حقيبة المدرسة.. رفع أثقال يومي
اعوجاج العمود الفقري لطالبة يدق ناقوس الخطر في مدارسنا
الجمعة / 10 / محرم / 1437 هـ الجمعة 23 أكتوبر 2015 19:43
إبراهيم علوي (جدة)
بكل إيجاز، باتت الحقيبة المدرسية التي يحملها طلاب المدارس، عبارة عن مسابقة «رفع أثقال» تمارس بصفة يومية، خلال أسابيع الدراسة في الفصلين، حيث لا ينتهي عناؤها إلا مع العطلة الأسبوعية والعطلات الرسمية لمنتصف العام الدراسي ونهايته.
لهذا اندهش والد طفلة اسمها لجين تدرس في الصف الثاني المتوسط، حينما كانت تشكو له من آلام في الظهر والرقبة، وتعب وإرهاق شديد، وتنميل في إحدى اليدين، وعدم القدرة على الوقوف لفترات طويلة، مع عدم تساوي الكتفين أثناء الوقوف؛ ما جعله يستغرب مما تعانيه ابنته الصغيرة، فبادر لمراجعة إحدى العيادات الخاصة لمعالجتها وإنهاء مخاوفها. لكنه فوجئ هناك بتقرير طبي مدهش؛ فالطفلة الصغيرة اتضح أنها مصابة بـ«جنف في العمود الفقري بين الفقرات القطنية والصدرية».
ولعل ذلك التشخيص وفق تأكيد طبي، بات يصيب العديد من طلاب وطالبات المدارس نتيجة حملهم أثقالا كبيرة الوزن على الظهر لمدة طويلة، وهو ما يتسبب في إحداث اعوجاج في العمود الفقري. تلك الإصابة معرض لها أكثر من 5 ملايين طالب وطالبة على مستوى المملكة، وهو ما يعرف باسم «الجنف» (تقوس العمود الفقري نتيجة حمل أوزان ثقيلة).
مخاطر ما بعد «الجنف»
لا تتوقف الإصابة بـ«الجنف» بحدوث ذلك الاعوجاج في العمود الفقري، وإنما هناك مخاطر صحية تحدث كأثر لها، مثل تضييق القفص الصدري وبالتالي الضغط على الرئة؛ ما يصعب عملية التنفس ويتسبب في آلام الظهر والتعب والإرهاق. ولا يسبب ثقل وزن الحقيبة الإصابة بـ«الجنف»، بل أيضا تتسبب طريقة حمل الحقيبة ونوعيتها (تصنيعيا) في التعجيل بالإصابة. ولعل معاناة الطلاب والطالبات من الأوزان الخيالية لحقائبهم المدرسية ليست وليدة اليوم، حيث وقفت وزارة التعليم عاجزة عن حلها، أو تقديم معالجات لها، وهو ما يجعل طالبا في الثالث الابتدائي يحمل وزنا داخل حقيبته المدرسية قد يتجاوز 5 كيلوجرامات، وهو ما يتجاوز 10% من وزنه.
مفاجأة أولياء الأمور
أولياء الأمور فاجأتهم الأوزان الكبيرة التي يحملها أبناؤهم في طريقهم من وإلى المدرسة، حيث أشار محمد النفيعي إلى أنه لم يكن يتوقع هذه الخطورة الكبيرة في الحقيبة التي تحملها ابنته الصغيرة ذات الـ10 أعوام. وقال «تكلفة توزيع جهاز الآيباد على الطلاب أقل كثيرا من تكلفة الكتب، حيث تكلف خزينة الدولة مئات الملايين سنويا ولعام واحد فقط، فيما يستمر الجهاز المحمول مع الطالب حتى يلتحق بالجامعة»، مشيرا إلى أن وزن بعض بعض الحقائب قد يصل إلى 6 كيلوجرامات وأخرى 8 كيلوجرامات، بينما لا يتجاوز وزن الآيباد والمحمول نصف كيلو، وهو في الوقت ذاته سهل الحمل والحفظ والاسترجاع، والأهم هو الحفاظ على صحة أبنائنا وبناتنا من الأمراض والإصابات التي تلحقها بهم الأوزان المخصصة لرياضات حمل الأثقال وليس المدارس، آملا اتخاذ إجراء سريع بهذا الشأن.
