عيون لا يرتد طرفها رغم الصقيع

جنودنا المرابطون..

عيون لا يرتد طرفها رغم الصقيع

مناشدة أحد مسؤولي قطاع حرس الحدود الموقوفين بتهمة تهريب ثمرة الكمأة «الفقع» لإطلاق سراحه، كانت حديث العديد من المسافرين من جدة إلى عرعر وجمع كبير من الأهالي فيها. كما كان نقطة انطلاق أخرى لرصد حالة الحزم والاستقرار التام الذي ينعم به حدنا الشمالي.
فإيقاف مسؤول برتبة «رقيب» مع خمسة عشر آخرين من عناصر حرس الحدود لاستخراجهم «الفقع» من النقاط الحدودية التي يحرم فيها القيام بذلك، كان مثار إعجاب كبير لمعظم المتابعين لهذه القضية. فثمرة الكمأة أو الفقع يغدق على شرائها وتناولها الكثيرون، لاسيما كما هو الآن حيث موسم استخراج الكمأة في كثير من المناطق الشمالية، يمنع استخراجها من على الحدود المشتركة مع العراق، لما في ذلك من مخاطر عدة أهمها المخاطر الأمنية. ولذا جاءت الأنظمة للحد من تجاوزات الباحثين عن الفقع أو من يطلق عليهم بـ«الفقاعة»، الذين تاه كثير منهم على الحدود السعودية - العراقية؛ بسبب بحثهم عن «الفقع».

تعليق مسؤول

المقطع المتداول للرقيب الموقوف على شبكة التواصل الاجتماعي، تعددت نحوه الكثير من التعليقات وإن كان معظمها يشيد بكفاءة قيادة حرس الحدود في تطبيق النظام بحق منسوبيها وبشكل مضاعف عما يطبق على باقي المواطنين، باعتبار أن منسوبي حرس الحدود هم القدوة في تطبيق النظام، ويقع على عاتقهم مسؤوليات حماية الحدود من كافة المخاطر. إلا أن مسؤولا في قيادة حرس حدود المنطقة الشمالية علق على هذه القضية بالقول: إن تهريب ثمرة الكمأة «الفقع» من داخل منطقة الحدود يجرمه النظام، والذي لا يمنع من استخراج الفقع أو بيعه أو شرائه بشكل عام، لكنه جرم من يقوم بذلك داخل المنطقة الحدودية التي يمتد عرضها لعشرين كيلومترا في موازاة الحدود مع العراق. وقال: «من أراد (الفقع) فعليه ارتياد اماكن عديدة لاستخراجه، باستثناء المنطقة الحدودية التي ينص النظام على تطبيق العقوبة على كل من يقوم باستخراج الفقع منها أو تهريبه، فالحدود منطقة أمنية لا يجب أن تشرع أمام الباحثين عن الفقع، سواء من قبل المواطنين أو المقيمين».
وأضاف المصدر: «القبض على 16 من منسوبي حرس الحدود قاموا بإدخال ثمرة الفقع من داخل منطقة الحدود أثناء عملهم فيها، وتحويلهم للتحقيق والقضاء، هو أمر يؤكد على أن النظام لا يستثني أحدا، حتى وإن كان أحد منسوبي حرس الحدود، وإن كان جرمه تهريب (ثمرة الكمأة) أو (الفقع). كما يؤكد على يقظة كافة قطاعات حرس الحدود والعاملين فيها، وعلى تحليهم بالأمانة وبشرف المهنة، عند رصد ومتابعة أي تجاوز، وعدم السماح بأي استثناء، حتى وإن كان مقتصرا على إدخال ثمرة (الفقع)».

حزم وعزم

رؤية عناصر حرس الحدود في مركزي الدبوسة التابع لقطاع «جديدة عرعر» بمنطقة الحدود الشمالية، وهم في استعدادهم العسكري التام، تحت زخات المطر والثلج، هي رسالة تأكيد أخرى، بأن هنالك رجالا لا يفتر عزمهم تحت أي من الظروف، بعد أن عاهدوا الوطن على حمايته.
فتساقط الثلوج وانخفاض درجة الحرارة لمستويات متدنية جدا وصلت إلى درجات تحت الصفر، لم يغير في يوميات القائمين على حراسة المواقع الحدودية، أو من يقوم بالدوريات الروتينية على طول الحدود المشتركة مع العراق.
صحيح.. أن مشروع خادم الحرمين الشريفين للحدود الشمالية والمعروف بالحدود الذكية، اشتمل على توفير أحدث الأجهزة التقنية لرصد وتسجيل أي حالة لاختراق الحدود، للارتقاء بتدريبهم وتأهيلهم للتعامل مع آخر ما وصلت إليه التقنية الحديثة.


