الحل بدولة واحدة

تشارلي ريز

من واجب الفلسطينيين أن يتخلوا عن فكرة الحل بإقامة دولتين. فأقصى ما يريد الإسرائيليون منحهم إياه، هذا إن حصل، إنما هو مجموعة من الجيوب الصغيرة غير القابلة للحياة، والتي تفصل بينها أراضٍ إسرائيلية. لذلك، على الفلسطينيين أن يطالبوا بدولة فلسطين الموحدة، ذات حكومة ديموقراطية يقترع فيها الناخب لشخص واحد، ويتساوى الجميع فيها في الحقوق والواجبات. ومن المؤكد أن الإسرائيليين لن يقبلوا بهذا، فهم يعرفون أن الفلسطينيين إذا كانوا في البداية يشكلون أقلية بين السكان، فإنهم في غضون سنوات قليلة سيصبحون أغلبية، بسبب نسبة الولادة المرتفعة، وتراجع معدلات الهجرة اليهودية إلى إسرائيل. إن الأيديولوجية الصهيونية تقضي بأن تكون في إسرائيل أغلبية يهودية، وسيطرة يهودية، ولذلك، يصر الإسرائيليون، حتى اليوم، وبشتى الوسائل والسبل، على مواصلة التطهير العرقي لأرض كانت غالبية سكانها العظمى من العرب الفلسطينيين.
ولم يكن لبريطانيا أي حق في أخذ دولة عربية وتقديمها هدية إلى اليهود الأوروبيين، وإسرائيل اليوم هي دولة تقدم على الإثنية والعنصرية، في ظل قوانين تمييزية، ما كانت لتحظى بأي احترام من جانب المجتمع الدولي في أية دولة أخرى. وينص قانون العودة الإسرائيلي، مثلاً، على أن أي يهودي في أي مكان من الأرض، يستطيع المجيء إلى إسرائيل، ويحصل على الجنسية الإسرائيلية، فور أن تطأ قدماه أرض المطار. وبالمقابل هناك في الخارج مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن، سكانها من أبناء الذين كانوا يعيشون في فلسطين طوال قرون، قبل أن يطردهم منها الإسرائيليون، وهؤلاء ليس مسموحاً لهم أن يعودوا، وبالتأكيد، لن يحصلوا على الجنسية. إن هذه الغرابة المسماة «إسرائيل» لا تزال مستمرة، لأن الولايات المتحدة وأوروبا تغضان الطرف عن شذوذها وعيوبها، وتطمسان الحقائق عبر الكلام الذي لا نهاية له، عن عملية سلام وهمية، لم تكن موجودة فعلاً في أي يوم من الأيام، وهما تلقيان الدعم في هذا «العمى المتعمد» من جانب لوبيات يهودية قوية، يشرف على معظمها أشخاص لا يحلمون بالهجرة إلى إسرائيل، حيث الضرائب مرتفعة، والخدمة العسكرية إلزامية. أما بعض الجماعات المسيحية التي تدعم الصهيونية والدولة الإسرائيلية، فهي بكل بساطة، تجهل تعاليم الديانتين المسيحية واليهودية، فالحق الديني في إسرائيل لا يقتصر على تطهير الأرض من سكانها العرب المسلمين فحسب، بل أيضاً من العرب المسيحيين، بالرغم من محاولات اليهود اليوم، ذرّ الرماد في العيون، بشأن هذه العقيدة. إن المسيحية انطلقت من فلسطين وكنيسة المهد، أقدم كنيسة في العالم موجودة في فلسطين، والمسيحيون عاشوا في فلسطين منذ عهد المسيح، وإذا كانت أعمال القمع التي تعرض لها المسيحيون الفلسطينيون مجهولة من جانب معظم المسيحيين الأمريكيين، فإن العديد من هؤلاء تعرضوا لعمليات غسل لأدمغتهم، بغية دفعهم باتجاه مساندة شعب يكرههم. ونحن لا نرى أية توضيحات بهذا الشأن في الصحافة الأمريكية، لكن هناك حاخاميون بارزون يؤكدون يومياً، وبشكل علني، أن ظفر إصبع يهودي يساوي حياة 100 فلسطيني. إن اسرائيل هي دولة مصطنعة لا يمكنها البقاء إلا «اصطناعياً» بمساعدة أجنبية من الخارج، ولذلك، على الفلسطينيين أن يطالبوا بفلسطين واحدة، يتساوى الجميع فيها بالحقوق. وهم عاشوا تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ ستين سنة، ولقد حان الوقت لكي ينتهي ذلك.
* كاتب أمريكي
ترجمة: جوزيف حرب