السعودية حريصة على إنجاح قمة إسطنبول ونطالب إيران بوقف تدخلاتها
السفير مرداد لـ«عكاظ»:
الاثنين / 04 / رجب / 1437 هـ الاثنين 11 أبريل 2016 20:53
حاوره : فهيم الحامد (أنقرة)
أكد السفير السعودي في أنقرة عادل مرداد، حرص المملكة على تعزيز شراكتها الإستراتيجية مع تركيا، وأن البلدين يرتبطان بعلاقات عميقة مبنية على أسس تاريخية اتضحت جليا بدورهما الفاعل في قضايا الأمة من خلال منظمة التعاون الإسلامي.
وقال السفير مرداد في حوار أجرته معه «عكاظ» : إن العلاقات مع تركيا لم تقتصر فقط على الجوانب الثنائية وإنما تطورت من خلال البوابتين السياسية والاقتصادية خاصةً في فترة حكم حزب العدالة والتنمية.
وأوضح السفير مرداد، أن السعودية حريصة على إنجاح القمة الإسلامية التي ستعقد في إسطنبول، مؤكدا أن الرياض تستظل براية التوحيد شعارا، وتتمسك بالإسلام منهجا وسلوكا، وهي حريصة أيضا على جمع شتات المسلمين ورأب الصدع بين صفوفهم ومد يد العون لهم. وهنا نص الحوار:
• بداية ماهي رؤيتكم للعلاقات السعودية التركية على المستوى السياسي والاقتصادي وما هو مستقبل هذه العلاقات في ضوء الشراكة المتميزة بين البلدين؟
•• ترتبط المملكة بالجمهورية التركية بعلاقات عميقة مبنية على أسس تاريخية وإسلامية اتضحت جليا بدورهما الفاعل في قضايا الأمة الإسلامية من خلال منظمة التعاون الإسلامي، ولم تقتصر هذه العلاقات على هذا الجانب فقط، إنما تطورت أيضا من خلال البوابتين السياسية والاقتصادية خاصةً في فترة حكم حزب العدالة والتنمية،
وفي ظل الظروف الإقليمية المضطربة حاليا، كما هو الحال في سورية والعراق، يبذل الطرفان قصارى جهدهما لاحتواء هذه الأزمات وتهيئة الاستقرار في أرجاء الشرق الأوسط، فالدولتان تُعتبران قوتين إقليميتين عظميين لهما تأثيرهما في المنطقة وفي صناعة القرار الدولي، وكلتاهما تعاني من الأنشطة الإرهابية، وتقعان في منطقة مليئة بالنزاعات، لذا فقد انتهجت الرياض وأنقرة سياسات إقليمية مبدؤها التعاون فيما بينهما بهدف مكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار الإقليمي. ونتمنى أن نشهد تقدما وحلولا جذرية في الملفات السياسية التي يشترك فيها البلدان حاليا كملف الحرب على الإرهاب وتنظيم داعش، إضافةً إلى الملف السوري واليمني، فالجانبان يتعاونان لتنسيق مواقف بلديهما السياسية مع قيادة المجتمع الدولي ومحاولة الضغط على القوة العظمى لاسيما روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إيجاد حل للأزمة السورية وإعادة الشرعية في اليمن. ولا تغيب أيضا في هذ الإطار ليبيا وبقية دول الإقليم التي تشهد اضطرابا سياسيا على أراضيها عن أجندة محادثات البلدين.
وهناك مؤشرات إيجابية حاليا، خصوصا بعد الإنجازات التي حققتها المملكة في اليمن بتحرير عدن وتعز، والتوصل إلى هدنة وقف إطلاق النار، وزيادة فرص التوصل إلى حل سياسي للصراع في اليمن إثر اقتراب الجولة الثانية للمحادثات المزمع عقدها في الكويت في 18 إبريل، وفي سورية نرى أن الانسحاب الروسي من أراضيها هو أيضا مؤشر إيجابي ربما ينبئ عن قرب حل الأزمة السورية وقبول الأطراف المتصارعة بالحل السياسي في جنيف 3.
