مراهقو «داعش» تحت تأثير السحر الإلكتروني
80 % تم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي
السبت / 24 / جمادى الآخرة / 1437 هـ السبت 02 أبريل 2016 20:55
د. عبدالرزاق بن عبدالعزيز المرجان (*)
حضر السحر في قضايا الفساد قبل عام، والآن يحضر في الإرهاب، الوجه الآخر للجريمة.
فما إن تحقق وزارة الداخلية إنجازا أمنيا، وتعلن القبض على مجموعة من المتورطين بالعمل الإرهابي، إلا وتحضر بعض المبررات من الأقارب، بأن أبناءهم المتورطين في هذه القضايا مسحورون. فهل هذا صحيح؟
كلمة السحر أرجعتني قليلا لإعلان وزارة الداخلية عن إحصائيات جرائم الاعتداء في المملكة لعام 1435، الذي نشر على موقع العربية نت، عند مراجعتها حسب المهنة والفئة العمرية اتضح الآتي:
• في جرائم السلب يعتبر الطلاب الأكثر تورطا، بنسبة 27.25%، أما بالنسبة للفئات العمرية لهذه الجرائم فهم بين 19-24، بنسبة 33.2%.
• يتورط الطلاب في جرائم السرقة بالقوة، بنسبة 36.23%، وفئاتها العمرية بين 19-24، بنسبة 40.3%.
• يتورط الطلاب في جرائم سرقة السيارات، بنسبة 36.39%، للفئات العمرية بين 19-24، بنسبة 33.7%.
• يتورط الطلاب في جرائم السطو فيحتلون المركز الثاني بعد العاطلين، بنسبة 33.33%، وفئاتها العمرية بين 19-24، بنسبة 40.3%.
لذلك كان من السهل على الجماعات الإرهابية التركيز وتجنيد هذه الفئة العمرية، لتنفيذ أجندتها الإرهابية.
واستطاع تنظيم داعش الوصول إلى هذه الفئة وتجنيد 80% من الأفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما ذكرت بعض التقارير.
إذن هو السحر الإلكتروني الذي يستطيع الدخول إلى كل بيت عن طريق الهاتف الذكي أو الحاسب الآلي.
عند مراجعة بعض القضايا الإرهابية نجد هناك توافقا وتناغما بين هذه الإحصائيات وبعض المتورطين في الإرهاب، حيث إن المتورطين طلاب، تراوح أعمارهم بين 19-24 عاما، ففي قوائم الهالكين نجد أن الطلاب، وفئة المراهقين تظهر جلية.
على سبيل المثال أربعة من الستة المتورطين في قضية الغدر وقتل الشهيد بدر الرشيدي أعمارهم مابين 19-24 عاما، وهم؛ معتز، وزاهر، وسامي، وإبراهيم الرشيدي، وثلاثة من الستة طلاب، وهم؛ إبراهيم، وزاهر الرشيدي، طالبان في جامعة الملك سعود، وسامي الرشيدي، طالب بكلية الجبيل الصناعية، كما ذكر تقرير إم بي سي في أسبوع.
ويحضر أيضا اسم يوسف السليمان الذي فجر مسجد قوات الطوارئ في عسير، الذي كان عمره 21 عاما، ومفجر مسجد الأحساء عبدالرحمن عبدالله التويجري وعمره 22 عاما وهو أيضا طالب في كلية المجتمع.
وفي قائمة المطلوبين أمنيا نجد أن هذه الفئة العمرية لا تغيب أيضا، ففي قائمة التسعة المطلوبين أمنيا الذين ثبت تورطهم في حادث تفجير مسجد قيادة قوات الطوارئ الخاصة بمنطقة عسير، نجد أن طايع، ومطيع ابني سالم الصيعري، أحدهما مبتعث، والآخر طالب في معهد تقني، كما ذكر والدهما.
