المريخ يرحب بكم!

عزيزة المانع

في وسط هذا الخضم الهائل الذي تغرق فيه منطقتنا العربية، من الأخبار السياسية والعسكرية والأمنية، يبدو متوقعا أن تأخذ الأخبار العلمية مكانا قصيا، فتنزوي بعيدا عن أعين الناس لا يكترث لها أحد، مهما بلغت من الإثارة والغرابة!
من ذلك خبر اكتشاف ناسا وجود ماء سائل غير متجمد على سطح المريخ، الذي مر بالناس مرورا عابرا لم يتوقف عنده كثيرون، فمر محفوفا بالصمت والسكون!
أمام أخبار اكتشاف الخلايا الإرهابية والمعارك القتالية والمشاحنات السياسية، تضحي الأخبار العلمية باردة لا تثير اهتمام أحد مهما كانت مفاجئة ومثيرة.
يقول العلماء إنهم كانوا يعرفون من قبل بوجود الماء على المريخ، لكنهم كانوا يرونه في الصور ماء متجمدا، لذا لما رأوه هذه المرة ينساب عبر المنحدرات، عدوا ذلك كشفا جديدا أورثهم نشوة بالغة!! فوجود الماء ينساب على سطح المريخ يشير إلى احتمال وجود حياة فوق سطحه، حتى وإن كان ماء مالحا.
انصرف اهتمام العلماء إلى التفكير في الخطوة التالية، وهي أن يرسلوا مسبارا يقوم بالحفر في التربة المريخية على عمق مترين للتنقيب عن أي أثر لحياة ماضية أو حالية، حتى وإن كان مجرد ميكروبات بدائية.
لكن ثمة مشكلة يواجهها أولئك العلماء تعوق انطلاقهم، وهي أن الاتفاقيات الدولية تحظر على وكالات البحث الفضائية نقل أي ملوثات من الأرض إلى الكواكب الأخرى، وهذا يعني عدم التسرع في إرسال المسبار خشية أن ينقل معه بكتيريا من الأرض، وعليهم أن يجدوا أولا وسيلة تمنع حدوث ذلك.
عشية إعلان ناسا هذا الخبر المثير، أظهر الناس في أمريكا ردود أفعال متنوعة، بعضهم اتخذ منه مادة للفكاهة، وبعضهم اتخذ منه سببا لانتقاد إنفاق الأموال الكثيرة على أبحاث الفضاء، بينما البشر على الأرض مازالوا يعانون من الأمراض والشح في تأمين الرعاية الصحية، وبعضهم أخذ يتهكم على الفرح باكتشاف الماء على المريخ بينما البشر على الأرض لا يقيمون وزنا للمحافظة على الماء في الأرض، حيث يذهب ما يقارب 60% من ماء الري هدرا بسبب عدم المبالاة في ترشيد عمليات الري، وتعرض كثير من مصادر المياه في الأرض للجفاف كبعض البحيرات والأنهار، والتي لم تجف تعرضت للتلوث بمقدار ما يهدد حياة من يشرب منها.
أما التعليقات الساخرة فقد كانت مثل: (شكرا للمريخ الذي أبدى استعداده لاستضافة أهل الأرض لما رأى كوكبهم على وشك الانهيار). (شكرا لجميع العلماء الذين اكتشفوا وجود الماء في المريخ، لأن ذلك سيحل مشكلة انقطاع الماء عن حارتنا)، (تعازينا لشركة مياه ايفيان فقريبا سيعبئ المريخ ماءه في زجاجات يبيعها لنا باسم ماء المريخ).

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة