أعور يتزوج عمياء

مشعل السديري

المنصور بن أبي عامر الأندلسي كان إذا قصد أن يحارب عدوا عقد لواءه بجامع قرطبة ولم يسر إلى الغزاة إلا من الجامع، فاتفق أنه في بعض حركاته للغزاة توجه إلى الجامع لعقد اللواء، فاجتمع عنده القضاة والعلماء وأرباب الدولة، فرفع حامل لواء الراية فصادف أن خبطت إحدى ثريات الجامع فانكسرت على الراية فتبدد الزيت، فتطير الحاضرون من ذلك وتغير وجه المنصور، وقال رجل منافق: أبشر يا أمير المؤمنين بغزوة هينة لينة وغنيمة سارة، فقد بلغت أعلامك الثريا وسقاها الله من شجرة مباركة زيتونة، فاستحسن المنصور ذلك واستبشر به، وصدقه، وأعلن عن مكان الحرب، وهزم في غزوته تلك هزيمة فادحة أودت بنصف جنوده.
***
قيل إن المغيرة بن شعبة لما ولي الكوفة سار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر وهي فيه عمياء مترهبة، فاستأذن عليها فقالت: من أنت؟ قال: المغيرة بن شبعة الثقفي، قالت: ما حاجتك؟ قال: (وكان أعور) جئت خاطبا، قالت: إنك لم تكن جئتني لجمال ولا مال ولكنك أردت أن تتشرف في محافل العرب فتقول تزوجت بنت النعمان بن المنذر.. وإلا فأي خير في اجتماع عمياء وأعور، اغرب عن وجهي ثكلتك أمك.
***
في دراسة لما يقارب المئتين من قصص الجنيات للأخوين (غريم)، نلاحظ أن هناك فارقا كبيرا بين أخلاق الذكور وأخلاق النساء، إذ يوجد في هذه القصص ست عشرة أما أو حماة شريرة مقابل ثلاثة آباء أو أحماء أشرار، كما أنه يوجد ثلاث وعشرون ساحرة رديئة وساحران رديئان فقط، وثلاث عشرة أزواجهن الذين يحبونهن، بينما رجل واحد فقط يؤذي زوجته.
ولكي تعرفوا مقدار نكد الدنيا على الرجال ففي إحصائية بالولايات المتحدة تبين أن حظ الرجال في الموت قتلا هو بمعدل واحد على تسعين، بينما حظ النساء هو واحد على مائتين وخمسة وسبعين فقط.
يا ليت الإحصائية كانت بالعكس.
***
صدق من قال: إن الحياة هي التي نشقى في نصفها الأول بسبب آبائنا، ونشقى بنصفها الباقي بسبب أبنائنا.
وكذلك (أحيانا) نسعد، هكذا هم يقولون، أرجوكم اتركوني أنا على جنب فلست بمقياس.
***
قبل عدة سنوات كنت من ضمن المدعوين لمناظرة أدبية - وقلما ألبي الدعوات على كثرتها -، المهم أنه كان بجانبي المدير للمناظرة، عندما وقف أحدهم ليلقي مداخلة وبيده أوراق كثيرة، وقبل أن يبدأ سأل المدير بما معناه كم من الوقت يحق لي أن أتكلم ؟!
فأجابه: تحدث كما تشاء وخذ راحتك، ولكن عليك أن تعلم أننا جميعا سوف ننصرف في تمام الساعة الحادية عشرة، وعندما نظرت إلى ساعتي وإذا بها الساعة (10:55)، فما كان مني إلا أن أقول بيني وبين نفسي: (ينصر دينك).