تخصصي جدة.. تخصص في النجاح!!
الثلاثاء / 14 / جمادى الأولى / 1437 هـ الثلاثاء 23 فبراير 2016 20:50
فؤاد مصطفى عزب
من أرق وسائل الاتصال التي تستخدمها الفنادق الأمريكية وتركز عليها كخطة تسويقية وتعريفية بخدمات الفندق.. البطاقات التي تضعها إلى جانب السرير والتي تبدأ بدعوة إلى تناول الإفطار في مطعم مفتوح على حمام السباحة وتنتهي بكرت لطيف موقع من المشرفة على نظافة حجرتك مع قطعة شكولاتة برائحة النعناع مكتوب عليها ((تصبح على خير)) والطقس المتوقع لليوم التالي.. وعندما حدث الجفاف في الوسط الأمريكي أُضيفت بطاقة أخرى تقول ((رجاء أن تقلل من استخدام المياه)).. وعندما حدثت أزمة الطاقة أُرسلت بطاقات تدعو النزلاء ((إلى تناول العشاء على ضوء الشموع بحجة الرومانسية)) مع أن الهدف توفير الطاقة.. ثم انتشر نوع جديد من البطاقات نوع يمكن تسميته بطاقات الخدمة الإنسانية على وجه البطاقة عبارة((تبرع)) وتحتها عبارة أخرى تقول ((من أجل أن يعيش إنسان بعدي)) وعلى أسفل هذا الوجه من البطاقة ملحوظة تطلب من صاحبها أن يضعها في مكان يسهل الوصول إليه بسرعة.. وعلى الوجه الآخر يطلب فيه صاحب البطاقة في حالة وفاته التبرع بعضو من أعضاء جسمه حسب رغبته أو بكامل أعضائه وكل ما على الشخص الذي يوقع على هذه البطاقة أن يضعها في جيبه أو في مكان يجعلها في متناول الورثة بعد وفاته.. هذه البطاقة التي انتشرت في أمريكا منذ زمن بعيد هي المصدر الأساسي لثروة بنوك الأعضاء في أمريكا وهذه البطاقة تكاد تجدها في كل مكان تذهب إليه الفنادق .. المطاعم .. المطارات.. شركات تأجير العربات.. إلخ.. وقصة ((بات سوزبي)) لازالت عالقة في ذهني حتى اليوم رغم مضي سنوات عديدة على حدوثها والقصة تعبر عن أهمية وفعالية هذه الفكرة .. فقد وقعت ((بات)) على إحدى هذه البطاقات منذ عدة سنوات ويشاء الله أن تتوفى ((بات)) في حادث سيارة وهي لم تتجاوز الـ23 عاما وتشاء الصدف أن يكون والدها((شستر سوذبي))58 عاما هو المستفيد الأول من هذا التبرع حيث كان يعاني من قصور في كفاءة عمل الكلى وكان الأطباء يبحثون عن كلى حية ليزرعوها له وفور وصول خبر إصابة الابنة طار فريق الأطباء إلى مكان الحادث وكانت الابنة تلفظ أنفاسها الأخيرة فأخذوا الكلى واحتفظوا بها في الحافظة الثلجية وعادوا إلى المستشفى الذي يوجد به الأب وقاموا بإجراء الجراحة وعادت كلى ((بات)) تنبض في جسم والدها من جديد وكان الأب رافضا لفكرة أن يعيش بكلى ابنته المتوفاة ولكن بقية الأسرة أقنعوه بضرورة الموافقة على هذه الهبة التي قدمتها له ابنته بعد وفاتها.. لقد ارتفعت أرصدة البنوك مع ارتفاع الوعي العام .. خزائن هذه البنوك لا تعرف أسماء مودعيها إلا بعد وفاتهم وفي الحقيقة أن ليس كل الذين يموتون يستفاد من أعضائهم.. المسألة ليست بهذه البساطة ولا لما كانت هناك قوائم انتظار على الإطلاق 5% من الذين يموتون في الحوادث تكفي أعضاؤهم لسد الحاجة في أمريكا لكن المشكلة أنه لا يستفاد عادة إلا من الأعضاء التي يتبرع بها أصحابها أو يتنازلون عنها وهم في كامل وعيهم ..وفكرة التبرع بالأعضاء فكرة أمريكية وصاحبها طبيب أمريكي من أصل أفريقي قضى فترة من عمله في قسم الحوادث بأحد مستشفيات نيويورك ثم تخصص فيما بعد في جراحة المسالك البولية وأمراض الكلى .. ولقد تجاهل الناس الفكرة في البداية ولكن نسبة الاقتناع بهذه الفكرة ارتفعت وبشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة من مبدأ أن نصيب الإنسان من فعل الخير يمكن أن يمتد حتى بعد وفاته ولا أحد يعرف الآن حجم الإيداعات في بنوك الأعضاء لأن بطاقة الأعضاء في جيوب أصحابها والبنوك لا تعرف شيئا عنها ولا تأخذ علماً بالوديعة إلا عندما يموت صاحبها.. ولقد انتشرت الفكرة في المملكة العربية السعودية ((مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة)) جعل من هذه الفكرة مشروعا وهدفاً وحول الحلم إلى حقيقة بل وترجمة إلى ((نجاح عالمي)) حيث حقق إنجازاً يعتبر وساماً على صدر الوطن لقد قام المستشفى في عام 2015 بزرع 187 حالة وبنجاح وهو رقم للمتخصصين العارفين الأعلى منذ بدء هذا البرنامج في المملكة العربية السعودية هذا الرقم وضع ((تخصصي جدة)) في موقع الريادة في هذا المجال حيث كان عدد الزراعات من متبرعين أحياء 159 حالة وكذلك عدد 28 حالة من متبرعين متوفين دماغيا هذا الرقم يعتبر أكثر ارتفاعاً عن العام 2014 بنسبة 40% ..كما تمت زراعة 10حالات أطفال وحالتين من ذوي الفصائل غير المتطابقة في خطوة مميزة وفريدة وكأن ((تخصصي جدة)) يقول للعالم نحن جديرون بأن نكون في مصاف المستشفيات العالمية وذلك بأن حققنا نسبة نجاح 99% كسجل عالمي وإنجاز مميز.. أقول ((للدكتور قاسم عثمان القصبي)) و((الدكتور طارق عبدالله لنجاوي)) أنتم فعلاً عظماء فلا شيء يجعلنا عظماء مثل القضاء على الألم العظيم .. عظماء لأن ما يميزكم عن بعض مخلوقات الله أنكم قادرون على الحلم ولا أقصد أبداً ذلك الوهم الذي يتسلل إلينا حين ننام فذلك يتسلل أيضاً إلى «القطاوة والسعادين وحتى الفراشات» .. أقصد الحلم الذي يركب فيه الإنسان قوارب الأمل هارباً من عصر العادي إلى فسحة الأزرق العظيم .. لقد رسمتم ابتسامة تحد جميلة على قفا ضنك الحياة وخلصتم شريحة كبيرة من البشر من مرارة الألم والسفر نحو المجهول المرضى المعافين هم من يقدسون ما فعلتم من أجلهم فما حصل ليس غيوما عبرت بالغلط .. فقطرات النجاح مثل قطرات العسل الكبيرة العالقة على قوائم النحل سخية عندما تبلل الأرض لا تخطئها العين فهي بيضاء زكية الرائحة تحيي في النفس فرحاً خاصاً في زمن يكاد الفرح فيه أن يكون شحيحا !!