شعر وشعيرية يا أم تباسي!

ياسر أحمدي

لا أحد يعرف على وجه الدقة تاريخ نشوء حركة شاعرات يوتيوب والمواقع الإلكترونية، غير أن مصادر أدبية غير موثوقة تشير إلى أن تلك الثورة الفنتازية بدأت حين انطلق صوت الشاعر صادحا: الله أكبر يا حمام لصلاة العصر نام. ربما كان ذلك قبل تفجر الثورة «الوتسبية» نسبة إلى الواتس آب مش تباسي المفطحات، المسماة في رواية آخرى «أم صحون».
في تلك الحقبة السحيقة كانت الشاعرات لا يأوين أصلا إلى النوم، فشيطان شعرهن لا يخرج من قمقمه إلا في ساعات من الليل، حيث تهدأ قعقعة الملاعق وقدور الكبسة في المطبخ. حيث الساعات التي تخف فيها الواجبات المنزلية الظالمة على النواعم. الآن تبدل الحال حيث فاضت القروبات والمواقع بشاعرات سادسة ابتدائي وأولى متوسط ومعاهد التمريض ومشاغل التجميل وأكاديميات نجحن بامتياز في التعبير عن مشاعرهن الجياشة من سفرة صحون الكنافة. حيث تقول إحداهن بثقة في قصيدة ذم استهدفت ضرتها البدينة «يا نوسة.. يا رب تدعسك جاموسة». فتأمل رعاك الله إلى أين وصلنا -لابد من منع الطقاقات وإيقاف برنامج نطاقات!
كعادة النقاد الانطباعيين مثلي من البلداء، انبرى حفنة للثناء على القصيدة الجاموسية، فيما انبرش عدد من شلة الفشل في ترشيح العمل لجائزة شاعر المليون، جنبا إلى جنب قصيدة: صوتك سرسوع يعجبني! والآخر يرد: قوامك مثل الأنبوبة، شعرك كالسلك يشكشكني، كالبرد القارس في جدة.
الله يفشلهم فشلونا عند معشر الشاعرات الملقبات بـ «أم تباسي» حتى تلاشت الرومانسية!
يا شاعرات واتس آب وانستغرام وسناب شات وصفحات الفنون الشعبية الغائبة.. هناك فرق بين الشعر والشعيرية والكبسة والإسبكيتي حتى لا أقول غثيتينا يا أم ركبة!
أخيرا:
بلغني أن الكاتب الكبير قينان الغامدي - شفاه الله بعد العملية الجراحية - معجب بما أكتب، وطالب رئيس التحرير بتثبيتي في الصفحة الأخيرة، على الأقل لخفة دمي «مش زي بعض الناس»، وللمصادفة هو على السرير الأبيض وأنا كذلك شفانا وشفاه الله وإياكم أجمعين.