النصر على أمره «مغلوووب»

غضب جماهيري وتباعد شرفي وهبوط حاد

النصر على أمره «مغلوووب»

فلاح القحطاني (الرياض)

بينما كان البحث جاريا عن جراحين مهرة يعالجون المرض الطارئ الذي حل بجسد النصر الهزيل هذا الموسم، إلا أن أقربهم لهذا الكيان رفض تشخيص حالة النصر والحديث عن أوجاعه، حيث امتنع سلمان المالك عن الحديث في علّة النصر بحجة دخوله في الترشح لانتخابات الاتحاد السعودي لكرة القدم وابتعاده عن المشهد النصراوي، ولم يتجاوب عضو الشرف رئيس لجنة الاستثمار بالنصر شرف الحريري مع الاتصالات والرسائل، فيما اعتذر عبدالله العمراني وأديب العمري عن الحديث في هذا الموضوع، وكذلك حمد المبارك الذي رفض الحديث عن النصر في الوقت الحالي مكتفيا بقوله: يبقى النصر بإذن الله كيانا عظيما يمرض ولا يموت. بينما اكتفى منصور الثواب بالصمت وعدم الرد على الاتصال أو حتى الرسائل، فيما أوضح أحمد الخراشي أنه بعيد تماما عن المشهد النصراوي بسبب رغبته الشخصية في الابتعاد وعدم تجديد عضويته الشرفية.



أسماء متعددة قدمت نفسها في النصر كـ «شرفيين» للفرح يبدو ولكن في حالة الطوارئ الجميع استعان بمخارج السلامة وترك النصر يئن وسط أحزانه، ولم يتصد للحديث سوى عضو الشرف النصراوي بندر الحارثي الذي فتح قلبه لـ«عكاظ» بحديث لم يتحدث به من قبل، ربما يحدث صداه داخل البيت النصراوي. بين هذا وذاك انقسم الجمهور الأصفر في وصف المشهد الشرفي النصراوي ما بين هروب من المسؤولية ومحاولة للم الشمل، ولكن اتفقوا على حقيقة واحدة هي أن النصر لا يوجد به كبير يلجأون إليه وقت الشدائد والأزمات.

كبار النصر هذا الموسم .. أين هم؟
لا يمكن لأحد أن ينكر دور أعضاء الشرف النصراويين خصوصا المؤثرين والداعمين فيما تحقق للنصر من نجاحات طوال الموسمين الماضيين الذي تألق فيه النصر وسيطر على بطولة الدوري، لكن الأسئلة التي طرحتها الجماهير الصفراء دارت حول غياب أعضاء شرف النصر عن المشهد هذا الموسم، ومن المتسبب في ذلك؟ هل هي السياسة المتبعة من إدارة النادي كانت أم أن ثمة أسبابا أخرى لا يدركها المشجع البسيط؟

اختار «عكاظ» ليكشف الخفايا
عضو الشرف النصراوي بندر الحارثي الداعم الرئيس للفئات السنية خلال السنوات الماضية والقريب جدا من الفريق الأول والمتكفل الثابت لمعسكراته وداعم مدرجه من خلال التيفو في المشاركة الآسيوية للموسم الماضي، اختار «عكاظ» ليوضح أسباب ابتعاده عن النصر هذا الموسم قائلا: ابتعدت لظروفي العملية وتواجدي المستمر خارج الوطن، إضافة إلى القناعة الثابتة في عدم المشاركة بعمل أقل بكثير من طموح أي محب للنادي!

قيادة الفريق بنظام الطيران
وحول الفترة الماضية أكد الحارثي أن الرياضة السعودية بشكل عام تعاني فعليا من أزمة فكر على كافة المستويات، فيما العمل في النصر وتحديدا في الفريق الأول عمل غير ممنهج ويتم وفق مبدأ شركات الطيران من حيث الذهاب والعودة بنفس الاتجاه. مؤكدا أن الفريق الأول خط أحمر لإدارة النادي ولا تحبذ كثيرا الخوض في مشكلاته ومناقشة حاجاته.
وعن غياب دورهم وتفاعلهم مع مشكلات النادي الفنية كأعضاء شرف وطرح الحلول ومناقشتها مع الإدارة، فجر الحارثي مفاجأة من العيار الثقيل، وهي أنه عندما كان خورخي داسيلفا مدربا للفريق أخبرتهم بإمكانية إحضار المدرب سلافن بيليتش الكرواتي الذي كان وقتها يعمل مدربا بالدوري التركي لفريق بشكتاش التركي، وعلمت أن الفريق التركي يعاني من مشكلات مالية ولم يلتزم ببعض بنود العقد مع المدرب وكان يحق له فسخ عقده وبطلب شخصي تواصل معه ومع مساعديه حينها مدربا الفئات السنية السابق إيفان والحالي كريسمير لإقناعه بالقدوم للنصر، موضحين له أن النصر بطل الدوري وبطل كأس ولي العهد والأقرب إلى تحقيق الدوري للمرة الثانية على التوالي ومقبل على المشاركة في دوري أبطال آسيا وقام بتزويدنا برقم وكيل أعماله للتفاوض معه ماليا، وكنت على استعداد للتكفل بمقدم عقد هذا المدرب تحديدا وبعد معرفة رغبته المبدئية أوصلت ذلك لإدارة النصر التي لم تعر ذلك الموضوع أي اهتمام، ولم يتم الرد على المبادرة إلى يومنا هذا، وها هو بيليتش مدربا بالدوري الإنجليزي لفريق ويستهام الإنجليزي.