ولا شك في أن التلاقي بين السياسة السعودية المتزنة من جهة والسياسة البراغماتية التركية من جهة أخرى من شأنها أن تُبلور حلولا ناجعة لمواجهة تحديات المنطقة، وترتقي بمستوى العلاقات، وتدفع بالتركيز على قضية العرب والمسلمين الجوهرية، القضية الفلسطينية، وتلبي تطلعات الشعب السعودي والتركي بل والعالم الإسلامي أجمع.
قمة إسلامية في ظروف صعبة
• كيف تنظرون إلى أهمية انعقاد القمة الإسلامية في تركيا في الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة دون اتساع دائرة الأزمات الإسلامية؟
•• تأتي أهمية القمة الإسلامية في إسطنبول كونها تُعقد في وقت وعالمنا الإسلامي يمر بمنعطف دقيق، ونحن أمام معترك دولي يطرح العديد من التحديات، ووسط ظروف إقليمية تموج بالأزمات والمخاطر، فما زال التوتر قائما في كل من سورية والعراق واليمن وليبيا، وتتصاعد وتيرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، حتى المملكة نفسها لم تسلم من الإرهاب وتبعاته، وتركيا هي الأخرى التي تُعقد فيها القمة تعرضت لهجمات إرهابية في أنقرة وإسطنبول، ولم يقتصر الإرهاب على منطقتنا فحسب، بل امتد تأثيره ليشمل أوروبا كالعمليات الإرهابية التي شهدتها باريس العام الماضي وبروكسل أخيرا، مما يلقي بالمسؤولية على عاتقنا جميعا، وليس فقط على الدول الإسلامية وحدها، بل على المجتمع الدولي بأسره، فيجب أن تتكاتف الدول كافة في وجه هذه الآفة المقيتة.
حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لعبت أدوارا متعددة في دعم قضايا الأمة الاسلامية، وإيجاد حلول عادلة لقضاياها بدءا من الصراع العربي الإسرائيلي وقضية القدس الشريف وفلسطين إلى أزمات في العراق وكشمير وأفغانستان وقضايا الأقليات المسلمة.
السعودية حريصة على إنجاح القمة
• ماهي رؤيتكم لدور المملكة في إنجاح القمة الإسلامية بالتنسيق مع القيادة التركية، والخروج بنتائج إيجابية تحقق تطلعات الشعوب ؟
•• تسعى السعودية التي تستظل براية التوحيد شعارا، وتتمسك بالإسلام منهجا وسلوكا، إلى جمع شتات المسلمين ورأب الصدع بين صفوفهم ومد يد العون لهم، لإيمانها بأن عزة المسلمين هو في تضامنهم ووحدتهم وتماسكهم وانطلاقا من مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية والإنسانية. وإن هذا النهج الإنساني هو ما دأبت عليه المملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، وتبعه بذلك أبناؤه البررة، وصولا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي ظلت مواقفه، وجهوده البارزة تجاه قضايا العالمين العربي والإسلامي، محل إجلال وتقدير، وثمّن الكثيرون مواقفه ومبادراته السياسية في قضايا الأمة كدعمه للشعب الفلسطيني، وحرصه على استقرار الأوضاع في العراق ومصر وسورية واليمن وأفغانستان وباكستان، إلى جانب حرصه على زيارة العديد من الدول الإسلامية ومنها تركيا والتي سعى لتطوير العلاقات معها إلى مستوى التعاون الإستراتيجي في جميع المجالات، وحاليا هناك تعاون ما بين الجانبين لإيجاد حلول ناجعة لإنهاء الصراع والتوتر في المنطقة لاسيما الأزمة السورية ومحاربة الإرهاب.
