الميزانية تحاكي نهج العم «الغامدي»

حسام الشيخ (جدة)

على دكته الخشبية، اعتاد العم عبدالله الغامدي أن يقضي بعض وقته كل يوم، يحلق ببصره هنا وهناك، لا يفارق يده ذلك الـ «راديو» الصغير ذو البطاريات الرفيعة الذي ابتاعه من سوق القرية الكبير قبل سنوات. يضع مذياعه الصغير على أذنه، فهو مصدره الوحيد في متابعة أخبار الدنيا من حوله.
صبيحة أمس الأول لم يكن يوما عاديا في حياة العم عبدالله إذ حرص في وقت مبكر على شراء بطاريات جديدة لمذياعه، ليتابع من خلاله إعلان الميزانية العامة للمملكة، رغم دعوة أبنائه لمتابعتها من خلال التلفزيون السعودي.
ورغم بساطة العم عبدالله وعدم درايته بالقراءة والكتابة، إلا أن متابعته للأخبار، وخاصة الاقتصادية كل يوم، أكسبته خبرة من نوع خاص، فهو يدرك تماما ما تعنيه أرقام الميزانية، كما يعي ما المقصود بإجمالي الإيرادات أو عجز الموازنة.
علامات الرضا على وجهه لدى سماعه أخبار الميزانية، كانت المؤشر الإيجابي وراء الأرقام المعلنة أمس الأول، ورغم توقعاته بزيادة الأسعار في ظل ما تمر به المنطقة من تحديات على المستوى الاقتصادي والسياسي، إلا أنه لم يخفِ رضاه بالارتفاع البسيط في أسعار البنزين، بعدما قارنها بالأسعار في بعض الدول المجاورة التي يسافر إليها بين الحين والآخر لزيارة ابنه المقيم هناك.
الوانيت الذي يستخدمه الغامدي يعمل ببنزين 91، والسيارة التي اشتراها مؤخرا لابنه الأصغر تحتاج إلى بنزين 95، والارتفاع الذي شهده الصنفان ولا يزيد عن 30 هللة لن يؤثر سلبا على ميزانيته المتواضعة، كما يدرك أن فاتورة الكهرباء الخاصة بمنزله لن تتأثر بارتفاع الأسعار الذي لا يمس سوى أصحاب المداخيل المرتفعة، ولم يحمل هما للزيادة الطفيفة في أسعار المياه كونه أحد المنادين دوما بترشيد المياه، ويعرف قيمة هذه النعمة قبل أن تصبح متوفرة عبر شبكات المياه في جميع أنحاء المملكة، فيما استبشر خيرا بثبات أسعار أسطوانات الغاز، وحصر ارتفاعها على الاستخدامات الصناعية.
وأخيراً يرى العم عبدالله أن الميزانية تتوافق مع منهجه في الترشيد الذي اعتمده طوال حياته