النصر «ما له كبير»
وفيما يخص المطالبة الجماهيرية أخيرا بوجود كبير للنصراويين يعودون إليه وقت الأزمات، أكد الشرفي النصراوي أن (الكبير وجه الله) وبشكل عام مهم أن يكون هناك قائد وملهم فعلي للجميع من خلال دفعه المالي وتفاعله الشخصي أولا بأول مع الحدث، لكن على مستوى الأندية عامة لم يعد ذلك الشخص المؤثر موجودا إذا ما استثنينا وجود الأمير خالد بن عبدالله في النادي الأهلي، وأعتقد أن نظام الاحتراف ورغبة بعض الإدارات تسببت في ذلك رغم أن الأندية الرياضة متجهة نحو الانحراف عن طريق الاحتراف، ولن يستطيعوا الاستغناء عن دعم أعضاء الشرف ولا يملكون القدرة على إيجاد شركات رعاية تغطي عجزهم المالي.

القروض مشكلة أكبر
ووصف الحارثي قروض الأندية وموافقة الرئاسة العامة عليها لحل مشكلاتها الخارجية بأنه «حلّ مشكلة بمشكلة أعظم» ولكن هذه المرة بعمولات للشركة الساعية للنادي وفوائد للبنك واقتصاص مداخيل. وأضاف: أذكر تصريحا للرئيس العام لرعاية الشباب أعتقد أنه ذهب أدراج الرياح، وذلك حين قال: «سنمنع أي ناد تتجاوز ديونه 40 مليونا من التسجيل».

التواصل مع هيئة الشرف مفقود
من جهته أكد عضو الشرف النصراوي السابق -كما وصف نفسه- أحمد الخراشي أن علاقته بالإدارة الحالية جيدة، لكنه مبتعد حاليا لأسباب عملية ولم يجدد عضويته الشرفية. مشيرا إلى أن حضوره خلال السنتين الماضيتين كان دافعه الحماس والرغبة في خدمة الكيان، لكنه وصل إلى قناعة بعدم جدوى استمراره لذا فضل الانسحاب بهدوء، وأشار الخراشي إلى أنه ليس له أي علاقة بهيئة أعضاء الشرف الرسمية وليس بينه وبينهم أي تواصل سواء في الفترة الماضية أو الحالية.
وعلق الناقد الرياضي فرحان الفرحان في هذا الشأن بأن المواقف التاريخية لأعضاء شرف النصر الفاعلين لا يمكن إنكارها ولها تأثير كبير في مسيرة هذا النادي العاصمي، لكن من يتعمق في محاولة فهم فلسفة علاقة أعضاء شرف النصر بناديهم قد يصاب بالدوار لأنها علاقة غامضة تبدو كما لو أنها مرتبطة بالمشاعر أكثر من كونها علاقة مبنية على أسس محوكمة، بل أن تشبيهها بالأمطار التي تهطل على جزيرة العرب قد يكون أقرب توصيف لها فإما إغراق يحدث ربيعا مبهجا أو غياب يتبعه تصحر مهلك.
وأضاف الفرحان: هذا التباين في فاعلية أعضاء الشرف يبدو لي أن مسبباته تتمثل في غياب أسس علاقات أعضاء الشرف بنادي النصر والذي أوجد منطقة رمادية بين دورهم ودور الإدارة التي تكون في سدة الرئاسة وفي هذه المنطقة الرمادية تغيب صورهم ويختفي صوتهم لذا نصيحتي لكبار النصراويين أن يعيدوا رسم حدود علاقة أعضاء الشرف بالإدارة وبالقرار النصراوي بحدود واضحة تلغي هذه المنطقة الرمادية العديمة الرؤية، حتى لا تغيب صورة ولا يختفي صوت ولا يتوه قرار فتنفتح مسارات التيه لنصرهم كما حدث في سنوات الانكسار.

موسم كارثي على البطل
لن ينسى جمهور النصر موسم 2015 - 2016 إذ يعتبره أنصار الأصفر موسما كارثيا بكل ما تعنيه الكلمة، إذ بدأه النصر بخسارة بطولة كأس السوبر السعودي التي أقيمت في العاصمة الإنجليزية لندن أمام غريمه الأزلي الهلال، اتبعه بالخروج من كأس سمو ولي العهد أمام الشباب في دور الثمانية، وها هو الفريق يحتل مركزا متأخرا لا يليق ببطل دوري عبداللطيف جميل للمحترفين لموسمين متتاليين بحلوله تاسعا بـ 25 نقطة، ولا زال هنالك بصيص أمل للفريق العاصمي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بإحراز بطولة كأس الملك التي سيلعب دور الثمانية فيها أمام فريق العروبة في الرياض والوصول إلى أدوار متقدمة في البطولة الآسيوية التي يتصدر مجموعته فيها حتى نهاية الجولة الثالثة من دوري المجموعات بـ 5 نقاط جمعها من فوز يتيم وتعادلين.

هاربون من التشخيص
يتواجد عدد كبير من أعضاء شرف النصر في وسائل التواصل الاجتماعي خاصة تويتر باحثين عن المتابعين بوعود وأخبار وعلى الرغم من ذلك إلا أنهم في أزمة النصر غابوا ولم تجد الجماهير إلا رئيس ناديهم وحيدا أمام أزمات مالية خانقة، فيما اكتفى البقية بالدعوات بعد كل مباراة، دون أي تشخيص واقعي للحالة النصراوية سواء بإظهار المشكلات أو إيجاد الحلول التي من شأنها تغيير الحال للأفضل وإعادة النصر.
وفي استطلاع أجرته «عكاظ» في مواقع التواصل الاجتماعي تويتر تم طرح السؤال عن ‏سبب انخفاض مستوى النصر هذا الموسم، فجاءت الأزمة المالية بنسبة 10%‏، والاستعداد الضعيف بـ 18%‏ فيما عدم وجود كبير للنصراويين حصد 6%‏، واتفق على جميع ما سبق 66%‏.