وتركيا أيضا لها نفس توجهات المملكة، فالجانبان تتفق رؤاهما بالنسبة للقضية الفلسطينية، ومعظم القضايا الإقليمية الأخرى لاسيما الوضع في سورية والعراق، فهما يريدان عراقا موحدا، وأن تحتفظ سورية بكامل سيادتها دون تقسيم، وبدون نظام الأسد الذي جر بلاده إلى التناحر وشرد شعبه وحولهم إلى لاجئين، وبإمكان البلدين، المملكة وتركيا، تكثيف وتضافر الجهود فيما بينهما وبين بقية الدول الإسلامية لمزيد من الاهتمام بهذه القضايا، كتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي للشعب الفلسطيني والشعب السوري، وحث المجتمع الدولي على ضرورة القيام بمسؤولياته التاريخية والأخلاقية، حيال رفع المعاناة عن الشعبين الفلسطيني والسوري، وحشد موقف دولي موحدٍ لممارسة الضغط على إسرائيل لإيقاف عدوانها على كافة المستويات.
تنسيق سعودي تركي لمكافحة الإرهاب
• إلى أي مدى يمكن أن يحقق التنسيق السعودي التركي في دعم قضايا الأمة والحيلولة دون اتساع أزمتها خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف ومنع تمدد الفكر الطائفي القميء في المنطقة العربية والإسلامية؟
•• إن عالمنا الإسلامي أصبح يعي ما يمثله الإرهاب والتطرف من تهديدات ومخاطر، ويعي في ذات الوقت أن استمرار العديد من الأوضاع والقضايا العالقة، إنما يغذي قوى الإرهاب ويوفر لها الغطاء والذرائع، وإن التناول المتوازن والعادل لهذه القضايا، هو متطلب رئيسي في المعركة التي نخوضها مع العالم ضد الإرهاب، والمملكة وتركيا بإمكانهما تحقيق الكثير بإذن الله في دعم قضايا الأمة، فالدولتان لهما ثقلهما الدولي والإقليمي وهما تسعيان إلى إيجاد حلول جذرية لهذه الأوضاع العالقة التي هي من أسباب انتشار الإرهاب، لاسيما في سورية والعراق ومحاربة ما يسمى بتنظيم (داعش).
إن رؤية الملك سلمان حفظه الله في الملف السوري وشأن الإرهاب هي المنطلق الذي لابديل عنه أمام الدول الإسلامية لتنطلق منه جهودها للخروج من المأزق السوري، فلقد رأى أيده الله (وشاركته تركيا هذه الرؤية) أن ذلك يتطلب تحقيق تغيير ميزان القوى على الأرض، ومنح الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية ما يستحقون من دعم ومساندة، وأمام القمة الإسلامية التي أقيمت في القاهرة عام 2013، أكد حفظه الله «ويتفق معه الموقف التركي في ذلك أن النظام السوري يرتكب جرائم بشعة ضد الشعب، وأنها وصلت لمستويات لا يمكن الصمت عنها».
لذا لابد من أن تتوحد الدول الإسلامية وتتبنى هذه الرؤية وتستمر في الضغط على المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، ودعوته إلى أن يتخذ الإجراءات والقرارات اللازمة لردع هذه الجرائم، وإنهاء انتقال السلطة في سورية في مؤتمر جنيف 3 بكل الوسائل الممكنة. و نحن نري أنه لابد أن تتوقف إيران عن تدخلاتها في المنطقة، فالوضع أصبح محتدما والصراع مشتعل، ولن يكون ذلك في مصلحة أي دولة بما فيها إيران نفسها، وقد يؤدي استمرار النزاعات إلى تفتت الأمة أكثر مما هي عليه لا قدّر الله، فلا بديل عن الخروج بحلول جذرية ناجعة لإخماد جذوة الصراع القائم في المنطقة.
الإرهاب لا دين له
• هل هناك توافق حيال ملف الإرهاب مع تركيا؟
• • في ظاهرة الإرهاب، فإن الجميع (وليس تركيا وحدها) متفق مع رؤية خادم الحرمين الشريفين بأن الارهاب بات يشكل خطورة كبيرة على أمن المجتمعات دون استثناء، وأنه ظاهرة لا دين لها، ويجب محاربتها بكل الوسائل الممكنة.
