بلجيكا
الخميس / 18 / ربيع الثاني / 1437 هـ الخميس 28 يناير 2016 20:22
السفير حمد أحمد عبدالعزيز العامر
لمملكة بلجيكا مكانة خاصة في نفسي، لا توجد لدى بعض الأصدقاء التي جمعتني بهم الأيام في عاصمتها (بروكسل)، فحبي لهذا البلد الصغير جغرافيا والقصير تاريخيا يعود إلى ما اكتسبته خلال سنوات عملي سفيرا لمجلس التعاون لدى الاتحاد الأوروبي في الفترة (2002 – 2008) من خبرة عملية وثروة عظيمة من علاقات الصداقة الواسعة والوثيقة مع كثير من رجالات السياسة والاقتصاد وأعضاء البرلمان ورجال الأعمال والأطباء وغيرهم الذين مازال التواصل معهم مستمرا، فعشت في هذا البلد حياة جميلة وسهلة، واستمتعت بكل ما فيها من تنوع ثقافي ولغوي وديموغرافي كبير.
حيث اتخذ الاتحاد الأوروبي العاصمة (بروكسل) أو (العاصمة الثلاثية) لأنها العاصمة الفيدرالية أولا، وعاصمة الفلامندر ثانيا، والعاصمة السياسية للاتحاد الأوروبي ثالثا، مقرا دائما لأمانته العامة والمفوضية الأوروبية ومقرا للجنة الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس الوزراء الأوروبي ومقرا لحلف شمال الأطلسي واتحاد أوروبا الغربية، لسببين هما:
1- رغبة الدول المؤسسة بأن يكون المقر السياسي للاتحاد في عاصمة ليس لها قوة سياسية مؤثرة على القرار الأوروبي السياسي والاقتصادي؛ لضمان حيادية القرارات التي تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الدول الأعضاء بغض النظر عن حجمها وعدد سكانها وتأثيرها ونفوذها وقوتها.
2- ليس لدى بلجيكا حساسيات تاريخية مع الدول الأوروبية التي لم تتردد في نقل صلاحياتها القومية إليها، لأن من أهم مبادئ الاتحاد الأوروبي هو: نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية المركزية المحكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدة إلى مقر الاتحاد.
لذلك فلقد كانت سنوات عملي في بروكسل زاخرة بالعمل والاتصالات اليومية مع مسؤولي المفوضية الأوروبية لاستكمال مسودة اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، وكنت مشاركا رئيسا فيها كرئيس للفريق التفاوضي البحريني ثم كسفير لمجلس التعاون لدى الاتحاد، ومسؤولا مسؤولية مباشرة عن هذه المفاوضات، وبذلت أقصى الجهود لاستكمالها قبل انتهاء فترة عملي، إلا أن آمالي تبددت بسبب حالات الشد والجذب بين المتفاوضين الخليجيين والأوروبيين والمبالغة في حماية المصالح، مما كان له تبعات وانعكاسات سلبية على العلاقات بين الجانبين.
كما كانت فترة عملي في بروكسل فرصة ذهبية لاكتساب الخبرة العميقة في التعامل مع (المفوضية الأوروبية) ذلك الجهاز التنفيذي الضخم المسؤول عن اقتراح القوانين والتشريعات وتطبيق القرارات والمعاهدات الصادرة عن الاتحاد، ولطالما تمنيت أن نصل إلى مستواه في مجلس التعاون بما يحقق مزيدا من القوة والنفوذ والحماية من كافة التهديدات المحيطة بالمنطقة والتي تحتم على دول المجلس الاندماج قدر الإمكان في المجالات التي تمس مصلحة المواطن بنقلها ضمن اختصاص وصلاحيات ومتابعة الأمانة العامة.
لقد قامت رؤية الاتحاد الأوروبي على نظرية بسيطة جدا وهي (تخلي دول الاتحاد عند اتخاذهم للقرارات عن سيطرة مصالحهم الذاتية والآنية والانطلاق إلى فضاء المصلحة العامة المستقبلية لدولهم ومواطنيهم)؛ لذلك فإن أي عمل خليجي لا يعتمد (مبدأ الإيثار) لتحقيق المصالح الكبرى؛ سوف يفشل في تحقيق المواطنة الخليجية الكاملة، والتي يلحقها بالتتابع (الاتحاد الخليجي) وهو حلم شعوب الخليج كافة.
إن صناعة المجد تتطلب اتخاذ قرارات فورية وحاسمة خاصة بعد رفع العقوبات الغربية والدولية عن إيران؛ نظرا لما سوف يترتب على عودتها إلى المجتمع الدولي من تحديات وعلى دول مجلس التعاون من مخاطر وتهديدات متوقعة، إلا أنني أعتقد أن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون يسيرون في الطريق الصحيح نحو تحقيق ذلك الهدف بعد مضي أكثر من ثلاثة عقود على قيام المجلس ومدركون تماما لما يجري حولهم ،حيث تبلورت واتضحت معالم هذا الطريق في (قمة الرياض) الأخيرة من خلال موافقتهم الجماعية على رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز التكامل بين دول المجلس والعمل الجماعي المشترك الذي ينصب في استكمال المواطنة الخليجية التي ستقود المجلس على خط الوصول إلى محطة (الاتحاد الخليجي) المنشود، وهو ما يؤكد بأنه بعد (عاصفة الحزم والأمل) التي أعادت العزة والكرامة للإنسان العربي، تأتي (عاصفة التكامل والاتحاد) لتضع أسس بناء الاتحاد الخليجي الذي سوف يخلق على الصعيد الداخلي فضاء لا حدود له لتأسيس الوحدة النقدية المؤمل أن تدخل حيز التنفيذ بعد رؤية الملك سلمان، إلى جانب تحقيقه للتقدم الاقتصادي والاجتماعي والأمني والدفاعي والتنمية المتوازنة المستدامة لدول المجلس، وسيعزز سيادة واستقلال دول المجلس وتماسكها وإعلاء مكانتها ودورها المحوري في القضايا الدولية والإقليمية؛ وسيظل الحصن الذي سوف تتحطم على أبوابه كافة التهديدات والتحديات المحدقة بدول المجلس.
