كورونا.. الرقابة تفضح ادعاءات «الصحة»

سعيد السريحي

لم تحتج كوريا الجنوبية لأكثر من شهرين بعد ظهور أول إصابة بكورونا كي تتمكن من الإعلان عن القضاء على الفيروس فخرجت من محنة الوباء بوفيات لم يتجاوز عددها ست وثلاثين ضحية بينما لا نزال نحن نعاني من نفس الفيروس الذي يقفز من منطقة لمنطقة ومن مدينة لمدينة ومن منشأة صحية لمنشأة أخرى منذ سنوات قاربت الأربع سنوات، حاصدا أرواح ضحاياه الذين بلغوا خمسمائة وسبعا وستين ضحية حتى الآن، وهو عدد قابل للزيادة في ضوء ما تتكشف عنه الأخبار التي أصبحت شبه يومية عن تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا. وكنا قد شعرنا بشيء من التفاؤل حين كانت وزارة الصحة تعلن عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من انتشار الفيروس والممهدة للقضاء عليه، وهو تفاؤل لم يلبث أن انقلب لحيرة من يتساءل كيف لم تنجح وزارة الصحة وكل خططها وبرامجها في الحد من انتشار الفيروس والعجب من أن دولا أخرى ككوريا تمكنت بإجراءات مماثلة من القضاء على الفيروس.
ولأننا لم نكن نعرف عن هذه الإجراءات غير ما تعلنه الصحة نفسها عن نفسها فشاهدها كان منها ودليلها على جدية تعاملها هو ما تعلنه عن هذه الجدية لم يكن لنا أن نخلص من العجب والحيرة ملتمسين لوزارة الصحة العذر سائلين الله لها العون والسداد، غير أن التقرير الذي نشرته الصحف والذي يتحدث عما رصدته جولات هيئة الرقابة والتحقيق على عدد من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة من نواحي القصور في مواجهة فيروس كورونا، هذا التقرير الذي يشكل شهادة محايدة تنقض شهادة وزارة الصحة لنفسها كفيل بمعرفة الأسباب التي توشك أن تجعل من كورونا مرضا مستوطنا لدينا وتمنح فيروسه مرتعا خصبا وبيئة ملائمة لحصد مزيد من الضحايا، وحسبنا من ذلك التقرير ما أشار إليه من (عدم توفر المقاييس والمعايير الدولية في غرف العزل مع عدم وجود غرف العزل في بعض المستشفيات وعدم كفاية الأطباء المتخصصين في الأمراض المعدية مع عدم تأهيلهم بدورات متخصصة للتعامل مع الفيروس وعدم فحص الأطباء والعاملين بصفة مستمرة للتأكد من عدم التعرض للفيروس في بعض المستشفيات، وعدم كفاية أو تأمين الأجهزة الطبية والمعدات والسيارات والأدوية والمطهرات ومواد النظافة في بعض المستشفيات وأيضا عدم استخدام غالبية الأطباء في الطوارئ للواقي التنفسي أثناء الكشف على المرضى مع عدم تغيير القفازات وغسل الأيدي بعد الانتهاء من الكشف على المرضى).
فإذا كان ذلك كذلك لم يعد لنا أن نعجب أن يتفشى الفيروس ولم نعد نلتمس العذر لوزارة الصحة وأصبح من حقنا أن نطالب بمحاسبة كل مسؤول فيها عما نعانيه من انتشار لكورونا وحصده لأرواح الأبرياء.