وقائمة المطلوبين الـ16 الذين ثبت تورطهم في حادثتي تفجير مسجد القديح، ومسجد العنود، نجد أنها تضم متهمين أعمارهم تراوح بين 21-23 عاما، وهم؛ عبدالهادي معيض القحطاني (21 عاما)، وإبراهيم يوسف الوزان (22 عاما)، وبسام منصور اليحيى (23 عاما). وفي قائمة المقبوض عليهم بالتورط في قضايا الإرهاب، نجد حضورا أيضا لهذه الفئة العمرية، كالقبض على من قام بقتل قائد الدورية، يزيد أبونيان (23 عاما)، وهو مبتعث سابق، والقبض كذلك على الأخوين أحمد، ومحمد سعيد الزهراني، (19، و21 عاما) من خلية الرياض.
ولا ننسى جريمة حادثة معلم جازان الذي أطلق النار في مكتب التعليم وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص.
هذه الإحصاءات المهمة والحوادث تشير إلى انتشار «ثقافة العنف» في أوساط التعليم، ولا تتعلق القضية بالسحر والخرافات، وتفتح الباب على مصراعيه وتطرح عدة أسئلة ماذا يحدث في التعليم (لا أتحدث عن مناهج)؟ وماذا يحدث في الوزارات الأخرى ذات العلاقة؟ وماذا يحدث في الأسرة؟ وهل برنامج فطن أخذ باعتباره ثقافة العنف؟ لماذا نقف متفرجين في الوقت التي أخذت وزارة الداخلية المسؤولية كاملة لمواجهة الإرهاب؟
محاربة العنف في المدارس
استحداث فريق لتقييم سلوكيات الطلاب والطالبات بالمدارس والجامعات يسمى behavioral intervention team أصبح مطلبا أساسيا في هذه المرحلة الحساسة، لمحاربة ثقافة العنف منذ البداية واحتوائها داخل أروقة التعليم قبل تطورها. ويمكن الاستفادة من هذا البرنامج ليشمل تقييم سلوكيات الموظفين والمدرسين.
ويتكون الفريق من عدة أشخاص ومن إدارات مختلفة لدراسة المشكلة والمساهمة في حلها قبل الخروج عن السيطرة. ويعقد اجتماع أسبوعي أو شهري -حسب الحاجة- لمراجعة الحالات، ووضع خطط لحلها، والتواصل مع الأسر، ليكونوا جزءا من الحل. وفي حالة الوصول لمرحلة حرجة تطلب الاستعانة بالجهات الأمنية، وفي العادة يتم التركيز على السلوك العدواني لدى الطلاب والطالبات، كالعنف، والتشهير، والابتزاز الإلكتروني.
يساهم البرنامج في التعرف على أصحاب الفكر المتطرف في المراحل الأولى، ما يؤدي إلى معالجته قبل فوات الأوان، وقتل هذا الفكر في مهده.
البرنامج تم تطبيقه بشكل واسع في أمريكا لمراحل الثانوية والجامعات للحد من جرائم العنف بها، خصوصا بعد ارتفاع معدلات العنف داخلها ووصوله لمرحلة القتل.
شفافية «الداخلية» تنجح في المواجهة
إعجاب العالم بوزارة الداخلية السعودية وعملها لم يكن مجاملة بل بالإنجازات التي تحققت على أرض الواقع كالضربات الاستباقية، والقبض على الإرهابيين قبل تنفيذ عملياتهم، وليس ذلك فحسب بل مصداقيتها وشفافيتها في مواجهة الملف الإرهابي.
ضحوا بأرواحهم لتحقيق الأمن والأمان، وما المحاولة الغاشمة لاغتيال ولي العهد الأمير محمد بن نايف من قبل الهالك العسيري إلا دليل على ذلك.
الآن هل سنشاهد وزارة أخرى أو مؤسسة مدنية تحقق إنجازا يضاهي إنجازات وزارة الداخلية أم سنقف متفرجين ونكتفي بالتصفيق لإنجازاتها؟.