حيث اتخذ الاتحاد الأوروبي العاصمة (بروكسل) أو (العاصمة الثلاثية) لأنها العاصمة الفيدرالية أولا، وعاصمة الفلامندر ثانيا، والعاصمة السياسية للاتحاد الأوروبي ثالثا، مقرا دائما لأمانته العامة والمفوضية الأوروبية ومقرا للجنة الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس الوزراء الأوروبي ومقرا لحلف شمال الأطلسي واتحاد أوروبا الغربية، لسببين هما:
1- رغبة الدول المؤسسة بأن يكون المقر السياسي للاتحاد في عاصمة ليس لها قوة سياسية مؤثرة على القرار الأوروبي السياسي والاقتصادي؛ لضمان حيادية القرارات التي تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الدول الأعضاء بغض النظر عن حجمها وعدد سكانها وتأثيرها ونفوذها وقوتها.
2- ليس لدى بلجيكا حساسيات تاريخية مع الدول الأوروبية التي لم تتردد في نقل صلاحياتها القومية إليها، لأن من أهم مبادئ الاتحاد الأوروبي هو: نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية المركزية المحكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدة إلى مقر الاتحاد.
لذلك فلقد كانت سنوات عملي في بروكسل زاخرة بالعمل والاتصالات اليومية مع مسؤولي المفوضية الأوروبية لاستكمال مسودة اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، وكنت مشاركا رئيسا فيها كرئيس للفريق التفاوضي البحريني ثم كسفير لمجلس التعاون لدى الاتحاد، ومسؤولا مسؤولية مباشرة عن هذه المفاوضات، وبذلت أقصى الجهود لاستكمالها قبل انتهاء فترة عملي، إلا أن آمالي تبددت بسبب حالات الشد والجذب بين المتفاوضين الخليجيين والأوروبيين والمبالغة في حماية المصالح، مما كان له تبعات وانعكاسات سلبية على العلاقات بين الجانبين.
كما كانت فترة عملي في بروكسل فرصة ذهبية لاكتساب الخبرة العميقة في التعامل مع (المفوضية الأوروبية) ذلك الجهاز التنفيذي الضخم المسؤول عن اقتراح القوانين والتشريعات وتطبيق القرارات والمعاهدات الصادرة عن الاتحاد، ولطالما تمنيت أن نصل إلى مستواه في مجلس التعاون بما يحقق مزيدا من القوة والنفوذ والحماية من كافة التهديدات المحيطة بالمنطقة والتي تحتم على دول المجلس الاندماج قدر الإمكان في المجالات التي تمس مصلحة المواطن بنقلها ضمن اختصاص وصلاحيات ومتابعة الأمانة العامة.
لقد قامت رؤية الاتحاد الأوروبي على نظرية بسيطة جدا وهي (تخلي دول الاتحاد عند اتخاذهم للقرارات عن سيطرة مصالحهم الذاتية والآنية والانطلاق إلى فضاء المصلحة العامة المستقبلية لدولهم ومواطنيهم)؛ لذلك فإن أي عمل خليجي لا يعتمد (مبدأ الإيثار) لتحقيق المصالح الكبرى؛ سوف يفشل في تحقيق المواطنة الخليجية الكاملة، والتي يلحقها بالتتابع (الاتحاد الخليجي) وهو حلم شعوب الخليج كافة.
إن صناعة المجد تتطلب اتخاذ قرارات فورية وحاسمة خاصة بعد رفع العقوبات الغربية والدولية عن إيران؛ نظرا لما سوف يترتب على عودتها إلى المجتمع الدولي من تحديات وعلى دول مجلس التعاون من مخاطر وتهديدات متوقعة، إلا أنني أعتقد أن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون يسيرون في الطريق الصحيح نحو تحقيق ذلك الهدف بعد مضي أكثر من ثلاثة عقود على قيام المجلس ومدركون تماما لما يجري حولهم ،حيث تبلورت واتضحت معالم هذا الطريق في (قمة الرياض) الأخيرة من خلال موافقتهم الجماعية على رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز التكامل بين دول المجلس والعمل الجماعي المشترك الذي ينصب في استكمال المواطنة الخليجية التي ستقود المجلس على خط الوصول إلى محطة (الاتحاد الخليجي) المنشود، وهو ما يؤكد بأنه بعد (عاصفة الحزم والأمل) التي أعادت العزة والكرامة للإنسان العربي، تأتي (عاصفة التكامل والاتحاد) لتضع أسس بناء الاتحاد الخليجي الذي سوف يخلق على الصعيد الداخلي فضاء لا حدود له لتأسيس الوحدة النقدية المؤمل أن تدخل حيز التنفيذ بعد رؤية الملك سلمان، إلى جانب تحقيقه للتقدم الاقتصادي والاجتماعي والأمني والدفاعي والتنمية المتوازنة المستدامة لدول المجلس، وسيعزز سيادة واستقلال دول المجلس وتماسكها وإعلاء مكانتها ودورها المحوري في القضايا الدولية والإقليمية؛ وسيظل الحصن الذي سوف تتحطم على أبوابه كافة التهديدات والتحديات المحدقة بدول المجلس.