787

طارق على فدعق

سعدت كثيرا باستلام خطوطنا الجوية السعودية لأحدث طائرات البوينج الجديدة من طراز 9-787 خلال الأسبوع الماضي. وفوجئت بما يتداول من نقد عجيب حول الطائرة ألخصه في التالي:
قيل: إن قوة هيكل الطائرة ليست على المستوى المطلوب لأنه ليس معدنيا.. والواقع هو أن مكونات نصف الهيكل معدنية، فهي مكونة من الألومنيوم، والتايتنيوم، وبعض الحديد الصلب بنسب متفاوتة. وأما النصف الآخر فهو يتكون من ألياف الكربون القوية جدا، والخفيفة جدا. وهو من الهياكل الفريدة كونه «مطبوخا». وتحديدا فيتم لف الألياف الكربونية باستخدام أحدث تقنيات التصنيع لينتج عنها ما يشبه «البراميل» العملاقة التي تكون مقصورة الركاب، وتوضع في أفران عملاقة. وتم اختيار هذه التوليفة الكربونية بسبب قوتها الشديدة، وخفة وزنها، وسهولة تصنيعها، ومقاومتها للتآكل. واستخدمت المواد الكربونية بشكل أكبر لتحصل على العديد من المزايا ومنها راحة الركاب. تسمح هذه القوة الإضافية بزيادة ضغط الهواء بداخل مقصورة الركاب بهدف المزيد من الراحة. أضف إلى ذلك أن هيكل البوينج 787 الجديدة يقاوم التآكل بشكل فعال، ولذا فيسمح بمستوى أعلى من الرطوبة. وبمشيئة الله سيسمح الضغط ومستوى الرطوبة الأعلى بتوفير مستوى أفضل لحاستي الشم والتذوق للركاب أثناء تحليق الطائرة. وأخيرا، فبسبب هذه التقنية بإرادة الله، سيلحظ الركاب أن نوافذ هذه الطائرة الجديدة أكبر بمقدار نحو 30 في المئة من الطائرات الأخرى. هاتان الخاصتان توفران رؤية أفضل للركاب من جميع مقاعد الطائرة. وقد أثبتت التجارب والأبحاث في مجال الطيران التجاري أن تحسن الرؤية الخارجية يحسن من نفسية الركاب ويقلص بإرادة الله مشاكل دوار السفر.
وقيل: إن البطاريات المستخدمة خطرة.. وللإيضاح هنا فجميع الطائرات تحتاج إلى البطاريات. ولكن البوينج 787 فريدة في كونها طائرة «كهربائية». والمقصود بهذا هو أن تخلصت من الاعتماد على أنظمة «السباكة» الهوائية، أي استخدام الهواء المضغوط من محركات الطائرة لتشغيل بعض الأنظمة مثل الفرامل، وأجهزة تكييف ضغط مقصورة الركاب وغيرها. والميزة في التخلص من تلك السباكة هي توفير درجة أعلى من الأمان، ومستوى أفضل في الصيانة والتشغيل، وخفة الوزن أيضا. ويتطلب الاعتماد الأكبر على المنظومة الكهربائية بطاريات قادرة على مواكبة متطلبات الطاقة الهائلة. وتم اختيار بطاريات تعتمد على عنصر الليثيوم وهي الأكثر رواجا في العالم نظرا لقدراتها بمشيئة الله على توفير طاقة كبيرة، ولخفة وزنها، وصغر حجمها وسهولة شحنها.. فضلا انظر في جوالك فستجد بطارية ليثيوم. وقد تعرضت هذه البطاريات قبل نحو ثلاث سنوات لمشكلتين لطائرتين يابانيتين مما أدى إلى إيقاف جميع أسطول طراز 8-787، وإعادة تصميم أماكن «تجليس» البطاريات بداخل الطائرة للتأكيد على سلامتها، كما تم إعادة تصميم البطاريات من قبل الشركة اليابانية «يواسا» للتأكيد على موضوع سلامة التشغيل. وللعلم فالبطاريات لا تعمل طوال الوقت ويقتصر عملها على فترات عدم عمل المولدات الكهربائية في بعض الأوقات كتشغيل المحركات، أو نقل الأحمال الكهربائية من نظام كهربائي لآخر.
وقيل: إن مصنع البوينج في ولاية واشنطن ينتج طائرات أفضل من مصنعها في كارولينا الجنوبية.. أود ذكر تجربة ملاحظة قدمتها لإدارة أحد مطاعم الفول حيال التباين بين جودة المنتج بين فرعي العزيزية في مكة المكرمة وشارع التحلية في جدة. وكان الرد المنطقي أن الموضوع ليس «لعب عيال»، فهناك معايير صارمة تضمن جودة المنتج. والمنطقي أن نفس الفلسفة تنطبق بدرجة أعلى وأشد على صناعة الطائرات التي تعتمد عليها أرواح البشر، وسمعة الشركات.
وقيل: إن محركات البوينج التي طلبتها السعودية «ليست جيدة».. وللإيضاح فتتوفر الـ 787 بمحركات من شركتي «جنرال إلكترك» الأمريكية من طراز «جن اكس» GenX أو رولز رويس البريطانية من طراز ترنت 1000 Trent 1000، وكلاهما يمثلان أحدث ما توصلت إليه تقنية صناعة محركات الطائرات. وأحد الأدلة على ذلك هي أنهما تخطيا معايير عبور البحار بمحركين Extended Twin Engine Operations (ETOPS) وكان الحاجز الزمني في السابق طوله ثلاث ساعات للوصول إلى أقرب مطار. وكلاهما الآن مصرحان بمستوى يبلغ نحو ضعف هذا الحاجز. أضف إلى ذلك كونهما من أهدأ المحركات في العالم على الإطلاق لتجعل مقصورة الركاب وكأنها ــ لا مؤاخذة ــ قاعة امتحانات.
أمنية

أتمنى أن أكون أول ركاب البوينج السعودية الجديدة.. بفلوسي.. فهذه الطائرة الجديدة تمثل مستقبل الطيران.. بشهادة الستين الشركة التي اشترت أكثر من ألف ومئة طائرة حول العالم.. وقبل أن أنهي المقال أود أن أوضح أنني لم أستلم أي مكافأة من شركة بوينج، أو من الهيئة العامة للطيران المدني، أو من الخطوط السعودية، أو أي جهة أخرى لقاء كتابة هذا المقال.. والله يشهد على كلامي.
وهو من وراء القصد.