آيباد وبرامج تفاعلية
وفي الاتجاه نفسه، يقول عمر الصبياني «للأسف لا نعي ما يدور حولنا وما قد يتعرض له أبناؤنا، وهم أمانة في أعناقنا وفي عنق التعليم. وزنت حقيبة ابنتي في الصف الأول متوسط، وكانت المفاجأة أن وزنها يتجاوز 7 كيلوجرامات، ووزن الطفلة لا يتجاوز 38 كيلو، كيف يحدث ذلك، هل أصبحت أرواح أطفالنا سهلة حتى نتسبب في إصابتهم بالأمراض، لماذا لا يتم تخصيص حلول عملية أفضل من حملهم لهذه الكتب؟».
واقترح الصبياني تسليم الطلاب أجهزة آيباد، والاعتماد على البرامج التفاعلية والإبداعية التعليمية، من خلال استخدام التقنية، وضرورة أن تخصص المدارس خزائن للطلبة والطالبات تكون ذات مساحة صغيرة، مخصصة للكتب وأغراض الطالب التي يمكن تركها في المدرسة، والهدف من ذلك هو تخفيف الحمل عليه، والوزن الذي قد يحمله من والى المدرسة.
تجربة 11 حقيبة صحية في 11 مدرسة بجدة
أكدت وزارة التعليم أنها نفذت تجربة عملية في مجموعة من المدارس الابتدائية، تتعلق بالحقيبة المدرسية الصحية تحت شعار (نحو حقيبة مدرسية صحية للطالب)، ضمن اهتمام الوزارة بجميع جوانبها العلمية والتربوية والاجتماعية والصحية، وعلاج كل ما قد يؤثر على النمو السليم للطلاب.
وأشارت الوزارة إلى أن التجربة نفذت في 11 مدرسة ابتدائية في جدة بتجربة 11 حقيبة، وحدد لها هدفان هما: المحافظة على سلامة الطالب، والوصول إلى المعدل الموصى به عالميا لوزن الحقيبة المدرسية (ألا يزيد عن 10% من وزن الطالب).
وذكرت الوزارة أن هذه التجربة تعالج مشكلة وزن حقائب الطلاب في المرحلة الابتدائية، حيث أظهرت دراسة قامت بها وزارة التعليم أن 43.7% من طلاب المرحلة الابتدائية يحملون حقائب أثقل من 10% من أوزانهم. وشددت على ضرورة ان لا يزيد وزن حقيبة الطالب عن 10% من وزنه؛ للمحافظة على سلامة الطالب، ومعالجة كل ما قد يعرض سلامته للخطر، والعمل على تخفيف وزن الحقيبة المدرسية للطالب في المرحلة الابتدائية من خلال تخفيف محتوياتها، وذلك بترك الكتب التي لا يحتاج إليها أثناء اليوم الدراسي في المنزل، وممارسة الطالب للنشاطات التعليمية الصفية في كتاب النشاط وأوراق العمل، وإعداد ملف إنجاز لكل طالب يحتوي ما نفذه الطالب، بحيث يحوي هذا الملف جميع النشاطات التعليمية التي يمارسها الطالب، إضافة إلى سعي الوزارة لتخفيف أوزان الكتب المدرسية.
