قبل انقشاع سحابة دولارات النفط

عبدالرحمن محمد المطوع

كل متابع للاقتصاد المحلي يرصد تغييرا في منهج وآليات تفكير القيادة السعودية تجاه القضايا الدولية والمحلية خصوصا. وأبرز تلك التوجهات هي جمل نكررها في كل مقام وهي هاجس كبير لنا جميعا مثل تنويع مصادر دخل الدولة وإعادة النظر في الإنفاق.
هذا الطرح ليس جديدا لكنه متجدد ويبرز كل يوم ينخفض فيه سعر برميل النفط دولارا أو أكثر. فعدا عن الالتزامات المحلية والدولية التي تناط بنا في السعودية فهناك أساسيات يجب على المنفذين للإستراتيجيات التركيز عليها، كالمحافظة على نسب الاحتياطي النقدي، وإعادة النظر في كل ما قد يضيع فرصا على الوطن.
ومن تلك التوجهات التي بدت تتضح معالمها، سرعة البت في ملفات تخصيص المؤسسات الحكومية القابلة للإسناد كاملة، أو مشاركة مع القطاع الخاص. والاستفادة من الصناديق الاستثمارية العامة، بكل صورها، لاقتناص فرص مواتية بأسواق أوروبية أو أمريكية مستقرة وبعيدة قدر المستطاع عن التقلبات السعرية القوية.
ويضاف إلى ما سبق، هناك كنز ثمين حبا الله به البلاد، عدا عن الحرمين الشريفين والنفط والمعادن، هم الشباب المواطن وبأعدادهم الحالية وخبراتهم وتعليمهم وحبهم لهذا الكيان، يشكلون ثروة لا يستهان بها. فمثل ما كان لدول شرق آسيا النهضة بالعقول والهمة، يمكن أن نركز على هذا المكتسب وننمية ونطوره، لكي لا يبقى الوطن رهينة مضاربات معادن ونفط بل يعتد بعقول رجاله الاقتصادية ويستفيد من تلك الثروات بشكل أكبر.
ولكي أعطي مثالا فإن أي براءة اختراع في مجال الصناعات التحويلية النفطية يعد ثروة لمالكها سواء كان شخصا أو كيانا أو مركز أبحاث أو جامعة. وهذا يفتح مجالا لماذا لا نقوي مراكز أبحاثنا لتعنى بالصناعات القائمة على مواد خام متاحة في الأراضي السعودية وبكميات اقتصادية طويلة المدى؟
لهذا فلنركز ونحن صادقون في تطوير بلادنا ونشد من حزام الإنفاق غير المقنن، ونعمل على جعل السعودية رقما صعبا في السوق الدولي، بالأفكار والاختراعات والتطوير. ولا نكون كالقائمين على محطة وقود نودع المسافرين على الطرق السريعة ولا نراهم مرة أخرى، فلو انتهى النفط أو تطورت أنظمة الطاقة واستغني عنه، ليس هناك سبب لكي يعود الزوار ويبقي بلادي كما هي.
قبل أن نعرف الجواب فلنعمل بصمت بعيدا عن الإعلام ولنفاجئ العالم، كما كنا خلال الأشهر الماضية نفعل، ولتكن عاصفة حزم ضد الفساد والبذخ، ونصنع تاريخا بتنويع مصادر دخلنا واستثمار شبابنا، وليس مجرد بند في خطة عقيمة يلقيها مسؤول ليحمي نفسه عند سؤاله. ما فعلت خلال فترة عملك؟