روح عالية

بين مركزي سويف والدبوسة التابعين لقطاع جديدة عرعر، حيث تسابق المطر والثلج في السقوط على خوذات الجنود والضباط المرابطين على طول الحدود السعودية - العراقية، ترى منطقة العشرين كيلومترا التي يمنع ارتيادها أو تجاوزها من الجانب السعودي، وهي منطقة يتم تمديدها بالاتفاق والتنسيق مع الجانب العراقي. وهي منطقة ذات مساحة شاسعة جدا، تم تعزيزها بساتر ترابي ارتفاعه ثلاثة أمتار، وسياجين حديدين، ولوحات إرشادية وتحذيرية لمنع تجاوز هذه المنطقة. والتي تعد خطا أحمر لا يسمح بتجاوزه من قبل أي فرد، حفاظا على أمن الوطن والمواطن.
في الطريق بين مركزي سويف والدبوسة الحدوديين والتي تمتد لقرابة الخمسة وثلاثين كيلومترا، كانت الخضرة تفترش جانب الطريق الأيمن، والثلوج تكسوه شمالا، لدرجة أن شبك الحدود غدا أبيض من الثلج.
في ذاك الطريق ليس من أحد سوى دورية أمنية على طول الطريق الحدودي، المراقب بالكاميرات الحرارية والبعيدة المدى، ومجسات ليزرية لقياس الأبعاد.
وفي كلا المركزين «سويف والدبوسة»، تتوزع أبراج المراقبة التي تعلوها كاميرات المراقبة، والتي يمكن مشاهدة تحركها في مختلف الاتجاهات من قبل غرف المراقبة. ويظل مبنى مركز الدبوسة الحدودي المجاور للمبنى الجديد، شاهدا على مدى التطور الذي شهدته المراكز الحدودية في منطقة الحدود الشمالية، ويرسم الفارق الكبير في المساحة والتصميم والتقنية الحديثة بين كلا المبنيين. ربما بقي الكثير من المشاهد التي تحكي الروح المعنوية المرتفعة لجنود وضباط حرس الحدود بمنطقة الحدود الشمالية، لكن يظل تسابق معظم المنتسبين لحرس الحدود للعمل في المناطق الحدودية أمرا لافتا، رغم التبرير بأن نظام تبادل فترات العمل «الشفتات» بتلك المناطق يعطي للأفراد والضباط خاصية تقاسم المناوبات الميدانية، بحيث يمكن العمل لأسبوع متواصل وأخذ راحة لأسبوع مماثل، وهكذا. إلا أن هذا لا يفسر حالة الاستعداد والتحفز التام في مختلف المواقع من مختلف أفراد وضباط المراكز الحدودية، لاسيما في غرف الرقابة الميدانية، وهو ما يرتسم أيضا على وجوه المستجدين بالعمل في قطاع حراسة الحدود بشكل عام.

تقنيــة متقدمة


المقدم سعد السبيعي قائد قطاع جديدة عرعر، أشار من جهته إلى أن مشروع خادم الحرمين الشريفين لأمن الحدود الشمالية، خدم المنطقة بشكل كبير، خاصة أن منطقة الحدود الشمالية بها خمسة قطاعات حدودية وبها عدد كبير من مراكز الاستجابة السريعة، فضلا عن أبراج المراقبة والرادارات والكاميرات الحرارية الممتدة على طول الحدود مع العراق.
وقال: «في غرفة المراقبة التابعة لقطاع جديدة عرعر، حيث تتوفر أحدث التقنية لتشغيل أبراج المراقبة المعنية بمراقبة الحدود، يقوم المشرف على المتابعة بتشغيل وإدارة البرج ومراقبة سير العمل من خلال ثلاث شاشات. وبالتنسيق مع قيادة القطاع نقوم بتحريك الدوريات الأمنية عبر أجهزة الجيتاك المركبة في الدورية، إذا ما تم تسجيل أي حالة اشتباه على طول الحدود التابعة للقطاع».
وزاد: «أفراد الاستجابة مدربين على القبض والتفتيش والتعامل مع مختلف الظروف الأمنية في حالة رصد أي حالة اشتباه، كما أن الدوريات الأمنية عادة ما يرافقها طقم مسلح بسلاح رشاش عيار خمسين مليمترا، تحسبا لأي اعتداء أو وجود عنصر مسلح مقاوم. وفي حالة القبض على المخالفين تبدأ إجراءات التحقيق بحسب كل حاله».
واختتم السبيعي: «ليس هناك أي شيء مقلق على حدودنا مع العراق، والتي تم تغطيتها جميعها بنظام مراقبة حديث تضمنه مشروع خادم الحرمين الشريفين لأمن الحدود الشمالية».