استشاري أطفال:
11 نصيحة لتفادي إصابة الظهر
قدم الدكتور أحمد محه استشاري الأطفال رئيس قسم الطوارئ والأطفال في مستشفى المساعدية للولادة والأطفال، نصائح واقتراحات لتفادي الإصابة في العمود الفقري، وهي:
** لا تنخدع بمظهر الحقيبة عند شرائك لها، كما أن الحقيبة التي لا تثبت جيدا على الظهر تلحق الضرر بأعصاب الظهر.
** اختيار حمالات الحقيبة المحشوة جيدا باللباد، كي لا تشكل عبئا على الكتفين أثناء حملها.
** ينبغي أن يشكل وزن الحقيبة 15% من وزن الطالب كحد أقصى؛ فالطالب الذي لا يزيد وزنه على 40 كيلوجراما يجب ألا يحمل حقيبة يزيد وزنها عن 6 كيلوجرامات. وإذا قام الطالب بالانحناء إلى الأمام فإن ذلك يعني أن الوزن يفوق قدرته على الحمل.
** على الطالب أن يتجنب حمل أغراض غير ضرورية.
** أثناء حمل الحقيبة ينبغي ثني الجسم عند الركبتين فقط وليس الجذع، إذا كانت ثقيلة قليلا.
** تجنب تعليق حقيبة الظهر في كتف واحد باستخدام حزام واحد، حيث إن ذلك يجعل جانبا من الجسم يتحمل وطأة الوزن.
** وضع الحزامين على الكتفين، حتى يكون وزن حقيبة الظهر موزعا بشكل أفضل؛ ما يجعل وضع الجسم أفضل.
** يجب وضع حقيبة الظهر فوق عضلات منتصف الظهر.
** وجوب ارتكاز حقيبة الظهر بشكل متساو في منتصف الظهر.
** أحزمة الكتفين يتعين تعديلها للسماح للطفل بحمل وخلع حقيبة الظهر بسهولة ويسر.
** شد الأحزمة بحيث لا تصل الحقيبة إلى تحت الظهر.
استشاري عظام: انحراف العمود الفقري بسبب «حقيبة»
أكد الدكتور أسعد المطوع استشاري العظام أن سن الطفولة يتميز بالنمو المتسارع لجميع أجهزة الجسم بما فيها الهيكل العظمي، وتتأثر تلك العظام بالمؤثرات الخارجية، وفي حال تعرض الجسم لمثل تلك المؤثرات بشكل مستمر أو متقطع ومتكرر، فإن ذلك قد يؤدي إلى تشويه عظام الطفل. وأوضح أنه في حال حمل الحقيبة أو أي شيء ثقيل، فقد يؤدي ذلك إلى انحراف العمود الفقري وانحنائه، أو حدوث إجهاد أو تمزق عضلي في المنطقة المشدودة.
وذكر استشاري العظام أن سن الطفولة يتميز بالنمو المتسارع لجميع أجهزة وأعضاء الجسم، بما فيها الهيكل العظمي وتتأثر تلك العظام بالمؤثرات الخارجية، لاسيما إذا كانت مستمرة. وأضاف: في الأطفال الأصغر سنا يبدو التقوس في الساقين أحد مظاهر تشوه العظام، نتيجة لنقص الكالسيوم، ونجده لا يظهر في كثير من الأحيان، إلا عندما يستعمل الطفل قدميه لحمل جسمه أثناء الوقوف أو المشي. وفي حال تعرض الجسم لمثل تلك المؤثرات بشكل مستمر أو متقطع ومتكرر، فإن ذلك قد يؤدي إلى تكوين تشويه للعضو الضحية، لاسيما أنه في طور النمو. وفي حال حمل الحقيبة أو أي حمل ثقيل، قد يؤدي إلى انحراف العمود الفقري وانحنائه أو عمل إجهاد وتمزق عضلي في المنطقة المشدودة.