ولا تزال المملكة تواصل جهودها المناهضة للإرهاب، حتى أنها توجت ذلك أخيرا بإعلان التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين أيده الله، كما أعلنت إمكانية المشاركة بقوات برية في سورية في إطار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب التي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك تعاون وتنسيق سعودي تركي على أعلى مستوى في هذا الجانب، فطائرات المملكة ومقاتلاتها تعمل حاليا من قاعدة إنجرليك التركية ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والتنسيق العسكري ما بين الجانبين تطور في الفترة الأخيرة لمستوى كبير، ولعل الاتفاقية العسكرية التي وُقعت عبر شركة «أسلسان» التركية للصناعات الدفاعية مع المملكة ممثلة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة تقنية الدفاع خير دليل على ذلك.
والمملكة وتركيا تدركان أيضا أهمية الجانب الثقافي وتطويره بين البلدين، وأنها لا يجب الاستهانة بدور الثقافة الشعبية في التقريب ما بين الشعوب، فلابد من إزالة الحواجز النفسية والاجتماعية التي تحول دون حدوث ذلك التقارب، ودعم التعاون الثقافي والحضاري بكافة الصور، وإن تقدم الأمة لن يتأتى بدون الاهتمام بجانب العلم والثقافة والتقنية، لذلك يحرص البلدان ألا تغفل القمة عن كل هذه الجوانب التي من شأنها أن تساهم في رفعة ورقي الدول الإسلامية وتطورها.
• ماهي أبرز القضايا المطروحة في جدول أعمال القمة؟
•• أبرز القضايا العالقة هي الأزمة الفلسطينية، وبؤر التوتر الراهنة كالوضع في سورية، وتفاقم أزمة اللاجئين، واستمرار النظام السوري في ممارساته الوحشية ضد شعبه، إضافة إلى النزاعات المستمرة في العراق واليمن وليبيا والعديد من بقاع أفريقيا وآسيا. كل ذلك يتوازى أيضا مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية للعولمة، وتحديات ثقافية تحاول النيل من هويتنا، وتسعى لوصم الإسلام بالإرهاب والتطرف، وكأن أمة برمتها في موقع الاتهام والترصد.
وبرغم وجود خطوات اقتصادية مُبشّرة تحققت بالأمس، إلا أن رؤساء الدول يدركون أن الأمة الإسلامية باتساع رقعتها الجغرافية والقوة البشرية الهائلة وتعدد ثرواتها ومواردها الاقتصادية وتنوعها الحضاري والثقافي، لم يتحقق لها الدور المطلوب على الخارطة العالمية نتيجة لعوامل عديدة أهمها ما تشهده من عدم استقرار بسبب الخلافات والنزاعات المسلحة، مما أدى إلى تشتيت الموارد الاقتصادية والبشرية وعدم تركيزها على قضايا التنمية والقضاء على الفقر ومكافحة الجوع وتحقيق معدلات تنمية أفضل للشعوب الإسلامية.
• ماهي الترتيبات التي اتخذتها السفارة السعودية لاستقبال الوفد السعودي المشارك في القمة الإسلامية؟
•• جندت السفارة في أنقرة والقنصلية العامة في إسطنبول كافة طاقاتها وموظفيها لعمل كل ما يلزم من إجراءات لاستقبال الوفد السعودي، وتتواصل مع الجانب التركي لتحقيق الدعم اللوجستي في مختلف الجوانب البروتوكولية والأمنية، كما كونت السفارة لجانا لذلك ، منها لجان لتسجيل المشاركين في المؤتمر ومتابعة إجراءات الإقامة والتنقلات لأعضاء الوفد السعودي ولجان لتنسيق مراسم الاستقبال والتعاون مع الجهات المختصة من المملكة، ولجان أخرى للتنسيق الإعلامي والتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة وعمل برنامج إعلامي وتغطية فعاليات المؤتمر.
