدد المستشفيات والأطباء، فهذه وسائل أكثر من كونها أهدافا.