وقال الدكتور المطوع إن أي تغير للفقرات عموما قد يؤدي إلى الضغط على الأعصاب المتفرعة من الحبل الشوكي، محدثا بذلك تغيرات حسية وحركية، فضلا عن الألم المصاحب، وهذا ما يحدث عادة في البالغين عند إصابتهم بانزلاق غضروفي، ونلاحظ أن ذلك يتركز عادة وبكثرة في فقرات دون أخرى؛ لأن تلك الفقرات تمثل محورا حركيا وارتكازا للعديد من الحركات اليومية، التي يؤديها المصاب في حياته اليومية. وأضاف: لا يقتصر الضرر فقط على الاختيار والحمل غير الصحيح للحقيبة المدرسية، بل يمتد الأمر إلى ضرورة أخذ الوضعية السليمة عند حمل بعض الأشياء الثقيلة سواء للأطفال أو البالغين، فلا ينبغي مثلا حني الجسم بوضعية الركوع لحمل بعض الأشياء الثقيلة، إذ إن وضع ارتكاز ذلك الحمل في نقطة واحدة من الظهر، وعدم توزيع الثقل على الفقرات جميعا، قد يؤدي لانزلاق غضروفي قد يعاني منه الشخص بشكل مزمن، في حين أنه يستطيع تفادي ذلك باتباع الطريقة الآمنة لحمل تلك الأشياء الثقيلة.
وأكد استشاري العظام أن العمود الفقري في جسم الإنسان يتكون من مجموعة من الفقرات، يتوسطها تجويف يمر من خلاله الحبل الشوكي، تتفرع منه مجموعة من الأعصاب تمتد إلى الجذع والأطراف العلوية والسفلية، وتجمع هذه الفقرات مع بعضها البعض كتل من الأربطة والعضلات وتفصلها وسائد غضروفية تمنع احتكاك العظام مع بعضها.
والد الطفلة لجين: أناشد وزير التعليم التدخُّل
بكلمات تحمل معنى الألم، تحدث سعيد باحميشان والد الطالبة لجين التي أصيبت باعوجاج في العمود الفقري، وقال: «لم أكن أتوقع أن ابنتي ستصاب باعوجاج في العمود الفقري، بسبب حملها أوزانا من الأثقال بصفة يومية. كانت تشتكي لي يوميا من ألم في قدميها وظهرها، وهي تشكو من ثقل حقيبتها المدرسية، حتى ذهبت بها للطبيب الذي فاجأني بأن ما تحمله ابنتي تسبب لها بالجنف في عمودها الفقري، وهو ما دعاني لحمل حقيبتها وكانت ثقيلة للغاية وقد وزنتها وإذا بها تزن 7.5 كيلو».
وأضاف باحميشان: «ابنتي الآن ممنوعة من حمل الأوزان الثقيلة، كما هي ممنوعة من بعض النشاطات بسبب ما تعاني منه، وهو ما يدعوني لمناشدة وزير التعليم بإيجاد حلول للطلبة والطالبات، فقد أصاب ابنتي ما أصابها، لكن هناك ملايين يجب الحفاظ عليهم».
تجربة «عكاظ» على حقائب مدرسية
تنبه محرر هذا التحقيق إلى ناقوس الخوف من نتائج حمل الأوزان الكبيرة للطلبة، وأراد أن يتقصّى عن المشكلة التي يعاني منها طلابنا، فقام بحمل حقائب ثلاثة طلاب ملتحقين بثلاثة صفوف دراسية مختلفة بمرحلتين. وكانت التجربة الأولى لطالب يدرس في الصف الأول ثانوي، وكانت الصاعقة المرعبة أنه يحمل يوميا 8 كيلو و900 جرام (حوالى 9 كيلوجرامات)، ويعاني الأمرّين على حد قوله خلال حملها وتصيبه الآلام، خاصة أن وزنه لا يتجاوز 46 كيلو، ومن المفترض ألا يتجاوز وزن الحقيبة 4 كيلو و600 جرام.
