دم ريهام.. «البرمودا» .. والميت الحي!

«عكاظ» تبحث في قصص «مستشفى جازان» القديمة

دم ريهام.. «البرمودا» .. والميت الحي!

ياسر عبدالفتاح (جدة)

قبل نحو عامين، منعت إدارة المستشفى العام في جازان، شبانا يرتدون «البرمودا» من عبور المدخل، وطلبت منهم العودة إلى بيوتهم مع الالتزام بالمظهر اللائق قبل الرجوع مجددا، غير أن التفاصيل «الصغيرة» هذه -كما يقول مراجعون- لم تمنع وقوع مخالفات و«فواجع» كبيرة لم تبدأ بالصبية «ريهام» المحقونة بالإيدز، ولن تنتهي بحريق فجر أمس، إن لم تتحرك وزارة الصحة في أعلى مستوياتها لإيقاف الخروقات والعثرات الكبيرة التي شهدها المستشفى في الفترات الماضية.

عبارات خالدة
في مارس العام الماضي، رفض ذات المستشفى استقبال المرضى وأجبرهم على اللجوء إلى المستوصفات الخاصة. ومن بين الحالات تلك، حالة طفل رفضوا إسعافه بالأوكسجين، وعقّبت صحة جازان وقتذاك على اعتراضات المرضى المرفوضين بالعبارة الخالدة «سنحاسب المقصرين إن ثبت تقصيرهم»..!
مثل هذه الردود المعلبة تأتي في غالب الأحوال، لتخفيف الضغط على القيادات العاملة في المستشفى.. بل في كل المستشفيات، ويصف المراجعون تعقيبات العلاقات العامة بأنها هروب وفرار منظم إلى الأمام.

مضاربة الطوارئ
في فبراير من العام الماضي، نقلت بعض المواقع قصة مقيمة عربية انهالت بالضرب المبرح على ممرضة في قسم طوارئ النساء والولادة، ومع شجب «تهور» المريضة، إلا إن تدافعات وضيق القسم وشح أسرته وتلكؤ بعض العاملين فيه، لا يخرج عن الأسباب التي تدفع بعض المرضى إلى الانفعال والغضب، المراجعون يقولون «ما يحدث في مستشفى جازان من اختلالات وخروقات، نتيجة حتمية لتواضع مستويات بعض الكوادر العاملة».
في شهر مايو عام 2014، شكا مراجع لذات المستشفى عن تعطل سيارة الإسعاف بسبب انقطاع وقودها ما منعه من نقل أحد أقاربه إلى مستشفى آخر يتوفر فيه الوقود. معتبرا الواقعة «قمة التردي الإداري والفني»، غير أن المتحدث الرسمي في الصحة نفى الواقعة بحسم وشدة «هذا غير صحيح فجميع سيارات الإسعاف مجهزة ومعدة دائما للتعامل مع الحالات الطارئة ومزودة بالوقود وفق آلية يستخدمها قسم الخدمات والحركة بالمديرية العامة للشؤون الصحة».

فاكس متعطل
النفي الرسمي لم يمنع مراجعي مستشفى جازان من توجيه سهام النقد إلى ما اعتبروه «عوائق ومطبات» تمنع خدمتهم منها -مثلا- تعطل جهاز الفاكس في مكتب المدير المناوب، الأمر الذي عطل كثيرا من المخاطبات الطارئة ونقل الحالات الحرجة.. وبحسب مراجعين فإنهم اضطروا إلى البحث عن مكاتب اتصالات ومحلات تصوير لإرسال معاملاتهم إلى الجهات المعنية.

لف ودوران
قسم النساء والولادة الذي شهد فاجعة فجر الخميس، شهد أيضا في فترات لاحقة إشكالات واضحة في جوانب وفرة الأسرة، وعزت مصادر مطلعة وقتذاك الأسباب إلى «قلة الإمكانات»!
وزادت من وطأة «قلة الإمكانات» المزعومة حفرية أمام باب الطوارئ، أجبرت المراجعين على اللف والدوران فرارا من تربص الحفرية الطارئة، لكن صحة جازان ردت بالقول إن قلة الأسرة في الطوارئ في طريقها للمعالجة عن طريق تأسيس برنامج نظام فلترة الحالات ما يسهم في تقليل الضغط وتجويد الأداء.

دم ريهام
الحفريات وقلة الأسرة وملاسنات المستشفى، تبقى أهون الإشكاليات أمام واقعة الطفلة ريهام التي خضعت إلى نقل دم ملوث بفيروس الإيدز، وهو الأمر الذي وصفته قيادات في المنطقة بأنه «خطأ لا يغتفر» ورسمت الواقعة الأليمة حالة حزن واسعة دفعت وزارة الصحة إلى نقل ريهام للعلاج في الرياض.. وكانت إدارة مستشفى جازان أكدت في إفادات لا علاقة لها بنقل دم الطفلة، بأن مخزون الدماء جيد.. وأن أي نقص يتم تأمينه من مستشفيات أخرى. وخلقت حالة ريهام أشكالا من ردود الأفعال على «خروقات المستشفى».. وفي البال مقطع فيديو بث في العام 2010 -قبل واقعة نقل الدم- يظهر صرصورا يسرح ويمرح على سرير مريض!

دفن الفريون
في ديسمبر 2014، كشفت فرقة الدفاع المدني تورط شركة صيانة متعاقدة مع المستشفى في عمليات دفن أسطوانات وأنابيب غاز فريون وطفايات حريق في أحواض ترابية قرب مدخل وحدة غسيل الكلى، وألزم الدفاع المدني الشركة المعنية بمعالجة الخلل واستعادة المدفون ودفنها في المكان المناسب.. وثارت وقتها تساؤلات كثيفة من المتابعين عن صمت المستشفى أمام هكذا مخالفة!
وسارعت الصحة إلى الدفاع عن موقفها بالقول إن ما حدث تصرف فردي من عامل تمت معاقبته. وفي واقعة أخرى احتجت ممرضة على تصرف مجهولين على تصويرها وبث مقاطع في «واتس أب» أثناء أدائها لمهامها في قسم الطوارئ.

خطأ فني!
أثار المقطع مخاوف الممرضات في أن يكون المقطع قد التقط بواسطة غرفة التحكم. وذكرت إدارة المستشفى وقتذاك في تصريح تطميني أنها أجرت تحريات واسعة لمعرفة المتسبب، مشيرة إلى أن كل المستشفيات تحتوي ممراتها على كاميرات مراقبة، لكنها بعيدة عن الأقسام النسائية.. ويأمل متابعون أن تكشف هذه العدسات البعيدة تفاصيل بداية حريق فاجعة الخميس.
وفي واقعة تكشف بعض الاختلالات، تعرض المدير المناوب إلى اعتداء بعد ورود نبأ لإحدى الأسر عن وفاة طفلهم، وتبين لاحقا أن الصغير على قيد الحياة.. وسارعت الصحة بتقديم اعتذار لأسرة الطفل عن «الخطأ غير المقصود» مع تمنياتها الطيبة للصغير الحي بالصحة والعافية!
في فبراير العام 2014 فوجئ مراجعو المستشفى بعامل نظافة يجلس على مقعد استقبال المختبر لتسلم عينات التسليم وتسليم النتائج للمرضى.. هو أمر اعتبره بعض المراجعين «تدنيا وإهمالا كبيرين».. انتهى بحريق فجر أمس !