شكرا زينب وأريج وعلياء

منصور الطبيقي

قدمت لها درعا تكريمية وشكرتها أمام مدير مستشفى الأنصار بالمدينة المنورة، هذا ما فعلته مواطنة سعودية تقديرا وعرفانا لما قدمته الممرضة السعودية «زينب محمد» من عناية ورعاية فائقة لأمها المريضة وكذا أمانتها وحرصها الشديد على تسليم أمتعتها التي فقدتها قبل خروجها من المستشفى لها شخصيا، وهذه ممرضة أخرى تدعى «أريج القحطاني» التي أسعفت مصابا بطلقات نارية في مجمع تسوق بالرياض في موقف بطولي ونادر فتم مكافأتها على شجاعتها وحسن تصرفها سريعا بوظيفة رسمية بأحد مستشفيات الحرس الوطني، وثالثة تدعى «علياء الشمري» قامت بإسعاف مصابين في حالة حرجة على طريق المدينة المنورة – حائل ولم تكن هذه المرة الأولى التي تقوم بهذا العمل البطولي.
تعمدت أن أذكر أسماء هؤلاء الممرضات تقديرا وشكرا وعرفانا لما قمن به من أعمال إنسانية هي من صميم عملهن الإنساني الرائع واستحضارا لما قامت به اسلافهن الصحابيات الجليلات من أمثال المجاهدة رفيدة الأسلمية رضي الله عنها التي كانت تضمد جراح الصحابة الكرام وتداويهم.
أمثال زينب وأريج وعلياء كثيرات في مستشفياتنا ومراكزنا الصحية، ربما لم يسلط الإعلام على مواقفهن النبيلة ولكنهن يقمن بأعمالهن الموكلة إليهن يوميا بكل كفاءة واقتدار، ذلك بالرغم من نظرة البعض القاصرة لأهمية عملهن وبما يترتب عليه تقليل فرصهن في الزواج والاستقرار النفسي والعاطفي، وضغوطات العمل الشديدة التي يواجهنها والنقص الكبير الحاصل في أعدادهن بما لا يتناسب مع تقديم رعاية تمريضية فاعلة وآمنة للمرضى، وضعف المميزات والحوافز الوظيفية التي تمنح لهن كالبدلات بكافة أنواعها، وصعوبة الابتعاث في التخصصات التمريضية بالمقارنة بالأطباء والفئات الصحية الأخرى.
ومع هذه النماذج المضيئة من ممرضاتنا التي يفخر بهن الوطن برزت في السطح عينة أخرى تسيء لسمعة هذه المهنة وتؤذي الشريحة الأكبر من الممرضات المجتهدات العاملات بجد وإخلاص، هؤلاء لم يتلقين من الدراسة والتدريب اللازمين ما يشفع لهن تقديم خدمة ورعاية تمريضية جيدة ومقبولة للمرضى، وأثر ذلك بشكل مباشر على صحة وسلامة بعض المرضى، فهذه واحدة حقنت بخطأ فادح شرابا يستخدم لعلاج الكحة في وريد مريض، وأخرى أرادت غسل طفل بعد ولادته فوضعته تحت صنبور ماء ساخن حتى احترق نصفه دون أن تتلمس الماء هل هو ساخن أم معتدل، وأخريات يتعاملن ببرود وتبلد أمام حالات حرجة تحتاج تدخلا سريعا أو لا يتعاملن بلباقة واحترام مع المرضى وذويهم، وأخريات قليلات لا يلتزمن بالاحتشام والانضباط.
وفي الحقيقة مهنة التمريض ككافة المهن يوجد بها الصالح وغير ذلك، وعلى الإعلام أن يبرز الإنجازات و المواقف الإنسانية الرائعة لهن حتى تحذو الأخريات حذوهن، وأنا أوكد أننا يجب إجمالا أن نفخر بالشريحة العظمى من ممرضاتنا وأتمنى في الختام النظر في تحسين معاشاتهن وأوضاعهن الوظيفية وتطعيمهن بالخبرات التمريضية الأجنبية حتى يتعلمن منهن ويستقين من خبرتهن وخاصة في الأقسام الحرجة والتي تحتاج لكفاءات تمريضية عالية المستوى كأقسام العناية المركزة، وإعمال مبدأ الثواب والتميز للمتميزات منهن والعقاب الفوري للمتجاوزات، وتكثيف الدورات التدريبية لهن في السلامة الدوائية وسلامة المرضى وأساليب التواصل مع المرضى وأهليهم وأخلاقيات المهنة، وإعطاء فرص للمتميزات في الابتعاث في التخصصات التمريضية الهامة والمطلوبة.