زنقة أم واحة مكة؟

محمد آل سلطان

الزنقة كلمة دارجة في دول المغرب العربي ويقصد بها المكان أو الممر الضيق، ومنها (زنقة الستات) في إسكندرية مصر، وهو سوق يرتاده النساء أشبه بالمتاهة الضيقة. وللكلمة في حارات مكة تصريفات ومعان وإيحاءت عدة يعرفها من ارتوى من زمزم حتى ابتلت عروقه!!. و(زنقة) أصبحت دارجة في الوطن العربي كله بعد أن هدد القذافي شعبه بأن يلاحقهم زنقة زنقة!!.
أما الواحة المكتوبة في عنوان المقال فليست المكان الفسيح الأخضر الذي يسكن ويرتاح فيه وإليه الناس، بل هي أول مشروع سكني يتم بالشراكة ما بين الشركات التي اخترعتها وتملكتها الأمانات!! وشركات القطاع الخاص.
وقبل أن نضيع ما بين الزنقة والواحة!!، فالقصة أن أمانة العاصمة المقدسة أسست شركة (البلد الأمين) وأقطعتها عشرات الملايين من الأمتار ثم تعاونت الأخيرة مع شركة متضامنة من القطاع الخاص على تنفيذ مشروع ليس له من الواحة إلا اسمها عن طريق تأسيس شركة أخرى سموها (واحة مكة) ساهمت فيها شركة الأمانة (البلد الأمين) عينيا بأرض مساحتها 670 ألف متر مع التزامها ببيع 80 % من (واحة مكة) للشركة المطورة عند نهاية المشروع بشرط ألا يتجاوز مكسب الأمانة أو (البلد الأمين) 12 مليون ريال حتى لو وصلت الأرباح إلى عشرات المليارات!!. ألم أقل لكم إنها زنقة تعيي الأفهام عن الفهم!!.
ولأن المشروع ولد (مزنوقا) كان لزاما أن نتوه في (زنقة الواحات)، والزنقة الأولى أن ما سمي بالإسكان الميسر كان معسرا، إذ تبلغ مساحات الشقق من 70م – 120م!! وهذا لا يتواءم مع أهداف المشروع المعلنة!!، ثم توالت الزنقات تباعا، إذ بيع المتر (الميسر أو المدعوم) بأكثر من 2000 ريال للمتر عام 2011، ووقتها كانت أسعار المتر في الشقق الخاصة غير المدعومة ولا الميسرة في أرقى أحياء مكة تقارب أو لا تصل لهذا السعر أحيانا!!، ولكن سيل الزنقات لم يتوقف فكان أن تورط كثير من (المزنوقين) على ريحة الأمانة!! بدفعات أولية واستقطاع شهري باهض، فكأن ذلك الميسر أصبح معسرا وكأن من قالوا عنه مدعوما أمسى وكأنه عاريا منقوصا!!، ثم اتجهت الزنقة لأبعاد أخرى بعد أن استوفت أرضا مجانية من الحكومة وأموالا على الخريطة من كد وتعب المواطنين إلى الأستاذ (عرقوب!!) ليعطي القائمين أو (الزانقين) دروسا في إخلاف المواعيد!! للمشروع الذي طرح قبل أكثر من خمس سنوات!!.
وباختصار، فتحالف واحة مكة أو زنقتها ما زال تجربة فاشلة أتمنى عدم تكرارها، فلا شركات الأمانات توسعت في تطوير الأحياء العشوائية واستفادت مما حازته في استثماراتها بتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد والدخل الوطني، ولا هي حققت نجاحا مأمولا عبر شركاتها المستحدثة، والأجدى فيما يخص الإسكان أن تضطلع الوزارة المتخصصة بمسؤوليتها الوطنية والإدارية وتفتح مع الجهات المعنية ملف شركات الأمانات لتتسلم منها مئات الملايين من الأمتار التي تمت حيازتها واستثمارها بثمن بخس ودراهم معدودة!!.