ضرس العقل !

ياسر أحمدي

ظل طبيب الأسنان في المستشفى مشغولا بمحادثة في «واتساب» ثم استعاد وقاره حين دلفت إلى مكتبه البيضاوي. نظر إلى وجهي البشوش ثم استعان بشواكيش محكما قبضته على فكيّ ثم أجهش بالبكاء قبل أن أجهش!
لم تكن «إجهاشة» طبيب الإسنان هي الأولى، إذ سبقتها أخرى في سبعينات القرن المنصرم عندما خرجنا، نحن طلاب الابتدائية، في موكب مهيب إلى الوحدة الصحية، حيث يستطاب للطلاب «الفركة» من الحصة الأولى بحجة الإسهال والسعال. انفجر الطبيب بالبكاء حسرة على مستقبلي، فالبدايات تنبئ بالنهايات، كيف لصبي لم يبلغ الحلم يهرب من مدرسته بهذه الفذلكة والحبكة الدراماتيكية والكذب منذ الصغر!
نعود إلى طبيب «الوتساب»: سنانك بايظة يا فندم، أنا مضطر أخلع ضرس العقل، قالها بقوة، ثم استجلب «زرادية» والله «زرادية»، فخلع العقل وأحدث ثقبا عظيما في اللثة لا تمحو آثاره كل السنين ومازلت أشعر بالرعب من أطباء الأسنان. لم أشأ مقاضاته باعتبار أن من استقدمه دون فحص شهاداته لم يكتشف حتى اللحظة أن هذا الطبيب غشاش، ومجرد سبّاك محترم، تعلم الصنعة على أفواه جموع المواطنين والمقيمين.
ليس من الموضوعي توجيه كل سهام النقد إلى مدير مستشفى جازان في الفاجعة، فالرجل الذي انتدب نفسه إلى ورشة عمل قبل يوم من الحريق يتحمل بعض المسؤولية، غير أن الخطأ على من ابتعثه إلى الورشة دون مراجعة أسلاك المستشفى العارية بواسطة ورشة محترمة - فتأمل رعاك الله حال المستشفى.
.. أرجو ألا يغضب مني المسؤولون، وإن غضبوا فمعذرة .. هذا حال كاتب خلع ضرس «العقل» ولا يزال تائها يبحث عن عقله عند أبو زرادية!