«البقشيش» إجباري لتنظيف السمك

مساومات في بنقلة جدة

«البقشيش» إجباري لتنظيف السمك

نصير المغامسي (جدة)

النقاشات الحادة والخلافات المستمرة في سوق السمك المركزي بجدة، أصبحت هي السمة السائدة بين مرتادي السوق وعمال تنظيف وتجهيز الأسماك والروبيان، الذين اعتادوا المطالبة بدفع «البقشيش» رغم أن خدمة التنظيف والتجهيز تدفع مسبقا لإدارة السوق، إلا أن تجاوزات العمالة تبدأ برفض تقديم الخدمة بحجة «الانشغال»، ولا تنتهي سوى بدفع البقشيش، أو التبرم والامتعاض والنقاش الحاد أمام الجميع.
في البدء يقول المتسوق عبدالرحمن الخميسة إنه لا يمكن أن يأتي لسوق السمك إلا وقد دفع ما يتراوح بين 10 إلى 20 ريالا لعمال تنظيف وتجهيز السمك «كبقشيش» كي يتمكن من الحصول على سمك أو روبيان دون شوائب. وقال: «أدفع البقشيش على أمل الحصول على سمك وروبيان نظيفة من الشوائب والمخلفات، لكن في كثير من الأحيان لا أحصل على ذلك رغم دفعي للبقشيش».


