ماء المنطقة العكر..؟!

صدقة يحي فاضل

مصطلح «الماء العكر» هو وصف غالبا ما يعني: وضع غير سليم وغير سوي وغير طبيعي لشخص، أو جماعة، أو دولة، أو منطقة ما. بل يمكن أن ينطبق على أي شيء في وضع سيئ وغير نقي. و«تعكير ماء» الشيء يعنى – بالتالي – تلويثه، وتخريبه، وضرب صفائه، ووضعه في مسار سلبي. ويمكن القول الآن بأن منطقتنا العربية (التي يشار إلى معظمها غالبا بـ«منطقة الشرق الأوسط») هي -كما ذكرنا مرارا- أكثر مناطق العالم اضطرابا وعدم استقرار... بعد أن عكر ماءها، واختلطت الأوراق فيها.
هذه المنطقة تسود فيها، منذ حوالى نصف قرن، الاضطرابات والخلافات والصراعات والحروب الدامية فيما بين أغلب أهلها. لقد عكرت: الطائفية، والمذهبية، والاستبداد السياسي، والعنصرية، إضافة إلى الإمبريالية والصهيونية، معظم ماء هذه المنطقة... فأصبح آسنا ملوثا وغير صالح لشرب الإنسان وحياته بشكل طبيعي. ونتج عن هذا العكر ما نتج من فوضى، واضطراب وقلاقل وماس في طول المنطقة وعرضها. فالتعكير سبب هذه المصائب والمحن... ونتيجة أيضا لها.
****
صحيح، أن العكر لا يكاد يخلو مكان في العالم منه. ولكن زيادته عن الحد المقبول، والممكن التعايش معه، قادت إلى هذه الأوضاع السيئة، وذلك الاضطراب المدمر والمزلزل. وقد وصل هذا العكر في منطقتنا العربية لدرجة عالية، وغير مسبوقة، بل بالغة الخطورة... كما أن تفاقم الخلافات والصراعات والحروب فيها إلى الدرجة التي نشهدها الآن، ستؤدي للمزيد من الفوضى والقتل والتدمير، إن لم يتم تطبيع الوضع.
ولا توجد – بالطبع – «مصاف» وآلات.. يمكن استخدامها لـ«تنقية» مياه هذا الإقليم الذي هو الآن في أمس الحاجة إلى هذه التنقية، بعد أن استشرى فيه التدمير وسفك الدماء، والفوضى... التي يصفها البعض بـ«الخلاقة»... وتعتبر، بالنسبة لغالبية المعنيين، كارثية، بكل المقاييس.
إن المستفيدين من هذه المصائب يريدون أن تتمخض هذه الفوضى عن تقسيم وشرذمة المنطقة أكثر... الأمر الذى سيسهل لهم الهيمنة عليها بشكل أكبر، وأكثر استدامة. بينما على المتضررين أن يتوقعوا مزيدا من التعكير والبؤس... إن استمرت هذه الفوضى وتفاقمت أكثر، ولم يتحركوا هم لتدارك ما يمكن تداركه.
****
إن مسؤولية تنقية مياه المنطقة تقع، بالطبع، على أهلها أولا، ثم على المجتمع الدولي والإنساني ثانيا، وخاصة أولئك الذين ما زالت ضمائرهم حية في ذلك المجتمع. أما كيف تتم التنقية، فعبر إجراءات سياسية معروفة، واستحداث وتبني النظم السياسية الحديثة القادرة على استيعاب كل فئات كل بلد معني في بوتقة واحدة، وتحقيق صالحهم العام المشترك، دون تمييز عنصري، أو فئوي، بل عبر التأكيد الفعلي على العدالة ومساواة الناس جميعا أمام القانون، في الحقوق والواجبات.
تلك هي «وسيلة» تنقية مياه هذه المنطقة الرئيسة مما يشوبها من تلوث وعوامل سامة، وإنقاذها من هذا العكر، وما ينجم عنه من اضطراب وعدم استقرار، وخلافات وصراعات وحروب مشتعلة، أو في سبيلها للاشتعال. ترى، متى تتمكن هذه المنطقة البائسة من الاستفادة بالفعل من هذه الوسيلة (الدواء) والفكاك من مأزقها، والنجاة من وضع إنساني وحضاري مزر، ومدمر...؟!

للتواصل أرسل sms إلى 88548
الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303
زين تبدأ بالرمز 121 مسافة ثم الرسالة