«مين طفى الـ نور ؟»

خالد الجار الله

لا يبدو أن نجما جماهيريا بحجم محمد نور سيجد مخرجا أفضل من هذا الذي افتعله مناصروه، وهم يقرعون أبواب الشك والشبهات لتجميل صفحته الأخيرة، بعد صدمة إيقافه بقرار لجنة المنشطات السعودية معززا برأي الوكالة الدولية «وادا»، التي تظل محايدة رغم كل ما يقال من «هرج ومرج» إزاء إجراءاتها الأخيرة، كونها لم تجامل أساطير طوعوا الكرة على أقدامهم بما فيهم عراب متعتها ونجلها العظيم مارادونا، فإن تظل ضحية بريئة حيك لها مؤامرة خير من أن يصيبك يقين الشبهة في كل مشوارك العريض وتنال منه الشكوك بشكل أو بآخر.
وبعيدا عن ما إذا كان اللاعب صاحب الرقم الأكبر في إنجازات ناديه، قد تعاطى المادة المحظورة رياضيا عمدا أم إهمالا، فإن ذلك لا يغير في الأمر شيئا باعتباره مخطئا شئنا أم أبينا، بحكم جهة رسمية تمثل وكالة دولية معنية بمكافحة المنشطات.
ما يجدر الحديث عنه أثناء هذه القضية هو تلوين المبادئ والقيم لدى البعض من قبيل العاطفة الشخصية أو الانحياز للتاريخ أو التذرع بـ القربى والصداقة، فالقدوة يفترض جزافا أن يكون الأكثر وعيا وحرصا من غيره على نفسه وعلى تصرفاته ومحيطه، كونه يؤثر مباشرة في طيف من المحبين والمعجبين بالسلب أو الإيجاب ما يضاعف مسؤوليته وذنبه، مهما حاول هؤلاء تجاهله وإسقاطه من حساباتهم بالتبرير والتسويغ له ولغيره من أخطاء النجوم، بل وصل الأمر ببعضهم إلى الطعن في أنظمة دولية صارمة عمياء لا ترى إلا القانون فقط.
تعددت السيناريوهات في قضية نور طيلة 4 أشهر من الشد والجذب، بدءا من حجة عدم تطابق العينتين التي سقطت مرورا بوجود المادة في عشبة طبية متاحة وانتهاء بـ الأفلام والأقلام التي تحدثت عن مؤامرات ومكائد مثيرة للجدل، وكان أكثرها إثارة الحديث عن الابتسامات والأسلوب على طاولة الاستماع التي لا يهم فيها غير النتائج الطبية والقوانين المنصوصة.
اليوم وبعد الحكم النهائي وسريان العقوبة على محمد نور ليس لنا إلا التعامل معه وفق منطق القانون وعرف التقاضي، والتعاطي مع المجتمع بمسؤولية برفض التصرف والتحذير من المنشطات جملة وتفصيلا والتوعية بخطرها دون تبرير أو تسويغ تحت أي ظرف أو عذر.
من حق جميع الرياضيين المطالبة بفحص دائم ومتواتر بالكشف والفحص على عينات اللاعبين، كون ذلك يضمن سلامة التنافس وعدالته بعيدا عن مؤثرات تخل بتكافؤ الفرص وتصيب المساواة في مقتل، فدخول أي منشط عبر أي طريقة للجسم مسؤولية اللاعب وحده لأن القانون لا يقبل مبررات الإهمال وإلا وجدنا ذريعة لمن تسول له نفسه.
بقي أن أقول إنني أتمنى أن لا تكون صورة محمد نور الجميلة في ذاكرة التاريخ الرياضي وهما، وأن ينتصر في استئنافه ولو بعد زمن طويل، ولكن حتى ذلك الحين سيبقى الحال كما هو عليه.