بالإمكان حل هذا الملف قبل المواجهة الأمنية، والتعليم مع الأسرة اللاعب الرئيسي لحماية مجتمعنا، وإلا سيستمر الوضع. انتبهوا من السحر الإلكتروني (القوة الناعمة) وحصنوا أبناءكم منه!.
(*) خبير الأمن الإلكتروني
فما إن تحقق وزارة الداخلية إنجازا أمنيا، وتعلن القبض على مجموعة من المتورطين بالعمل الإرهابي، إلا وتحضر بعض المبررات من الأقارب، بأن أبناءهم المتورطين في هذه القضايا مسحورون. فهل هذا صحيح؟
كلمة السحر أرجعتني قليلا لإعلان وزارة الداخلية عن إحصائيات جرائم الاعتداء في المملكة لعام 1435، الذي نشر على موقع العربية نت، عند مراجعتها حسب المهنة والفئة العمرية اتضح الآتي:
• في جرائم السلب يعتبر الطلاب الأكثر تورطا، بنسبة 27.25%، أما بالنسبة للفئات العمرية لهذه الجرائم فهم بين 19-24، بنسبة 33.2%.
• يتورط الطلاب في جرائم السرقة بالقوة، بنسبة 36.23%، وفئاتها العمرية بين 19-24، بنسبة 40.3%.
• يتورط الطلاب في جرائم سرقة السيارات، بنسبة 36.39%، للفئات العمرية بين 19-24، بنسبة 33.7%.
• يتورط الطلاب في جرائم السطو فيحتلون المركز الثاني بعد العاطلين، بنسبة 33.33%، وفئاتها العمرية بين 19-24، بنسبة 40.3%.
لذلك كان من السهل على الجماعات الإرهابية التركيز وتجنيد هذه الفئة العمرية، لتنفيذ أجندتها الإرهابية.
واستطاع تنظيم داعش الوصول إلى هذه الفئة وتجنيد 80% من الأفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما ذكرت بعض التقارير.
إذن هو السحر الإلكتروني الذي يستطيع الدخول إلى كل بيت عن طريق الهاتف الذكي أو الحاسب الآلي.
عند مراجعة بعض القضايا الإرهابية نجد هناك توافقا وتناغما بين هذه الإحصائيات وبعض المتورطين في الإرهاب، حيث إن المتورطين طلاب، تراوح أعمارهم بين 19-24 عاما، ففي قوائم الهالكين نجد أن الطلاب، وفئة المراهقين تظهر جلية.
على سبيل المثال أربعة من الستة المتورطين في قضية الغدر وقتل الشهيد بدر الرشيدي أعمارهم مابين 19-24 عاما، وهم؛ معتز، وزاهر، وسامي، وإبراهيم الرشيدي، وثلاثة من الستة طلاب، وهم؛ إبراهيم، وزاهر الرشيدي، طالبان في جامعة الملك سعود، وسامي الرشيدي، طالب بكلية الجبيل الصناعية، كما ذكر تقرير إم بي سي في أسبوع.
ويحضر أيضا اسم يوسف السليمان الذي فجر مسجد قوات الطوارئ في عسير، الذي كان عمره 21 عاما، ومفجر مسجد الأحساء عبدالرحمن عبدالله التويجري وعمره 22 عاما وهو أيضا طالب في كلية المجتمع.
وفي قائمة المطلوبين أمنيا نجد أن هذه الفئة العمرية لا تغيب أيضا، ففي قائمة التسعة المطلوبين أمنيا الذين ثبت تورطهم في حادث تفجير مسجد قيادة قوات الطوارئ الخاصة بمنطقة عسير، نجد أن طايع، ومطيع ابني سالم الصيعري، أحدهما مبتعث، والآخر طالب في معهد تقني، كما ذكر والدهما.
