ماذا بعد قمة العشرين؟

ماذا بعد قمة العشرين؟

تمثل مجموعة ثلثي التجارة الدولية وثلثي عدد سكان العالم، كما تمتلك ما يزيد عن 90 % من المواد الخام العالمية، وهذا يدل على قوة هذا التجمع الاقتصادي العملاق، والمملكة هي الممثل العربي الوحيد في المجموعة، حيث تحتل المركز 18 دوليا وفقا للمؤشرات الاقتصادية. وتهدف المجموعة إلى التفاهم بين أعضائها حيال الأزمات الاقتصادية وتعزيز الاستقرار المالي العالمي وخلق فرص حوار بين البلدان الصناعية والبلدان الناشئة. إلا أن قمة المجموعة الأخيرة في تركيا خيمت عليها أجواء استثنائية أبعدتها عن الأجواء الاقتصادية التي أنشئت المجموعة بسببها، حيث عقدت القمة بعد تفجيرات باريس وانتشار الإرهاب في المنطقة العربية ومصير سوريا ومحاربة داعش، لذلك سيطر البعد السياسي والأمني على اجتماعات القمة.
وقد استفادت المملكة في انضمامها لمجموعة العشرين من كونها عضو في كتلة اقتصادية ضخمة، بالإضافة إلى إعطائها فرصة التأثير على القرارات الدولية المهمة والمتعلقة بمستقبل الشرق الأوسط بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص. ويعتقد الاقتصاديون المحليون أن المملكة العربية السعودية توفر المزيد من فرص الاستثمار للمستثمرين من بلاد مجموعة العشرين أكثر من أي دولة أخرى؛ نظرا للاستفادة من المناطق الحرة المزمع تأسيسها في المملكة العربية السعودية.
وبشكل عام، فإن المملكة تتحمل مسؤولية كبيرة في عملية التنمية الاقتصادية في دول مجموعة العشرين لكونها القائد الفعلي في منظمة أوبك، وهذا يعني أنه في غضون اجتماع القمة، فإن رأي ومكانة المملكة العربية السعودية يحتل أهمية أكبر من معظم الدول الأخرى. وهو ما يجعل الأنظار تتجه بشكل كبير إلى كيفية استخدام المملكة لهذه السلطة، نظرا لأن جزءا كبيرا من نجاح فعالية القمة يعتمد على ذلك الأمر.
وقد سبق مشاركة المملكة في اجتماع مجموعة العشرين في أنطاليا بتركيا عدة اجتماعات دولية هامة بالنمسا للتشاور حول مستقبل سوريا، وقد كانت المملكة أحد أهم الممثلين والفاعلين في تلك الاجتماعات، وفي رأيي فإن قمة مجموعة العشرين -بسبب أحداث فرنسا- تحولت لمرحلة جديدة من مفاوضات النمسا، وكان للمملكة نصيب الأسد في اللقاءات والمبادرات سواء فيما يخض بقاء بشار أو فيما يخص محاربة الإرهاب لكونها الممثل الوحيد للدول العربية ودورها المحوري في المنطقة والعالم.
د. هدى منصور
كاتبة اقتصادية