وتتطلع الأمة الإسلامية أن تكون قمة إسطنبول قمة مثمرة ومحققة للآمال بإذن الله، فعالمنا الإسلامي بات يُدرك تماما أن الواقع يفرض علينا التمعن في حاضر الأمة ومستقبلها والخلوص إلى مواقف مشتركة تكفل تحقيق الوحدة الإسلامية والعدل والسلام في منطقتنا، لنتمكن من الدفاع عن قضايانا ومصالح شعوبنا، والتغلب على ما نواجهه من تحديات ومخاطر، ويقتضي كل ذلك تعزيز تضامننا وتفعيل العمل المشترك فيما بيننا، وتطوير إطاره المؤسسي، المتمثل في منظمة التعاون الإسلامي.
تأسيس رؤية لمستقبل الأمة لتضعها على الخريطة العالمية
قال السفير السعودي في تركيا، عادل مرداد، إن القضايا المطروحة على جدول الأعمال كثيرة، ولكن دقة المرحلة وخطورة التحديات تفرض على منظمة التعاون أن يكون عملها متميزا بما يحقق نقلة نوعية في الأداء، وإن أهم مسألة أمام رؤساء الدول هو بيان موقف واضح من التحولات الجذرية التي تمر بها بعض دول العالم الإسلامي.
وأضاف إن بعض الدول الإسلامية تمر بأدق ظرف في تاريخها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وفي الـ 100 سنة الأخيرة لم تعرف المنطقة تحولات جذرية مثل هذه، واختلاف وجهات النظر بين الدول في قضية ما قد يؤخر علاجها ما لم تتم مناقشة جوانب الاختلاف وإيجاد أرضية مشتركة للتعامل فيما يخص هذه القضية، كما أن أمتنا بحاجة لتوضيح جميع المواقف الشائكة، ولابد لنا من تفعيل إستراتيجيتنا ونقل قراراتنا إلى مستوى التنفيذ، والإسراع في علاج القضايا المُلحة لاسيما الإرهاب وتوترات المنطقة، في سورية والعراق واليمن وليبيا،
ونحن على يقين أن الأمة تترقب قمة إسطنبول ويأملون أن تكون طوق نجاة يخلصهم من التهديدات التي يعيشونها بسبب آفة الإرهاب، التي تستغل الوضع الراهن في عالمهم الإسلامي وما يعتريه من تفكك وتناحر، لترتع فيه وتزيده تفككا. يغذي هذا التشرذم أيضا، تناحر طائفي مذهبي وعرقي، حتى أصبحت الأمة مهددة ومهمشة وأصبح دينها في دائرة التهم. ونتمنى أن نشهد هذه المرة انطلاقة جديدة للعمل الإسلامي تعيد القوة والمكانة العالمية للمسلمين مرة أخرى، وتحقق آمال المسلمين، انطلاقة نأمل فيها أن تتحقق التطلعات التي تتضمن، الخروج بقرارات جماعية توحد الصف وتعيد الحقوق، قرارات تقضي على الإرهاب في سورية واليمن وليبيا والعراق وبقية أرجاء الوطن الإسلامي، فمنتظر من قادة الأمة تكاتفا، للتصدي للتحديات الراهنة والخروج من مأزق التخلف والتبعية والتطرف، والتصدي لأصحاب الفكر المنحرف وإظهار سماحة الدين ووسطيته، وتكثيف الجهود للقضاء على الفساد ونشر العدل بين أرجاء العالم الإسلامي ليكون للمسلمين وزن فاعل على المسرح الدولي، تأسيس رؤية إستراتيجية مبتكرة تخطط لمستقبل الأمة لتضعها على الخريطة السياسية العالمية وتواكب المتغيرات الدولية وتطوراتها، رؤية سياسية تبدأ أولى خطواتها بقضية القدس الشريف والاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، لمناقشة سبل إيجاد حل لها أو إحراز أي تقدم، فالأمة تتطلع أن يصل القادة إلى قرارات تؤدي لنتيجة ملموسة على أرض الواقع في شأن الأزمة الفلسطينية التي طال أمدها، ويجب، في هذا المقام، ألا ننشغل بأنفسنا وبقضايا أخرى بسبب ظروف الإرهاب فنتوقف عن دعم نضال الشعب الفلسطيني، تكاتف الجميع للمحافظة على سيادة سورية وسلامة أراضيها، ومناصرة الشعب السوري والخروج بقرارات حاسمة تحفظ كرامته وحقوقه وتعيد اللاجئين لبلادهم.
