ملاك عابد: «الجينوم السعودي».. كنز عربي

يحتوي قاعدة بيانات لدراسة 100 ألف عينة وراثية

ملاك عابد: «الجينوم السعودي».. كنز عربي

فاطمة العمري (جدة)

وثبت في طريق العلم بخطى متسارعة، ولم تركن للصعوبات التي واجهتها لتجني ثمار جهودها الأكاديمية، خطابات شكر أبرزها من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وتكريم من الأمير خالد الفيصل حين حصدت جائزة مكة للتميز العلمي والتقني.
الطبيبة والباحثة ملاك عابد الثقفي، ازدحمت سيرتها الذاتية بالمنجزات الطبية والبحثية والجوائز المختلفة من عدة جهات، فضلا عن أنها عضو هيئة التدريس بجامعة هارفارد، وحاصلة على الزمالة الأمريكية والبورد الحديث في علم الأمراض الجزيئية والوراثية، وبرغم ذلك ترى، في حديثها لـ «عكاظ»، أنها لم تصل للنهاية بعد، فطموحها يتجاوز حصد الجوائز والتكريمات لأن تكون عنصرا فاعلا في بناء الوطن وتطويع حصيلتها العلمية والطبية في سبيل خدمة أبناء وطنها من خلال مشروع الجينوم السعودي الذي تعتبره من أهم المشاريع البحثية عربيا في الفترة الراهنة.
‏‎? بعد حصولك على جائزة مكة للتميز في المجال العلمي والتقني، ‏ماذا يلوح في أفقك فيما يخص الأبحاث الطبية؟
‏‎?? جائزة مكة للتميز التقني والعلمي، هي أول جائزة أحصل عليها بعد عودتي للوطن، وتعكس اهتمام المسؤولين وعلى رأسهم أمير التطوير والإبداع خالد الفيصل بشباب وشابات الوطن حتى وهم بالخارج، وستكون حافزا جديدا لاستمراري وزملائي في الأبحاث العلمية التي تخص الجينات الجزيئية والأورام، ونقوم حاليا بالعمل على إنشاء البنية التحتية لمعمل جينوم في مركز أبحاث مدينة الملك فهد الطبية.
‏‎تحت مظلة مشروع الجينوم السعودي التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، رؤيتنا ستكون مركزة في مجالات أبحاث الطب الشخصي الجيني لأورام المرضى السعوديين الشائعة، ويعمل في هذه المشاريع عدد من العلماء المتخصصين والأطباء والجراحين، كما نتطلع لتوأمة مع كلية الطب في هارفارد والجديدة في المملكة والاستفادة من الخبرات المتبادلة.

أهم المشاريع البحثية
‏‎? انطلاقا من اهتمامك بمشروع الجينوم السعودي، كيف ترين انعكاسه على اكتشاف الأمراض الوراثية ومحاولة التصدي لها طبيا؟
‏‎‏‎?? أعتبر مشروع الجينوم السعودي أحد أهم المشاريع البحثية القائمة حاليا في المملكة والوطن العربي، وسوف نرى ثمراته بعد سنوات قليلة بإذن الله، وهذه فرصة لأشكر الأمير الدكتور تركي بن محمد آل سعود رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية على دعمه لمثل هذه المبادرات الوطنية العملاقة وعلى دعوته لي لأكون ضمن أعضاء هذا المشروع العملاق.
‏‎ومن أهم أهداف ورؤى هذا المشروع هو تكوين قاعدة بيانات ضخمة لأهم الأمراض الوراثية في المملكة، لدراسة ما يقارب 100 ألف عينة، فمن مرحلة الاكتشاف والتوثيق سيكون هناك مرحلة عمل فحوصات جينية لأهم تلك الأمراض في المعامل الإكلينيكية المتخصصة، وهذا سيوفر كثيرا من الأموال في إرسال تلك الفحوصات للخارج كما هو معمول به حاليا في أغلب المستشفيات المحلية، وكذلك توفير وقت الحصول على النتائج، فالمشروع سيسمح للأسر بمعرفة الطفرات السائدة والمتنحية لديها وحرية استخدام التقنيات الحديثة للفحص سواء قبل الزواج أو خلال الحمل.

فحوصات مهمة
‏‎? هل ترين أهمية إلزام المقبلين على الزواج بالمشورة الطبية في حال وجود أمراض وراثية؟
‏‎‏‎?? تخصصي مختبري بحثي أكثر في الجينات الجزيئية، ولكن من خبرتي كطبيبة أنصح الجميع بأهمية عمل الفحوصات، خصوصا أن الأمراض الوراثية بمنطقتنا العربية منتشرة نظرا لتقارب الأنساب وزواج الأقارب والذي يظهر الطفرات المتنحية بشكل أسرع، فالأمراض الوراثية تسبب كثيرا من الإرهاق النفسي للأسر، وكذلك تسبب ثقلا اقتصاديا كبيرا على الدولة في علاج الأطفال المصابين بها، ومع الأسف لا يوجد شفاء تام لغالبية تلك الأمراض لذلك عمل الفحوصات مهم لتفادي حدوث الأمراض بعد الزواج بعد إرادة الله عز وجل.
‏‎? ‏وكيف تقيمين واقع التوعية الصحية فيما يخص الأمراض الوراثية وما آخر مستجداتك البحثية في هذا المجال؟
‏‎?? التوعية موجودة، لكنها مازالت متواضعة برأيي، فأغلب البرامج القائمة بمجهودات فردية. تخصصي البحثي يهتم بدراسة جينوم الأورام بشكل عام وأورام الدماغ الأولية بشكل خاص، ونقوم حاليا بعمل عدة دراسات تخص أورام الدماغ السحائية عند الكبار والصغار وأخرى تخص الأورام المنتشرة من أعضاء كالثدي والرئة بتقنيات حديثة متداخلة، كما أحاول بمجهود شخصي وبتعاون مع أصدقاء العمل بمجهود توعوي من وقت لآخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيما يخص الطب الشخصي وآخر أبحاثنا فيه، وكل ما يخص طب الجينوم.
‏‎? ما هي أبرز التحديات التي تواجه البحث العلمي، وكيف ترين انعكاس الأبحاث العلمية على واقع الفحوصات العلاجية والصحية المقدمة للمرضى؟
‏‎‏‎?? التحديات كثيرة منها ما هو تقني، وما هو مادي وآخر اجتماعي وأخلاقي، فعلى الصعيد التقني، هناك الكثير من التداخل بين التخصصات في الأبحاث الحديثة وخصوصا في مجال الجينوم والطب الشخصي ونقص في بعض هذه التخصصات والخبرات محليا.
ماديا.. هذه فرصة للفت المجتمع ورجال الأعمال والخير إلى أهمية الأبحاث العلمية ودعمها فهي بمثابة صدقة جارية لعلم تنتفع به الإنسانية جمعاء.
‏‎أما على المستوى الاجتماعي والأخلاقي، مازال ينقص مجتمعنا الكثير من ناحية الاشتراك والتطوع بالدراسات البحثية، فالكثير من الدراسات ربما لن تخدم المريض مباشرة، لكن اشتراكه سيفتح أبوابا قد تفيد الكثير من المرضى مستقبلا، وشخصيا مكتبي مفتوح للرد على أي استفسار يخص أبحاثنا.