التجربة ذاتها مرت بها حقيبة طالبة تدرس في الصف الثالث ثانوي، وقد بلغت حقيبتها 5 كيلو و700 جرام، ومن المفترض ألا يتجاوز وزن حقيبتها 4 كيلو و200 جرام، فيما بلغت حقيبة طالب في الصف الخامس الابتدائي 5 كيلو و100 جرام ولا يتجاوز وزنه 34 كيلو، ومن المفترض أن يكون وزن الحقيبة 3 كيلو و400 جرام.
لهذا اندهش والد طفلة اسمها لجين تدرس في الصف الثاني المتوسط، حينما كانت تشكو له من آلام في الظهر والرقبة، وتعب وإرهاق شديد، وتنميل في إحدى اليدين، وعدم القدرة على الوقوف لفترات طويلة، مع عدم تساوي الكتفين أثناء الوقوف؛ ما جعله يستغرب مما تعانيه ابنته الصغيرة، فبادر لمراجعة إحدى العيادات الخاصة لمعالجتها وإنهاء مخاوفها. لكنه فوجئ هناك بتقرير طبي مدهش؛ فالطفلة الصغيرة اتضح أنها مصابة بـ«جنف في العمود الفقري بين الفقرات القطنية والصدرية».
ولعل ذلك التشخيص وفق تأكيد طبي، بات يصيب العديد من طلاب وطالبات المدارس نتيجة حملهم أثقالا كبيرة الوزن على الظهر لمدة طويلة، وهو ما يتسبب في إحداث اعوجاج في العمود الفقري. تلك الإصابة معرض لها أكثر من 5 ملايين طالب وطالبة على مستوى المملكة، وهو ما يعرف باسم «الجنف» (تقوس العمود الفقري نتيجة حمل أوزان ثقيلة).
مخاطر ما بعد «الجنف»
لا تتوقف الإصابة بـ«الجنف» بحدوث ذلك الاعوجاج في العمود الفقري، وإنما هناك مخاطر صحية تحدث كأثر لها، مثل تضييق القفص الصدري وبالتالي الضغط على الرئة؛ ما يصعب عملية التنفس ويتسبب في آلام الظهر والتعب والإرهاق. ولا يسبب ثقل وزن الحقيبة الإصابة بـ«الجنف»، بل أيضا تتسبب طريقة حمل الحقيبة ونوعيتها (تصنيعيا) في التعجيل بالإصابة. ولعل معاناة الطلاب والطالبات من الأوزان الخيالية لحقائبهم المدرسية ليست وليدة اليوم، حيث وقفت وزارة التعليم عاجزة عن حلها، أو تقديم معالجات لها، وهو ما يجعل طالبا في الثالث الابتدائي يحمل وزنا داخل حقيبته المدرسية قد يتجاوز 5 كيلوجرامات، وهو ما يتجاوز 10% من وزنه.
مفاجأة أولياء الأمور
أولياء الأمور فاجأتهم الأوزان الكبيرة التي يحملها أبناؤهم في طريقهم من وإلى المدرسة، حيث أشار محمد النفيعي إلى أنه لم يكن يتوقع هذه الخطورة الكبيرة في الحقيبة التي تحملها ابنته الصغيرة ذات الـ10 أعوام. وقال «تكلفة توزيع جهاز الآيباد على الطلاب أقل كثيرا من تكلفة الكتب، حيث تكلف خزينة الدولة مئات الملايين سنويا ولعام واحد فقط، فيما يستمر الجهاز المحمول مع الطالب حتى يلتحق بالجامعة»، مشيرا إلى أن وزن بعض بعض الحقائب قد يصل إلى 6 كيلوجرامات وأخرى 8 كيلوجرامات، بينما لا يتجاوز وزن الآيباد والمحمول نصف كيلو، وهو في الوقت ذاته سهل الحمل والحفظ والاسترجاع، والأهم هو الحفاظ على صحة أبنائنا وبناتنا من الأمراض والإصابات التي تلحقها بهم الأوزان المخصصة لرياضات حمل الأثقال وليس المدارس، آملا اتخاذ إجراء سريع بهذا الشأن.
