بداية الحل!
الجمعة / 14 / ربيع الأول / 1437 هـ الجمعة 25 ديسمبر 2015 20:19
عبدالاله الهوساوي
تنبيه: هذه القصة خيالية ولكن مبنية على حقائق واقعية. إذا كان هنالك تشابه في الأسماء أو الأماكن فهو بمحض الصدفة البحتة
في أحد مدن المملكة، هنالك مستشفيان: أحدهما خاص والآخر حكومي. المستشفى الخاص لديه 8 غرف عمليات جراحية بينما المستشفى الحكومي لديه 15 غرفة عمليات جراحية.
وعلى الرغم من ذلك، هذه إحصائيات العمليات الجراحية شهريا في المستشفيين:
المستشفى الخاص: 1200 حالة جراحية شهريا مع نسبة تشغيل تصل إلى 94%
المستشفى الحكومي: 600 حالة جراحية شهريا مع نسبة تشغيل لا تصل إلى 50%
تتبادر إلى الأذهان بعض الأسئلة البديهية:
كيف استطاع المستشفى الخاص بغرف العمليات الأقل (8 غرف عمليات للمستشفى الخاص مقابل 15 غرفة عمليات للمستشفى الحكومي) أن يعمل هذا العدد الكبير من العمليات (ضعف عدد العمليات بنصف عدد غرف العمليات تقريبا)؟
لماذا هذا التفاوت الكبير في نسبة التشغيل بين المستشفيين؟
إذا استطاع المستشفى الحكومي زيادة التشغيل في غرفة العمليات، على سبيل المثال: من 50% إلى 94%، ما هو تأثير ذلك على لوائح الانتظار والتي قد تصل إلى شهور وربما سنين لبعض العمليات الجراحية؟! وماذا عن زيادة نسبة التشغيل في المستشفيات الأخرى؟
مما لا شك فيه أن هنالك مواطن كثيرة في القطاع الصحي تعاني من ضعف الفاعلية، وما المثال الذي ذكرته بخصوص غرفة العمليات إلا نقطة في بحر من المشاهد التي يحصل فيها هدر للوقت والمال مما يؤثر سلبا على صحة المرضى ورضا المجتمع عن الخدمات الطبية المقدمة.
جميعنا يعلم أن الدولة تنفق سنويا المليارات من الريالات لتحسين أوضاع القطاع الصحي، وكل ما سأقترحه في هذا المقال، هو إستراتيجية لزيادة الفاعلية والتقليل من الهدر حتى نتمكن من الاستفادة القصوى من هذه المبالغ التي تنفقها الدولة بسخاء في مجال الصحة.
أنا هنا بصدد الحديث عن التمويل الصحي الاستراتيجي أو ما يعرف بـ: Value Based Purchasing لشرح هذه الإستراتيجية، نحتاج إلى توضيح بعض الأمور الأساسية فيما يتعلق باقتصاديات الصحة:
- هنالك طريقتان للتمويل الصحي:
1- التمويل عن طريق المدخلات (وهو الوضع المعمول به حاليا في مستشفياتنا!)
(Input Based Financing)، مثال: وضع ميزانية المستشفيات بناء على عدد الأسرة، أو دفع رواتب الأطباء بناء على نظام وزارة الخدمة المدنية (بمعنى آخر يتساوى المجتهد وغير المجتهد في نفس الراتب!).
2- التمويل عن طريق المخرجات
(Output Based Financing)، مثال: وضع ميزانية المستشفيات بناء على عدد الحالات التي تتعامل معها ومخرجات العلاج، أو دفع رواتب الأطباء بناء على عدد الحالات التي يعالجونها ومخرجات هذا العلاج!
بناء على ما ذكرت أعلاه، سأقوم بوضع اقتراح بين يدي صناع القرار وأرجو أن يؤخذ بعين الاعتبار من الوزارات المعنية مثل وزارة المالية ووزارة الصحة:
ماذا لو اعتمدت رواتب الموظفين في القطاع الصحي، على الأداء؟ ولكوني جراحا، سأقوم بوضع المثال التالي في تخصص الجراحة:
لو قلنا إن معايير قياس الأداء (KPI) في تخصص الجراحة هي كالتالي:
- معدل الحالات الوطني لعدد الحالات الجراحية: 30 حالة شهريا / للجراح الواحد في أحد التخصصات.