وقال السفير مرداد في حوار أجرته معه «عكاظ» : إن العلاقات مع تركيا لم تقتصر فقط على الجوانب الثنائية وإنما تطورت من خلال البوابتين السياسية والاقتصادية خاصةً في فترة حكم حزب العدالة والتنمية.
وأوضح السفير مرداد، أن السعودية حريصة على إنجاح القمة الإسلامية التي ستعقد في إسطنبول، مؤكدا أن الرياض تستظل براية التوحيد شعارا، وتتمسك بالإسلام منهجا وسلوكا، وهي حريصة أيضا على جمع شتات المسلمين ورأب الصدع بين صفوفهم ومد يد العون لهم. وهنا نص الحوار:
• بداية ماهي رؤيتكم للعلاقات السعودية التركية على المستوى السياسي والاقتصادي وما هو مستقبل هذه العلاقات في ضوء الشراكة المتميزة بين البلدين؟
•• ترتبط المملكة بالجمهورية التركية بعلاقات عميقة مبنية على أسس تاريخية وإسلامية اتضحت جليا بدورهما الفاعل في قضايا الأمة الإسلامية من خلال منظمة التعاون الإسلامي، ولم تقتصر هذه العلاقات على هذا الجانب فقط، إنما تطورت أيضا من خلال البوابتين السياسية والاقتصادية خاصةً في فترة حكم حزب العدالة والتنمية،
وفي ظل الظروف الإقليمية المضطربة حاليا، كما هو الحال في سورية والعراق، يبذل الطرفان قصارى جهدهما لاحتواء هذه الأزمات وتهيئة الاستقرار في أرجاء الشرق الأوسط، فالدولتان تُعتبران قوتين إقليميتين عظميين لهما تأثيرهما في المنطقة وفي صناعة القرار الدولي، وكلتاهما تعاني من الأنشطة الإرهابية، وتقعان في منطقة مليئة بالنزاعات، لذا فقد انتهجت الرياض وأنقرة سياسات إقليمية مبدؤها التعاون فيما بينهما بهدف مكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار الإقليمي. ونتمنى أن نشهد تقدما وحلولا جذرية في الملفات السياسية التي يشترك فيها البلدان حاليا كملف الحرب على الإرهاب وتنظيم داعش، إضافةً إلى الملف السوري واليمني، فالجانبان يتعاونان لتنسيق مواقف بلديهما السياسية مع قيادة المجتمع الدولي ومحاولة الضغط على القوة العظمى لاسيما روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إيجاد حل للأزمة السورية وإعادة الشرعية في اليمن. ولا تغيب أيضا في هذ الإطار ليبيا وبقية دول الإقليم التي تشهد اضطرابا سياسيا على أراضيها عن أجندة محادثات البلدين.
وهناك مؤشرات إيجابية حاليا، خصوصا بعد الإنجازات التي حققتها المملكة في اليمن بتحرير عدن وتعز، والتوصل إلى هدنة وقف إطلاق النار، وزيادة فرص التوصل إلى حل سياسي للصراع في اليمن إثر اقتراب الجولة الثانية للمحادثات المزمع عقدها في الكويت في 18 إبريل، وفي سورية نرى أن الانسحاب الروسي من أراضيها هو أيضا مؤشر إيجابي ربما ينبئ عن قرب حل الأزمة السورية وقبول الأطراف المتصارعة بالحل السياسي في جنيف 3.
ولا شك في أن التلاقي بين السياسة السعودية المتزنة من جهة والسياسة البراغماتية التركية من جهة أخرى من شأنها أن تُبلور حلولا ناجعة لمواجهة تحديات المنطقة، وترتقي بمستوى العلاقات، وتدفع بالتركيز على قضية العرب والمسلمين الجوهرية، القضية الفلسطينية، وتلبي تطلعات الشعب السعودي والتركي بل والعالم الإسلامي أجمع.