آيباد وبرامج تفاعلية
وفي الاتجاه نفسه، يقول عمر الصبياني «للأسف لا نعي ما يدور حولنا وما قد يتعرض له أبناؤنا، وهم أمانة في أعناقنا وفي عنق التعليم. وزنت حقيبة ابنتي في الصف الأول متوسط، وكانت المفاجأة أن وزنها يتجاوز 7 كيلوجرامات، ووزن الطفلة لا يتجاوز 38 كيلو، كيف يحدث ذلك، هل أصبحت أرواح أطفالنا سهلة حتى نتسبب في إصابتهم بالأمراض، لماذا لا يتم تخصيص حلول عملية أفضل من حملهم لهذه الكتب؟».
واقترح الصبياني تسليم الطلاب أجهزة آيباد، والاعتماد على البرامج التفاعلية والإبداعية التعليمية، من خلال استخدام التقنية، وضرورة أن تخصص المدارس خزائن للطلبة والطالبات تكون ذات مساحة صغيرة، مخصصة للكتب وأغراض الطالب التي يمكن تركها في المدرسة، والهدف من ذلك هو تخفيف الحمل عليه، والوزن الذي قد يحمله من والى المدرسة.
تجربة 11 حقيبة صحية في 11 مدرسة بجدة
أكدت وزارة التعليم أنها نفذت تجربة عملية في مجموعة من المدارس الابتدائية، تتعلق بالحقيبة المدرسية الصحية تحت شعار (نحو حقيبة مدرسية صحية للطالب)، ضمن اهتمام الوزارة بجميع جوانبها العلمية والتربوية والاجتماعية والصحية، وعلاج كل ما قد يؤثر على النمو السليم للطلاب.
وأشارت الوزارة إلى أن التجربة نفذت في 11 مدرسة ابتدائية في جدة بتجربة 11 حقيبة، وحدد لها هدفان هما: المحافظة على سلامة الطالب، والوصول إلى المعدل الموصى به عالميا لوزن الحقيبة المدرسية (ألا يزيد عن 10% من وزن الطالب).
وذكرت الوزارة أن هذه التجربة تعالج مشكلة وزن حقائب الطلاب في المرحلة الابتدائية، حيث أظهرت دراسة قامت بها وزارة التعليم أن 43.7% من طلاب المرحلة الابتدائية يحملون حقائب أثقل من 10% من أوزانهم. وشددت على ضرورة ان لا يزيد وزن حقيبة الطالب عن 10% من وزنه؛ للمحافظة على سلامة الطالب، ومعالجة كل ما قد يعرض سلامته للخطر، والعمل على تخفيف وزن الحقيبة المدرسية للطالب في المرحلة الابتدائية من خلال تخفيف محتوياتها، وذلك بترك الكتب التي لا يحتاج إليها أثناء اليوم الدراسي في المنزل، وممارسة الطالب للنشاطات التعليمية الصفية في كتاب النشاط وأوراق العمل، وإعداد ملف إنجاز لكل طالب يحتوي ما نفذه الطالب، بحيث يحوي هذا الملف جميع النشاطات التعليمية التي يمارسها الطالب، إضافة إلى سعي الوزارة لتخفيف أوزان الكتب المدرسية.
استشاري أطفال:
11 نصيحة لتفادي إصابة الظهر
قدم الدكتور أحمد محه استشاري الأطفال رئيس قسم الطوارئ والأطفال في مستشفى المساعدية للولادة والأطفال، نصائح واقتراحات لتفادي الإصابة في العمود الفقري، وهي:
** لا تنخدع بمظهر الحقيبة عند شرائك لها، كما أن الحقيبة التي لا تثبت جيدا على الظهر تلحق الضرر بأعصاب الظهر.
** اختيار حمالات الحقيبة المحشوة جيدا باللباد، كي لا تشكل عبئا على الكتفين أثناء حملها.
** ينبغي أن يشكل وزن الحقيبة 15% من وزن الطالب كحد أقصى؛ فالطالب الذي لا يزيد وزنه على 40 كيلوجراما يجب ألا يحمل حقيبة يزيد وزنها عن 6 كيلوجرامات. وإذا قام الطالب بالانحناء إلى الأمام فإن ذلك يعني أن الوزن يفوق قدرته على الحمل.
