العراق.. نزع سلاح الميليشات الاختبار الحقيقي لجدوى قرارات «شرم الشيخ»

التعهدات النظرية تجميل لصورة حكومة المالكي

رياض سهيل (بغداد)

ما أجمل التصريحات والشعارات، وما أبشع الدبلوماسية وابتسامات المؤتمرات هذا ما رآه العراقيون في نتائج مؤتمر شرم الشيخ الذي يحمل الرقم 18 من بين المؤتمرات المتعلقة بالأزمة العراقية. واذا كان رقم هذا المؤتمر 18, فمن حق العراقيين ان يتساءلوا عن ال 17 مؤتمرا السابقة ، وعن ما اسفرت عنه كل هذه المؤتمرات على ارض الواقع، وهم الذين يعانون كل يوم من المزيد من التدهور الامني والتراجع السياسي .وكل ما خرج به المؤتمر الاخير يتلخص بتعهدات عراقية مقابل تعهدات دولية واقليمية . وبالتالي ما الذي تغير في هذه.لقد تعهد الجانب العراقي باتمام المصالحة الوطنية. واتمام تلك المصالحة دونها شروط لا تأخذها الحكومة بعين الاعتبار، بل هي اليوم في مرحلة اصعب من خلال ابتعاد بعض الأطراف التي كانت مقربة منها، عنها . وتعهدت الحكومة العراقية بتوسيع المشاركة في العملية السياسية ، وبدلا من ان تجمع الحكومة المزيد من القوى السياسية من حولها، ها هي تعاني من انسحاب حزب الفضيلة من الائتلاف، والتيار الصدري من الحكومة، وتهديد جبهة التوافق السنية بالانسحاب حتى من العملية السياسية برمتها ..


بدلا من ان تعمل الحكومة على حل الميليشيات كما وعدت منذ اليوم الاول من تنفيذ الخطة الأمنية, ها هي ما زالت تراعي هذه الفئة او تلك , وتتجنب الاحتكاك بهذا الفصيل أو ذاك, وما زالت تتعامل بمكيالين تجاه الافرقاء المتخاصمين أو المتصارعين. وبدلا من تحسين ظروف المعيشة لدى الشعب العراقي, يجد العراقيون انفسهم امام تراجع كبير في الخدمات, ما يضطرهم الى تأمين خدماتهم بأنفسهم, وهذا ما يكلفهم الأثمان الباهظة التي تؤثر مباشرة على مستوى حياتهم اليومية. وكذلك الأمر بالنسبة الى تعديل الدستور, واعادة النظر بقانون اجتثاث البعث, وهما الامران اللذان ما زالا يراوحان بين الشد والجذب بين قوى السلطة والمعارضة.
اما من جانب الاحتلال , فقد نجح الامريكيون في مؤتمري شرم الشيخ بابعاد سيف الحديث عن الانسحابات وجدولتها, واستطاعوا خلال ذلك منح احتلالهم صك البراءة من كل ما يحصل في العراق, وكأن الاحتلال غير مسؤول عن كوارث هذا البلد. كما نجحوا بالظهور بمظهر الخائف على مصلحة العراق من خلال تحميل دول الجوار وحدها مسؤولية ما يجري على الساحة العراقية, وكأن لا دور لهم بالتردي والفلتان الأمني, ولا دور لهم بتعزيز الفتنة المذهبية, ولا بفرض معادلة المحاصصة الطائفية والعرقية على العراقيين منذ اليوم الاول للاحتلال, بعدما كرسوا هذا المبدأ بانشاء مجلس الحكم, وعززوه بواسطة قانون الانتخابات وطريقة تشكيل اللوائح, ومارسوا كل اشكال التفرقة بين الاطراف السياسية والاجتماعية في العراق. فأية تعهدات قدمتها الحكومة العراقية لاطراف مؤتمر شرم الشيخ؟ واية تعهدات مقابلة قدمها المؤتمرون للعراق؟ وكيف سيتم الموازنة والمقاربة بين تلك التعهدات حتى يتلمس العراقيون شيئا من التقدم في اوضاعهم؟
وفي هذا المجال, رأى القاضي وائل عبد اللطيف, النائب في البرلمان عن القائمة العراقية التي يتزعمها الدكتور اياد علاوي, وفي حديث مع “عكاظ”, ان اهم ما نتج عن المؤتمرين الاخيرين في شرم الشيخ, هو التزام الحكومة العلني امام اكثر من ستين دولة ومؤسسة بضرورة تطبيق برنامجها السياسي, وتحقيق المصالحة الوطنية وتوسيع الحوار مع الأطراف العراقية , وسن التشريعات المناسبة لتحقيق هذا الأمر بالتعاون مع مجلس النواب وهيئة الرئاسة, وادخال الاصلاحات الاقتصادية الضرورية بين الفترة الممتدة من العام الحالي حتى عام 2011م. بالاضافة الى التزام الحكومة بحل الميليشيات المسلحة على ارض العراق , مما يساعد على تعزيز دور السلطة واضعاف دور الاحزاب المهيمنة على قراراتها.
ورأى ان خفض ديون العراق بنحو 30 مليار دولار اميركي يوازي ثلثي ميزانية الحكومة الحالية. وهذا يعتبر نجاحا كبيرا للحكومة اذا ما تحقق هذا الخفض. وربط نجاح الحكومة بتحقيق التزاماتها بضرورة تضافر جهود القوى السياسية المحيطة بها, خاصة تلك التي شاركت في العملية السياسية, مع ضرورة جذب قوى اخرى لم تشارك أصلا, من خلال تحقيق بعض المطالب الضرورية والمحقة لهذه القوة.