قمة إسلامية في ظروف صعبة
• كيف تنظرون إلى أهمية انعقاد القمة الإسلامية في تركيا في الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة دون اتساع دائرة الأزمات الإسلامية؟
•• تأتي أهمية القمة الإسلامية في إسطنبول كونها تُعقد في وقت وعالمنا الإسلامي يمر بمنعطف دقيق، ونحن أمام معترك دولي يطرح العديد من التحديات، ووسط ظروف إقليمية تموج بالأزمات والمخاطر، فما زال التوتر قائما في كل من سورية والعراق واليمن وليبيا، وتتصاعد وتيرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، حتى المملكة نفسها لم تسلم من الإرهاب وتبعاته، وتركيا هي الأخرى التي تُعقد فيها القمة تعرضت لهجمات إرهابية في أنقرة وإسطنبول، ولم يقتصر الإرهاب على منطقتنا فحسب، بل امتد تأثيره ليشمل أوروبا كالعمليات الإرهابية التي شهدتها باريس العام الماضي وبروكسل أخيرا، مما يلقي بالمسؤولية على عاتقنا جميعا، وليس فقط على الدول الإسلامية وحدها، بل على المجتمع الدولي بأسره، فيجب أن تتكاتف الدول كافة في وجه هذه الآفة المقيتة.
حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لعبت أدوارا متعددة في دعم قضايا الأمة الاسلامية، وإيجاد حلول عادلة لقضاياها بدءا من الصراع العربي الإسرائيلي وقضية القدس الشريف وفلسطين إلى أزمات في العراق وكشمير وأفغانستان وقضايا الأقليات المسلمة.
السعودية حريصة على إنجاح القمة
• ماهي رؤيتكم لدور المملكة في إنجاح القمة الإسلامية بالتنسيق مع القيادة التركية، والخروج بنتائج إيجابية تحقق تطلعات الشعوب ؟
•• تسعى السعودية التي تستظل براية التوحيد شعارا، وتتمسك بالإسلام منهجا وسلوكا، إلى جمع شتات المسلمين ورأب الصدع بين صفوفهم ومد يد العون لهم، لإيمانها بأن عزة المسلمين هو في تضامنهم ووحدتهم وتماسكهم وانطلاقا من مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية والإنسانية. وإن هذا النهج الإنساني هو ما دأبت عليه المملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، وتبعه بذلك أبناؤه البررة، وصولا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي ظلت مواقفه، وجهوده البارزة تجاه قضايا العالمين العربي والإسلامي، محل إجلال وتقدير، وثمّن الكثيرون مواقفه ومبادراته السياسية في قضايا الأمة كدعمه للشعب الفلسطيني، وحرصه على استقرار الأوضاع في العراق ومصر وسورية واليمن وأفغانستان وباكستان، إلى جانب حرصه على زيارة العديد من الدول الإسلامية ومنها تركيا والتي سعى لتطوير العلاقات معها إلى مستوى التعاون الإستراتيجي في جميع المجالات، وحاليا هناك تعاون ما بين الجانبين لإيجاد حلول ناجعة لإنهاء الصراع والتوتر في المنطقة لاسيما الأزمة السورية ومحاربة الإرهاب.
وتركيا أيضا لها نفس توجهات المملكة، فالجانبان تتفق رؤاهما بالنسبة للقضية الفلسطينية، ومعظم القضايا الإقليمية الأخرى لاسيما الوضع في سورية والعراق، فهما يريدان عراقا موحدا، وأن تحتفظ سورية بكامل سيادتها دون تقسيم، وبدون نظام الأسد الذي جر بلاده إلى التناحر وشرد شعبه وحولهم إلى لاجئين، وبإمكان البلدين، المملكة وتركيا، تكثيف وتضافر الجهود فيما بينهما وبين بقية الدول الإسلامية لمزيد من الاهتمام بهذه القضايا، كتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي للشعب الفلسطيني والشعب السوري، وحث المجتمع الدولي على ضرورة القيام بمسؤولياته التاريخية والأخلاقية، حيال رفع المعاناة عن الشعبين الفلسطيني والسوري، وحشد موقف دولي موحدٍ لممارسة الضغط على إسرائيل لإيقاف عدوانها على كافة المستويات.