** على الطالب أن يتجنب حمل أغراض غير ضرورية.
** أثناء حمل الحقيبة ينبغي ثني الجسم عند الركبتين فقط وليس الجذع، إذا كانت ثقيلة قليلا.
** تجنب تعليق حقيبة الظهر في كتف واحد باستخدام حزام واحد، حيث إن ذلك يجعل جانبا من الجسم يتحمل وطأة الوزن.
** وضع الحزامين على الكتفين، حتى يكون وزن حقيبة الظهر موزعا بشكل أفضل؛ ما يجعل وضع الجسم أفضل.
** يجب وضع حقيبة الظهر فوق عضلات منتصف الظهر.
** وجوب ارتكاز حقيبة الظهر بشكل متساو في منتصف الظهر.
** أحزمة الكتفين يتعين تعديلها للسماح للطفل بحمل وخلع حقيبة الظهر بسهولة ويسر.
** شد الأحزمة بحيث لا تصل الحقيبة إلى تحت الظهر.
استشاري عظام: انحراف العمود الفقري بسبب «حقيبة»
أكد الدكتور أسعد المطوع استشاري العظام أن سن الطفولة يتميز بالنمو المتسارع لجميع أجهزة الجسم بما فيها الهيكل العظمي، وتتأثر تلك العظام بالمؤثرات الخارجية، وفي حال تعرض الجسم لمثل تلك المؤثرات بشكل مستمر أو متقطع ومتكرر، فإن ذلك قد يؤدي إلى تشويه عظام الطفل. وأوضح أنه في حال حمل الحقيبة أو أي شيء ثقيل، فقد يؤدي ذلك إلى انحراف العمود الفقري وانحنائه، أو حدوث إجهاد أو تمزق عضلي في المنطقة المشدودة.
وذكر استشاري العظام أن سن الطفولة يتميز بالنمو المتسارع لجميع أجهزة وأعضاء الجسم، بما فيها الهيكل العظمي وتتأثر تلك العظام بالمؤثرات الخارجية، لاسيما إذا كانت مستمرة. وأضاف: في الأطفال الأصغر سنا يبدو التقوس في الساقين أحد مظاهر تشوه العظام، نتيجة لنقص الكالسيوم، ونجده لا يظهر في كثير من الأحيان، إلا عندما يستعمل الطفل قدميه لحمل جسمه أثناء الوقوف أو المشي. وفي حال تعرض الجسم لمثل تلك المؤثرات بشكل مستمر أو متقطع ومتكرر، فإن ذلك قد يؤدي إلى تكوين تشويه للعضو الضحية، لاسيما أنه في طور النمو. وفي حال حمل الحقيبة أو أي حمل ثقيل، قد يؤدي إلى انحراف العمود الفقري وانحنائه أو عمل إجهاد وتمزق عضلي في المنطقة المشدودة.
