الاقتصاد السعودي .. ومناخ الاستثمار

مكارم صبحي بترجي

عزز ما تمتلكه بلادنا من اقتصاد قوي يتسم بالانفتاح والمرونة تدعمه سياسات مالية ونقدية حكيمة واستقرار سياسي وأمني، وما تشهده من حراك تنموي كبير وإنفاق على المشروعات الحيوية والبنى التحتية.. فرص النمو والازدهار الاقتصادي مما سيكون له الانعكاس الإيجابي على القطاع الخاص ونمو حجم استثماراته بشكل عام.. حيث يصنف الاقتصاد السعودي من ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم وتعد نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي منخفضة نسبياً وتحتل المملكة المركز الرابع من حيث استقرار الاقتصاد الكلي وفقاً لتقرير منتدى الاقتصاد العالمي 2015م.. وتعد المملكة من الوجهات المفضلة استثماريا للعديد من الشركات العالمية ومنها الشركات الفرنسية، إذ يتمتع مناخ الاستثمار فيها بعديد من المقومات والمزايا وتتصدر دول منطقة الشرق الأوسط، وفقاً لتقرير البنك الدولي حول سهولة أداء الأعمال في عدد من المؤشرات المهمة مثل الحصول على الائتمان وحماية المستثمرين ودفع الضرائب.
وعندما تركزت التعديلات الجديدة في ممارسة الأعمال على مصداقية التعاملات الإلكترونية وربط التسجيل بالملكية والشفافية ونطاق التغطية وتسوية الخلافات، ووضوح وسهولة الحصول على الأنظمة واللوائح المنظمة للتراخيص وجودة المتابعة السابقة والقائمة واللاحقة لتنفيذ بناء المستودع وأنظمة التأمين والمسؤولية ومتطلبات الشهادات المهنية للمنفذين.. مما انعكس ذلك على تقدم المملكة مرتبتين لتحتل المركز الـ82 هذا العام، طبقا لمعايير المنهجية الجديدة التي أصدرها تقرير البنك الدولي الخاص بممارسة الأعمال 2016 الموجه للمستثمر المحلي بمشاركة 189 دولة من ضمنها المملكة.. حيث إن التعديلات الجوهرية التي أجريت على منهجية التقرير أعادت تقييم الدول المشاركة فيه، ومنها المملكة التي كانت وفقاً لمنهجية 2015 تحتل المرتبة الـ49 وهي تعادل وفقاً للمنهجية الجديدة في تقرير 2016 المرتبة الـ 84 .. ووفقاً للبنك الدولي، فقد شمل التعديل في المنهجية عدة مؤشرات رئيسية، منها إتمام توسيع نطاق القياس في كل مؤشر، بما يعزز من دقة التقييم والتصنيف، وتحديد أبرز العقبات التي يواجهها قطاع الأعمال المحلي في الدول التي يشملها التقرير، مثل تسجيل الملكية، الحصول على رخص البناء، الحصول على الكهرباء، إنفاذ العقود، والتجارة عبر الحدود.
في نفس التوقيت نترقب إصدار أنظمة جديدة لرفع تنافسية بيئة الاستثمار، إذ تعمل عدة جهات حكومية عليها تشمل: صدور نظام الشركات، وتأسيس مراكز خدمة موحدة، وإنشاء مراكز موحدة في الموانئ، ومنظومة إلكترونية للاستيراد والتصدير، وتفعيل مكاتب التنسيق لتراخيص البناء، وإصدار لائحة حوكمة للشركات، وتعديل نظام الرهن التجاري، وإصدار نظام الإفلاس.
وما ننتظر تحقيقه، ما جاء بالتقرير الذي أعدته هيئة الاستثمار الذي تناول واقع بيئة الاستثمار المحلي في المملكة مقارنة بأفضل التطبيقات والممارسات العالمية وسبل ومتطلبات تحسينها التي بدورها ستنعكس على تنافسية المملكة في تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي.. حيث أوردت الهيئة عددا من التوصيات والإصلاحات التي يتطلب معالجتها، ومن أبرزها «مؤشر بدء النشاط التجاري»، وذلك بالإسراع في صدور نظام الشركات، وتطبيقه على أرض الواقع وقيام وزارة التجارة والصناعة بتأسيس مراكز خدمة موحدة نموذجية للمستثمرين المحليين، مع وضع أنظمة وإجراءات موحدة للمركز يعمل بها جميع ممثلي الجهات الحكومية وتكون تحت إشراف وزارة التجارة والصناعة.