وقائمة المطلوبين الـ16 الذين ثبت تورطهم في حادثتي تفجير مسجد القديح، ومسجد العنود، نجد أنها تضم متهمين أعمارهم تراوح بين 21-23 عاما، وهم؛ عبدالهادي معيض القحطاني (21 عاما)، وإبراهيم يوسف الوزان (22 عاما)، وبسام منصور اليحيى (23 عاما). وفي قائمة المقبوض عليهم بالتورط في قضايا الإرهاب، نجد حضورا أيضا لهذه الفئة العمرية، كالقبض على من قام بقتل قائد الدورية، يزيد أبونيان (23 عاما)، وهو مبتعث سابق، والقبض كذلك على الأخوين أحمد، ومحمد سعيد الزهراني، (19، و21 عاما) من خلية الرياض.
ولا ننسى جريمة حادثة معلم جازان الذي أطلق النار في مكتب التعليم وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص.
هذه الإحصاءات المهمة والحوادث تشير إلى انتشار «ثقافة العنف» في أوساط التعليم، ولا تتعلق القضية بالسحر والخرافات، وتفتح الباب على مصراعيه وتطرح عدة أسئلة ماذا يحدث في التعليم (لا أتحدث عن مناهج)؟ وماذا يحدث في الوزارات الأخرى ذات العلاقة؟ وماذا يحدث في الأسرة؟ وهل برنامج فطن أخذ باعتباره ثقافة العنف؟ لماذا نقف متفرجين في الوقت التي أخذت وزارة الداخلية المسؤولية كاملة لمواجهة الإرهاب؟
محاربة العنف في المدارس
استحداث فريق لتقييم سلوكيات الطلاب والطالبات بالمدارس والجامعات يسمى behavioral intervention team أصبح مطلبا أساسيا في هذه المرحلة الحساسة، لمحاربة ثقافة العنف منذ البداية واحتوائها داخل أروقة التعليم قبل تطورها. ويمكن الاستفادة من هذا البرنامج ليشمل تقييم سلوكيات الموظفين والمدرسين.
ويتكون الفريق من عدة أشخاص ومن إدارات مختلفة لدراسة المشكلة والمساهمة في حلها قبل الخروج عن السيطرة. ويعقد اجتماع أسبوعي أو شهري -حسب الحاجة- لمراجعة الحالات، ووضع خطط لحلها، والتواصل مع الأسر، ليكونوا جزءا من الحل. وفي حالة الوصول لمرحلة حرجة تطلب الاستعانة بالجهات الأمنية، وفي العادة يتم التركيز على السلوك العدواني لدى الطلاب والطالبات، كالعنف، والتشهير، والابتزاز الإلكتروني.
يساهم البرنامج في التعرف على أصحاب الفكر المتطرف في المراحل الأولى، ما يؤدي إلى معالجته قبل فوات الأوان، وقتل هذا الفكر في مهده.
البرنامج تم تطبيقه بشكل واسع في أمريكا لمراحل الثانوية والجامعات للحد من جرائم العنف بها، خصوصا بعد ارتفاع معدلات العنف داخلها ووصوله لمرحلة القتل.
شفافية «الداخلية» تنجح في المواجهة
إعجاب العالم بوزارة الداخلية السعودية وعملها لم يكن مجاملة بل بالإنجازات التي تحققت على أرض الواقع كالضربات الاستباقية، والقبض على الإرهابيين قبل تنفيذ عملياتهم، وليس ذلك فحسب بل مصداقيتها وشفافيتها في مواجهة الملف الإرهابي.
ضحوا بأرواحهم لتحقيق الأمن والأمان، وما المحاولة الغاشمة لاغتيال ولي العهد الأمير محمد بن نايف من قبل الهالك العسيري إلا دليل على ذلك.
الآن هل سنشاهد وزارة أخرى أو مؤسسة مدنية تحقق إنجازا يضاهي إنجازات وزارة الداخلية أم سنقف متفرجين ونكتفي بالتصفيق لإنجازاتها؟.
بالإمكان حل هذا الملف قبل المواجهة الأمنية، والتعليم مع الأسرة اللاعب الرئيسي لحماية مجتمعنا، وإلا سيستمر الوضع. انتبهوا من السحر الإلكتروني (القوة الناعمة) وحصنوا أبناءكم منه!.
(*) خبير الأمن الإلكتروني