إحراج وعشوائية
وأضاف الخميسة: «لا أعتقد أن العمالة الموجودة في السوق محترفة مهنيا، سوى في المطالبة وبصوت عال (بالبقشيش) بهدف إحراج الزبون وإرغامه على الدفع، لكن ذلك أمر لا يمر بسلام على جميع الزبائن في سوق السمك، وعادة ما تحصل ملاسنات ومشاحنات، وبدلا من استمرار هذا الحال يجب على إدارة السوق معاقبة هذه العمالة، وإلزامها بتقديم أفضل ما لديها من خدمة ووفق تنطيم واضح وليس عشوائيا كما هو حاصل الآن، فلا يعقل أن تأخذ إدارة السوق رسوم خدمة التنظيف والتجهيز لكل كيلو من السمك والروبيان، وبعدها تترك الزبون للعشوائية وللمساومة للحصول على هذه الخدمة».
صدقة وتشجيع
ويؤكد عبدالله اليماني إن أكثر ما يزعجه عند ارتياده لسوق السمك، مطالبة عمالة التجهيز والتنظيف له بدفع البقشيش وكأنه لم يقم بدفع الرسوم المترتبة على هذه الخدمة. ويقول: «أكثر ما يزعجني هو مطالبتي وبصوت عال من قبل هذه العمالة أن أدفع البقشيش، وكأنني لم أقم بسداد رسوم خدمة التجهيز والتنظيف عند المدخل الرئيسي لهذه الخدمة، وهو ما يتكرر بشكل يومي مع كثير من الزبائن، دون أن تحرك إدارة السوق ساكنا».
وأضاف اليماني: «بصراحة هذا أمر مزعج ومحرج لجميع الزبائن في سوق السمك الذين يرون أن (البقشيش) لا يجب أن يطالب به، وإنما هو شيء يدفعه الزبون من باب (الصدقة) أو التشجيع على العمل».
التظاهر بالانشغال
ويضيف عبدالعزيز الوداني بالقول: «العشوائية في سوق السمك أكثر ما تتجلى في الحيز المخصص لتنظيف وتجهيز السمك والروبيان، حيث يرفض كثير من العمال هناك استقبال الزبائن بحجة أنهم مشغولون بزبائن آخرين، وإذا قاموا بعملهم في تجيهز وتنظيف السمك أو الروبيان فإن الزبون لن يفك منهم ما لم يدفع (البقشيش) وإلا كان نصيبه منهم التسخط والامتعاض أمام مرأى الجميع».
وأضاف: «لا أدري إلى متى سيستمر هذا الوضع، خاصة أنه قد يحدث ما لا يحمد عقباه إذا ما اشتد نقاش الزبائن مع هؤلاء العاملين. فإذا كانت إدارة السوق ترى أن في الأمر سعة فلماذا لا يكون الأمر كذلك حين تطالب الزبون بدفع رسوم كل كيلو من السمك والروبيان للحصول على خدمة التنظيف والتجهيز».
لا للبقشيش
«إيدوس محمد» متسوق من الجنسية الإندونيسية أكد أنه رغم تردده كثيرا على سوق السمك، إلا أنه لم يسمع في يوم من يطالبه بدفع البقشيش نظير خدمة وتجهيز السمك والروبيان. وقال: «سنوات عدة وأنا أتسوق في هذا السوق، وأقوم بنفسي بالإشراف على العمالة التي تقوم بتنظيف وتجهيز السمك الذي أشتريه من السوق، لكنني لم أسمع أحدا من هؤلاء العمال من يطالبني بدفع (بقشيش) في يوم من الأيام». وأضاف: «أسمع وأرى مشاهد من هذا النوع تجري أمامي، لكنني لم أتعرض لها أبدا، ولا أتوقع ذلك إن شاء الله».
وأكد إبراهيم شيراز (هندي) أن مطالبته بدفع البقشيش نظير خدمة تجهيز وتنظيف السمك لم تتكرر كثيرا لأنه لا يدفع (البقشيش) تحت أي من الظروف. وقال: «لماذا أدفع البقشيش وقد قمت بسداد رسوم خدمة التجهيز والتنظيف مسبقا، بل وقمت بدفع قيمة (الكيس) الذي من خلاله أقوم بحمل السمك الذي ابتعته من السوق».
وأضاف: «إشكالية (البقشيش) يمكن تجاوزها بالامتناع عن دفعه، لكن كيف يمكن تجاوز العشوائية التي تقوم بها عمالة خدمة تنظيف وتجهيز السمك والروبيان أثناء استقبالها للزبائن، الأمر الذي مازال يتكرر حتى الآن».
ويضيف أشرف خان (باكستاني) أنه لم يقم بدفع بقشيش ولن يقوم بذلك أبدا نحو العمالة التي تقوم بتجهيز وتنظيف السمك، وقال: «لماذا أدفع طالما دفعت رسوم ذلك مسبقا. ولماذا يطالب العمال القائمون على هذه الخدمة بدفع (بقشيش) نظير عمل مكلفين به، بل وتقديمه في أجود ما يكون».
مشاهد وتعقيب
كان تفقد صحيفة «عكاظ» لسوق السمك المركزي في تمام الخامسة والنصف من مساء الجمعة الماضية، حيث يزدحم السوق عادة بالمتسوقين في مثل هذا الوقت من كل أسبوع، إلا أن «كاميرا» الصحيفة لم يتسن لها رصد مطالب «البقشيش» ومشاهد العشوائية المتعارف عليها في حيز تنظيف وتجهيز الأسماك والروبيان؛ بسبب رفض أمن السوق لذلك، حيث طالب «الأمن» في بادئ الأمر موافقة إدارة السوق، ومن ثم بتصريح مكتوب من أمانة مدينة جدة للموافقة على التصوير، برغم أن الوقت كان مساء يوم الجمعة.. حيث بداية الإجازة الأسبوعية للإدارات والمرافق الحكومية. وعوضا عن ذلك استطاعت «عكاظ» التواصل مع المهندس فواز الحربي أحد المسؤولين في إدارة السوق، الذي أرجع التعليق على تساؤلات المتسوقين ومطالبهم والإذن بتصوير سوق السمك إلى إدارة العلاقات العامة في أمانة مدينة جدة، التي جرت مخاطبة المتحدث باسمها الأستاذ محمد البقمي بما سبق الحديث عنه، ولازلنا ننتظر منه الرد حتى هذه اللحظة.
ومع ذلك، رصدت «عكاظ» من خارج سوق السمك المركزي آراء المتسوقين المتفرقة، التي اتفقت على معاناتهم من العشوائية في حيز تجهيز وتنظيف الأسماك، حيث تقوم العمالة هناك بتقسيمهم بين «سعودي» و«وافد» للحصول على «البقشيش» ولو بالجهر بصوت عال.