وزارة التعليم والنادي الأهلي

علي مكي

قرأت أمس أن الأمير خالد بن عبدالله أهدى عشقه النادي الأهلي جائزة التميز في مجال الرياضة والشباب التي حصل عليها «أبو فيصل» الأسبوع الماضي من مجلس التعاون الخليجي تقديرا لإسهاماته الكبيرة التي تتجاوز الجائزة نفسها وتتجاوز كل الجوائز الرياضية.. وعندما يهدي الأمير خالد قيمة الجائزة للنادي الأهلي فهو أمر بديهي جدا كون الرمز الأهلاوي كان قد أنفق على ناديه عشرات الملايين إن لم يكن مئاتها طيلة العقدين الأخيرين.. وأن يحصد الأمير خالد جائزة التميز فهو أمر يضيف إلى الجائزة لأن الفائز بها هذه المرة هو صاحب ومؤسس النظريات الحديثة رياضيا وكرويا في بلادي وصاحب الفكر الرياضي الخلاق الذي سيصنع المستقبل المضيء للكرة السعودية فكرا وممارسة.
ولو لم ينجز الأمير خالد بن عبدالله سوى ذلك التنظيم الإداري والفني داخل النادي الأهلي من خلال الأكاديمية ومركز الأمير عبدالله الفيصل لقطاع الناشئين والشباب لكفاه ذلك، فالبيئة التي أوجدها ورسمها وشكلها الأمير خالد لصغار هذا الوطن لتكون حاضنة ومدرسة كروية وتربوية وفكرية وتثقيفية وصحية، تصقل مواهبهم في كرة القدم وتصنع في نفس الوقت شخصياتهم وعقلياتهم وأفكارهم بما يخدم أنفسهم أولا وبما يخدم النادي الذي يمثلونه والبلد الذي ينتمون إليه في النهاية، فضلا عن الإضافة التي سيشكلونها لمجتمعهم من خلال محيطهم الأسري والدراسي عبر إشاعة كل القيم الرياضية والسلوكية والأخلاقية التي اكتسبوها وتعلموها على أنها جزء لا ينفصل عن الرياضة التي يمارسونها داخل الأكاديمية كل يوم.
إن أكاديمية النادي الأهلي هي أعمق مما يصوره ويكرسه الآخرون من أنها مكان لرعاية البراعم وتدريبهم فنون ومهارات وركل كرة القدم من أجل أن يكبروا ويحققوا البطولات والكؤوس.. هذه نظرة سطحية تظلم هذا المشروع الوطني الأخضر النبيل.
إنها، أي أكاديمية النادي الأهلي، أعمق بكثير من هذه النظرة المحلية، فحسب ما وقفت عليه بنفسي ورأيته بعيني، تبدو الأكاديمية من الخارج حاضنة لمواهب كروية، فيما هي من الداخل تنطوي على حقيقة أجمل، حيث باطنها بيئة هيئت لصناعة إنسان سعودي قادر على التفوق والتميز ومواجهة التحديات والصعاب وبناء ذاته ومجتمعه ووطنه والإسهام في صنع الحضارة الإنسانية عبر رياضة كرة القدم ووفق برامج علمية حديثة تراعي المتدرب والمكان والزمان.
كما يمكن لي أن أسمي الأكاديمية مصنعا بشريا يهدف لإعادة صياغة الإنسان رياضيا وكرويا وفكريا وصحيا وسلوكيا، كل ذلك معا، من منطلق ما تقدمه الرياضة من «مهارات حياتية ضرورية لحياة مثمرة».. والمستقبل القريب كفيل بإنصاف هذه التجربة الفريدة!.
وهأنذا أكرر الدعوة لوزارة التعليم أن تستفيد من تجربة أكاديمية النادي الأهلي وبرامجها المتنوعة، كذلك الأكاديميات التي بدأت تظهر للتو أو هي في طريقها للظهور، يجب أن تستفيد من التجربة الراقية لا أن تكون مجرد عمل ارتجالي عشوائي أو تقليد شكلاني وبهرجة إعلامية تتكئ على أسماء أندية عالمية شهيرة.
هل تعلمون لماذا يبدع الأمير خالد في النظرية وينجح في التطبيق أيضا دون أدنى خلل أو فجوة بينهما؟.. لأنه ظل ولا يزال يمارس «الصمت كرياضة روحية»!.