وقال الدكتور المطوع إن أي تغير للفقرات عموما قد يؤدي إلى الضغط على الأعصاب المتفرعة من الحبل الشوكي، محدثا بذلك تغيرات حسية وحركية، فضلا عن الألم المصاحب، وهذا ما يحدث عادة في البالغين عند إصابتهم بانزلاق غضروفي، ونلاحظ أن ذلك يتركز عادة وبكثرة في فقرات دون أخرى؛ لأن تلك الفقرات تمثل محورا حركيا وارتكازا للعديد من الحركات اليومية، التي يؤديها المصاب في حياته اليومية. وأضاف: لا يقتصر الضرر فقط على الاختيار والحمل غير الصحيح للحقيبة المدرسية، بل يمتد الأمر إلى ضرورة أخذ الوضعية السليمة عند حمل بعض الأشياء الثقيلة سواء للأطفال أو البالغين، فلا ينبغي مثلا حني الجسم بوضعية الركوع لحمل بعض الأشياء الثقيلة، إذ إن وضع ارتكاز ذلك الحمل في نقطة واحدة من الظهر، وعدم توزيع الثقل على الفقرات جميعا، قد يؤدي لانزلاق غضروفي قد يعاني منه الشخص بشكل مزمن، في حين أنه يستطيع تفادي ذلك باتباع الطريقة الآمنة لحمل تلك الأشياء الثقيلة.
وأكد استشاري العظام أن العمود الفقري في جسم الإنسان يتكون من مجموعة من الفقرات، يتوسطها تجويف يمر من خلاله الحبل الشوكي، تتفرع منه مجموعة من الأعصاب تمتد إلى الجذع والأطراف العلوية والسفلية، وتجمع هذه الفقرات مع بعضها البعض كتل من الأربطة والعضلات وتفصلها وسائد غضروفية تمنع احتكاك العظام مع بعضها.
والد الطفلة لجين: أناشد وزير التعليم التدخُّل
بكلمات تحمل معنى الألم، تحدث سعيد باحميشان والد الطالبة لجين التي أصيبت باعوجاج في العمود الفقري، وقال: «لم أكن أتوقع أن ابنتي ستصاب باعوجاج في العمود الفقري، بسبب حملها أوزانا من الأثقال بصفة يومية. كانت تشتكي لي يوميا من ألم في قدميها وظهرها، وهي تشكو من ثقل حقيبتها المدرسية، حتى ذهبت بها للطبيب الذي فاجأني بأن ما تحمله ابنتي تسبب لها بالجنف في عمودها الفقري، وهو ما دعاني لحمل حقيبتها وكانت ثقيلة للغاية وقد وزنتها وإذا بها تزن 7.5 كيلو».
وأضاف باحميشان: «ابنتي الآن ممنوعة من حمل الأوزان الثقيلة، كما هي ممنوعة من بعض النشاطات بسبب ما تعاني منه، وهو ما يدعوني لمناشدة وزير التعليم بإيجاد حلول للطلبة والطالبات، فقد أصاب ابنتي ما أصابها، لكن هناك ملايين يجب الحفاظ عليهم».
تجربة «عكاظ» على حقائب مدرسية
تنبه محرر هذا التحقيق إلى ناقوس الخوف من نتائج حمل الأوزان الكبيرة للطلبة، وأراد أن يتقصّى عن المشكلة التي يعاني منها طلابنا، فقام بحمل حقائب ثلاثة طلاب ملتحقين بثلاثة صفوف دراسية مختلفة بمرحلتين. وكانت التجربة الأولى لطالب يدرس في الصف الأول ثانوي، وكانت الصاعقة المرعبة أنه يحمل يوميا 8 كيلو و900 جرام (حوالى 9 كيلوجرامات)، ويعاني الأمرّين على حد قوله خلال حملها وتصيبه الآلام، خاصة أن وزنه لا يتجاوز 46 كيلو، ومن المفترض ألا يتجاوز وزن الحقيبة 4 كيلو و600 جرام.
التجربة ذاتها مرت بها حقيبة طالبة تدرس في الصف الثالث ثانوي، وقد بلغت حقيبتها 5 كيلو و700 جرام، ومن المفترض ألا يتجاوز وزن حقيبتها 4 كيلو و200 جرام، فيما بلغت حقيبة طالب في الصف الخامس الابتدائي 5 كيلو و100 جرام ولا يتجاوز وزنه 34 كيلو، ومن المفترض أن يكون وزن الحقيبة 3 كيلو و400 جرام.