- معدل نجاح العملية في أحد التخصصات: 90%
إذن، سيكون هنالك ثلاثة سيناريوهات فيما يتعلق براتب الجراح:
- السيناريو الأول: أن يقوم الجراح بأداء عدد 30 حالة شهريا، وفي هذه الحالة يأخذ الراتب كاملا.
- السيناريو الثاني: أن يقوم الجراح بأداء عدد أقل بكثير من 30 حالة شهريا، وفي هذه الحالة يأخذ الراتب ناقصا بنسبة النقص في الحالات.
- السيناريو الثالث: أن يقوم الجراح بأداء عدد أكثر من30 حالة شهريا، وفي هذه الحالة يأخذ الراتب كاملا، بالإضافة إلى زيادة تعتمد على نسبة الحالات التي قام بها زيادة عن المعدل الوطني.
يراعى في هذه الإستراتيجية، المخرجات، بمعنى آخر الكم والكيف!
ما ينطبق على التخصصات الجراحية، ينطبق على جميع التخصصات الأخرى، فمن الممكن إيجاد معايير لقياس الأداء في جميع التخصصات الطبية، وربط التعويض المالي للأطباء بناء عليها.
لكي نتمكن من تطبيق هذه الإستراتيجية بطريقة صحيحة، يجب من وضع سياسات وقوانين وطنية تسمح بحركة الممارسين الصحيين بين القطاعات الطبية المختلفة بطريقة سلسة تخدم مصلحة المرضى، ويجب كذلك التركيز على العوامل التي تزيد من إنتاجية المستشفيات والمراكز الصحية.
كما ذكرت في مقالات سابقة، إن الطريقة الوحيدة لإصلاح وضع القطاع الصحي يجب أن تعتمد على إستراتيجية متكاملة تغطي اللبنات الأساسية الست للقطاع الصحي (Building Blocks)، وما الاقتراح الذي تقدمت به هنا فيما يتعلق بالتمويل الصحي الاستراتيجي، إلا بداية الحل في إصلاح أوضاع القطاع الصحي وترجمة المبالغ الطائلة التي تنفق على النظام الصحي إلى جودة عالية وسلامة للمرضى.
في أحد مدن المملكة، هنالك مستشفيان: أحدهما خاص والآخر حكومي. المستشفى الخاص لديه 8 غرف عمليات جراحية بينما المستشفى الحكومي لديه 15 غرفة عمليات جراحية.
وعلى الرغم من ذلك، هذه إحصائيات العمليات الجراحية شهريا في المستشفيين:
المستشفى الخاص: 1200 حالة جراحية شهريا مع نسبة تشغيل تصل إلى 94%
المستشفى الحكومي: 600 حالة جراحية شهريا مع نسبة تشغيل لا تصل إلى 50%
تتبادر إلى الأذهان بعض الأسئلة البديهية:
كيف استطاع المستشفى الخاص بغرف العمليات الأقل (8 غرف عمليات للمستشفى الخاص مقابل 15 غرفة عمليات للمستشفى الحكومي) أن يعمل هذا العدد الكبير من العمليات (ضعف عدد العمليات بنصف عدد غرف العمليات تقريبا)؟
لماذا هذا التفاوت الكبير في نسبة التشغيل بين المستشفيين؟
إذا استطاع المستشفى الحكومي زيادة التشغيل في غرفة العمليات، على سبيل المثال: من 50% إلى 94%، ما هو تأثير ذلك على لوائح الانتظار والتي قد تصل إلى شهور وربما سنين لبعض العمليات الجراحية؟! وماذا عن زيادة نسبة التشغيل في المستشفيات الأخرى؟
مما لا شك فيه أن هنالك مواطن كثيرة في القطاع الصحي تعاني من ضعف الفاعلية، وما المثال الذي ذكرته بخصوص غرفة العمليات إلا نقطة في بحر من المشاهد التي يحصل فيها هدر للوقت والمال مما يؤثر سلبا على صحة المرضى ورضا المجتمع عن الخدمات الطبية المقدمة.
