رفع قيمة الفوائد البنكية وقلق الاقتصاد العالمي

عبدالله صادق دحلان

يعيش اقتصاد الدول الصناعية والدول النامية في العالم حالة من القلق منذ شهور بعد إعلان البنك المركزي الأمريكي عزمه رفع سعر الفائدة. وانتقل القلق إلى الشركات الصناعية الأمريكية في الولايات المتحدة والمستثمرة في خارج الولايات المتحدة وعلى وجه الخصوص في الصين. ويعتبر لقاء الرئيس الصيني الأخير في الأسابيع الماضية مع الرئيس أوباما رئيس الولايات المتحدة أحد أهم الاجتماعات الاقتصادية في العالم التي حاول خلالها الرئيس الصيني والشركات الصينية والأمريكية تأجيل قرار البنك المركزي الأمريكي رفع الفائدة. وكما أسلفت في مقال سابق عن وضع الاقتصاد الصيني وتباطؤ نموه وتساءلت هل فعلا هناك تباطؤ في النمو أم هناك مؤامرة من منافسيه لكبح جماح نموه وسيطرته على الأسواق العالمية مما سبب تكبد المنافسين أضرارا كبيرة منها تباطؤ نموهم وعجز صناعتهم عن منافسة الصناعات الصينية.
وقد يتساءل البعض من غير المتخصصين في الاقتصاد عن العلاقة بين ارتفاع سعر الفائدة البنكية وانخفاض سعر الذهب أو انخفاض أسعار الأسهم، أو يتساءل الآخرون عن العلاقة بين ارتفاع سعر الفائدة البنكية ونمو الصناعات الصغيرة. والحقيقة هناك علاقة قوية جدا، ولتبسيط الأمور للعامة لابد من تعريف الفائدة البنكية وهي ببساطة التكلفة الإضافية التي سيدفعها المقترض مقابل اقتراضه مبلغا من البنك أو الصندوق أو أي مؤسسة مالية، فارتفاع سعر الفائدة يشكل عبئا على المقترض الذي يلجأ أحيانا إلى رفع سعر السلعة إذا كان مصنعا على المستهلك أو رفع سعر الخدمة على المستخدم للخدمة وبالتالي يكون المتضرر المستهلك في النهاية، وإذا كانت المنافسة قوية لدرجة لا تسمح للمصنع أو مقدم الخدمة برفع سعره نتيجة رفع سعر الفائدة ورغبته في البقاء في السوق فإنه يلجأ إلى تخفيض نسب أرباحه بنسبة ارتفاع سعر الفائدة مما يؤثر على اقتصاديات الإنتاج أو التشغيل وتظهر في النهاية في نتائجه المالية آخر العام مما يسهم في انخفاض قيمة سعر الأسهم لهذه الشركات. أما أثر ارتفاع الفائدة على التنمية فإن ارتفاع سعر الفائدة سوف يخفض نسب الاقتراض وبالتالي سوف تؤجل بعض المشاريع أو تجمد توسعاتها لتغيير جدوى اقتصادياتها، أو يلجأ الأفراد أصحاب المدخرات إلى إيداع مدخراتهم في البنوك لضمان عائد ثابت سنوي أو شهري أفضل وأضمن من المضاربة في الأسهم أو في العملات أو المعادن أو استثمارها في مشاريع صغيرة. وهذا هو الأثر في ارتفاع سعر الفائدة البنكية على انخفاض أسعار الذهب حيث ينخفض الطلب على الذهب ويزداد العرض منه مما يدفع بالسعر للانخفاض. وتستخدم البنوك المركزية ومنها البنك المركزي الأمريكي «معدل الفائدة» في السيطرة على معدل التضخم. أي أن ارتفاع سعر الفائدة البنكية يؤدي إلى سحب السيولة من الأفراد أو المؤسسات وبالتالي ينخفض النقد من السوق مما يساهم في كبح ارتفاع معدل التضخم. وعندما يرفع البنك المركزي معدل الفائدة على البنوك التجارية فإن البنوك التجارية تلجأ إلى رفع سعر الفائدة على عملائها من المقترضين أو المودعين حتى أن بعضا من الدول النامية تلجأ إلى وضع بعض من فوائضها أو ادخاراتها في البنوك الدولية عندما يرتفع سعر الفائدة وعلى وجه الخصوص في السندات الحكومية مثل سندات الحكومة الأمريكية وهذا مما يؤثر على حجم إنفاقها على التنمية في بلدانها. ولهذا فإن دول العالم الصناعية وعلى وجه الخصوص الصين ومجموعتها تشعر بقلق كبير نتيجة توجه البنك المركزي لرفع سعر الفائدة مما سيكون له أثر سلبي على زيادة الاستثمارات في الصين وانخفاض الطلب على الاستيراد من الشركات الصينية او الشركات المستثمرة في الصين لتوقف أو تباطؤ تنفيذ بعض المشاريع في الأسواق العالمية. ونظرا لارتباط معظم دول العالم الصناعية بالدولار فإن رفع سعر الفائدة على الدولار له أثر سلبي على جميع هذه الدول. وارتفاع سعر الفائدة في الإقراض حتى على المستوى الفردي سيؤثر على قدرة الفرد في الإنفاق حتى على أغراضه الخاصة مثل شراء المنازل وشراء السيارات والأثاث وحتى على مستوى المؤسسات الصغيرة النامية فقد تعاني كثيرا في الاقتراض أو سداد القروض عالية الفائدة. ويبقى السؤال في النهاية ما هو أثر رفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي على ارتفاع أسعار الفائدة في البنوك الخليجية، ولا سيما أن اقتصاد دول الخليج متأثر سلبيا بانخفاض أسعار البترول.