الحقيقة والمهنية

وصلتنا رسالة توضيحية من عضو مجلس الشورى الدكتورة ثريا العريض حول ما نشر في حوار أجراه معها الزميل عبدالرحمن العكيمي في عدد 23/5/1437، ومن طرفنا في «عكاظ» نرى بأنه وجب التنويه والتوضيح، ونشر الرسالة وهذا نصها:
تجربتي منذ سنين أوصلتني إلى استنتاج صائب، أنه من الأفضل إذا كنت كاتبا أو مسؤولا أن تنشر رأيك مكتوبا ومسموعا ومرئيا في إطاره الكامل، ليطلع عليه المتلقي مباشرة كما عرضته. من هنا جاء هذا الرد ليضع النقاط ويعيد السطور كاملة.
تناولت الحوارات في ساحات التواصل موضوع إيقاف برنامج حواري محبوب من المتابعين لأنه يختلف عن البرامج الأخرى معروف بالشفافية ومتابعة المستجدات. وفي غياب توضيح رسمي ثارت تكهنات كثيرة حول السبب، وركز ذوو الخبرة على آخر حلقة عرضت بعد الإيقاف لاستكناه السبب. ووصلني في ما بعد تسجيل لهذه الحلقة التي انتشرت كالنار في الهشيم وهذا ما وجدت:
ضمن فقرات الحلقة تواصل البرنامج مع زميل لي في الشورى حول تفاعل الساحة الإعلامية سلبيا جدا مع كلمة قدمها الزميل في فقرة «الشأن العام»، وهي فقرة مقفلة عن التغطية الإعلامية والتسجيل الرسمي تحتفظ به سجلات المجلس ولا ينشر. تكلم فيها الزميل فعبر عن رأيه الشخصي الخاص حول موضوع بعينه.. وهذا متاح لأي من الأعضاء في هذه الفقرة وموجه فقط لأسماع الحضور من الزملاء.
كيف وصل تسريب صوتي لما طرحه الزميل في الشأن العام إلى الصحافة؟ سؤال مصيري حول الالتزام بفرضيات الممارسات المهنية. قبل أن يصلني خبر إيقاف البرنامج الحواري، تواصل معي محرر في صحيفتكم الرائجة يسألني عن رأيي.. فطلبت منه تسجيل إجابتي والالتزام عند النشر بما يأتي فيها بصيغة تعبيري الخاص.. ووافق على ذلك. وكانت إجابتي أن كل ما يطرح في الشأن العام ليس موجها للإعلام الداخلي أو الخارجي. هو موجه فقط لآذان الأعضاء ونقله للخارج وللإعلام خطأ مهني. أما بالنسبة للخلاف في ساحة الرأي العام فمهم أن لا يكون بصيغة تراشق اتهامات توحي بوجود خلافات جذرية في المجتمع. أي مجتمع طبيعي به وجهات نظر، ولكن ما ينشر في الإعلام الداخلي مؤطر بأنه خلافات جذرية، حين يصل إلى جهات مترصدة وعدائية ضد مجتمعنا ساعية لتشويه سمعته، يمنحها فرصة للمزيد من التشويه. وضربت مثلا بما تفعله ميمري الصهيونية التي تتابع أخبار العرب وإعلامهم بانتقائية عدائية، وتنقله للكونجرس الأمريكي للتأثير في قراراته المتعلقة بالعرب. وأننا كمواطنين ومسؤولين ومختصين وإعلاميين يجب أن نقف معا لحماية استقرار الوطن لا إثارة التصدعات، خاصة أن الوطن يمر بمرحلة استنفار قصوى، هو فيها مطالب بالتصدي وعلى عدة جبهات عسكريا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا للدفاع عن الاستقرار.
اتفقت مع المحرر أن يطلعني على الصيغة النهائية لأوافق على النشر. مع الأسف فوجئت بنشر الكلام مختزلا ومصاغا كأنه موجه مني لزميلي عضو الشورى شخصيا، وليس للصحيفة التي اتصلت لتطلب رأيي حول حدث سلبي لا ردي على شخص بعينه. وقد وضحت ذلك مسبقا للمحرر المتصل بي. الآن مع الأسف تأكدت أن ثقتي واحترامي لمهنية زملاء الصحافة وذمتهم.. لم تكن في محلها.
المهنية الإعلامية تفرض أن لا يحور أو يختزل ما يقوله أي شخص، ناهيك بمسؤول في موقع عال كمجلس الشورى، ليخدم أغراض أي جهة بعينها. واقتطاع فقرات من خطاب موجه لجمع متخصص بعينه في اجتماع مغلق أصبح مع الأسف ممارسة (....) من بعض الحضور يجب أن تخضع للمساءلة، حماية للمتحدث، وللحقيقة التي ستصل إلى الجمهور العام مشوهة، وموجهة حين لا تصله إلا مبتورة مجتزأة ومسيجة لتخدم أهدافا أخرى شخصية وفئوية قصيرة النظر وأنانية المنطلق.
ولذا أطالب الصحيفة بالاعتذار الواضح والصريح عما حدث، وبنشر ما سجله المحرر من كلامي.. وليس ما أعيدت صياغته بفعل فاعل ما لهدف لن أتكهن به.
أعدكم علنا.. يبقى الولاء للوطن أولا، وللحقيقة والمتلقي المتعطش لها أولا وأخيرا.. لن يفرح إلا أعداء الوطن حين يأتي انعدام الذمة بالعيد.
أتكلم من وجهة نظر مواطنة مسؤولة عاشت الحدث من الداخل وتداعيات نقله للمتلقي مجتزءا ومصاغا للإيحاء بما ليس فيه...
والله يحمي الوطن ومحبيه من أعدائه المترصدين والمتربصين له في الداخل والخارج، ومن يلتقط ما ينشرونه ليعيد طعننا به في الخارج.