جميعنا يعلم أن الدولة تنفق سنويا المليارات من الريالات لتحسين أوضاع القطاع الصحي، وكل ما سأقترحه في هذا المقال، هو إستراتيجية لزيادة الفاعلية والتقليل من الهدر حتى نتمكن من الاستفادة القصوى من هذه المبالغ التي تنفقها الدولة بسخاء في مجال الصحة.
أنا هنا بصدد الحديث عن التمويل الصحي الاستراتيجي أو ما يعرف بـ: Value Based Purchasing لشرح هذه الإستراتيجية، نحتاج إلى توضيح بعض الأمور الأساسية فيما يتعلق باقتصاديات الصحة:
- هنالك طريقتان للتمويل الصحي:
1- التمويل عن طريق المدخلات (وهو الوضع المعمول به حاليا في مستشفياتنا!)
(Input Based Financing)، مثال: وضع ميزانية المستشفيات بناء على عدد الأسرة، أو دفع رواتب الأطباء بناء على نظام وزارة الخدمة المدنية (بمعنى آخر يتساوى المجتهد وغير المجتهد في نفس الراتب!).
2- التمويل عن طريق المخرجات
(Output Based Financing)، مثال: وضع ميزانية المستشفيات بناء على عدد الحالات التي تتعامل معها ومخرجات العلاج، أو دفع رواتب الأطباء بناء على عدد الحالات التي يعالجونها ومخرجات هذا العلاج!
بناء على ما ذكرت أعلاه، سأقوم بوضع اقتراح بين يدي صناع القرار وأرجو أن يؤخذ بعين الاعتبار من الوزارات المعنية مثل وزارة المالية ووزارة الصحة:
ماذا لو اعتمدت رواتب الموظفين في القطاع الصحي، على الأداء؟ ولكوني جراحا، سأقوم بوضع المثال التالي في تخصص الجراحة:
لو قلنا إن معايير قياس الأداء (KPI) في تخصص الجراحة هي كالتالي:
- معدل الحالات الوطني لعدد الحالات الجراحية: 30 حالة شهريا / للجراح الواحد في أحد التخصصات.
- معدل نجاح العملية في أحد التخصصات: 90%
إذن، سيكون هنالك ثلاثة سيناريوهات فيما يتعلق براتب الجراح:
- السيناريو الأول: أن يقوم الجراح بأداء عدد 30 حالة شهريا، وفي هذه الحالة يأخذ الراتب كاملا.
- السيناريو الثاني: أن يقوم الجراح بأداء عدد أقل بكثير من 30 حالة شهريا، وفي هذه الحالة يأخذ الراتب ناقصا بنسبة النقص في الحالات.
- السيناريو الثالث: أن يقوم الجراح بأداء عدد أكثر من30 حالة شهريا، وفي هذه الحالة يأخذ الراتب كاملا، بالإضافة إلى زيادة تعتمد على نسبة الحالات التي قام بها زيادة عن المعدل الوطني.
يراعى في هذه الإستراتيجية، المخرجات، بمعنى آخر الكم والكيف!
ما ينطبق على التخصصات الجراحية، ينطبق على جميع التخصصات الأخرى، فمن الممكن إيجاد معايير لقياس الأداء في جميع التخصصات الطبية، وربط التعويض المالي للأطباء بناء عليها.
لكي نتمكن من تطبيق هذه الإستراتيجية بطريقة صحيحة، يجب من وضع سياسات وقوانين وطنية تسمح بحركة الممارسين الصحيين بين القطاعات الطبية المختلفة بطريقة سلسة تخدم مصلحة المرضى، ويجب كذلك التركيز على العوامل التي تزيد من إنتاجية المستشفيات والمراكز الصحية.
كما ذكرت في مقالات سابقة، إن الطريقة الوحيدة لإصلاح وضع القطاع الصحي يجب أن تعتمد على إستراتيجية متكاملة تغطي اللبنات الأساسية الست للقطاع الصحي (Building Blocks)، وما الاقتراح الذي تقدمت به هنا فيما يتعلق بالتمويل الصحي الاستراتيجي، إلا بداية الحل في إصلاح أوضاع القطاع الصحي وترجمة المبالغ الطائلة التي تنفق على النظام الصحي إلى جودة عالية وسلامة للمرضى.