تنسيق سعودي تركي لمكافحة الإرهاب
• إلى أي مدى يمكن أن يحقق التنسيق السعودي التركي في دعم قضايا الأمة والحيلولة دون اتساع أزمتها خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف ومنع تمدد الفكر الطائفي القميء في المنطقة العربية والإسلامية؟
•• إن عالمنا الإسلامي أصبح يعي ما يمثله الإرهاب والتطرف من تهديدات ومخاطر، ويعي في ذات الوقت أن استمرار العديد من الأوضاع والقضايا العالقة، إنما يغذي قوى الإرهاب ويوفر لها الغطاء والذرائع، وإن التناول المتوازن والعادل لهذه القضايا، هو متطلب رئيسي في المعركة التي نخوضها مع العالم ضد الإرهاب، والمملكة وتركيا بإمكانهما تحقيق الكثير بإذن الله في دعم قضايا الأمة، فالدولتان لهما ثقلهما الدولي والإقليمي وهما تسعيان إلى إيجاد حلول جذرية لهذه الأوضاع العالقة التي هي من أسباب انتشار الإرهاب، لاسيما في سورية والعراق ومحاربة ما يسمى بتنظيم (داعش).
إن رؤية الملك سلمان حفظه الله في الملف السوري وشأن الإرهاب هي المنطلق الذي لابديل عنه أمام الدول الإسلامية لتنطلق منه جهودها للخروج من المأزق السوري، فلقد رأى أيده الله (وشاركته تركيا هذه الرؤية) أن ذلك يتطلب تحقيق تغيير ميزان القوى على الأرض، ومنح الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية ما يستحقون من دعم ومساندة، وأمام القمة الإسلامية التي أقيمت في القاهرة عام 2013، أكد حفظه الله «ويتفق معه الموقف التركي في ذلك أن النظام السوري يرتكب جرائم بشعة ضد الشعب، وأنها وصلت لمستويات لا يمكن الصمت عنها».
لذا لابد من أن تتوحد الدول الإسلامية وتتبنى هذه الرؤية وتستمر في الضغط على المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، ودعوته إلى أن يتخذ الإجراءات والقرارات اللازمة لردع هذه الجرائم، وإنهاء انتقال السلطة في سورية في مؤتمر جنيف 3 بكل الوسائل الممكنة. و نحن نري أنه لابد أن تتوقف إيران عن تدخلاتها في المنطقة، فالوضع أصبح محتدما والصراع مشتعل، ولن يكون ذلك في مصلحة أي دولة بما فيها إيران نفسها، وقد يؤدي استمرار النزاعات إلى تفتت الأمة أكثر مما هي عليه لا قدّر الله، فلا بديل عن الخروج بحلول جذرية ناجعة لإخماد جذوة الصراع القائم في المنطقة.
الإرهاب لا دين له
• هل هناك توافق حيال ملف الإرهاب مع تركيا؟
• • في ظاهرة الإرهاب، فإن الجميع (وليس تركيا وحدها) متفق مع رؤية خادم الحرمين الشريفين بأن الارهاب بات يشكل خطورة كبيرة على أمن المجتمعات دون استثناء، وأنه ظاهرة لا دين لها، ويجب محاربتها بكل الوسائل الممكنة.
ولا تزال المملكة تواصل جهودها المناهضة للإرهاب، حتى أنها توجت ذلك أخيرا بإعلان التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين أيده الله، كما أعلنت إمكانية المشاركة بقوات برية في سورية في إطار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب التي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك تعاون وتنسيق سعودي تركي على أعلى مستوى في هذا الجانب، فطائرات المملكة ومقاتلاتها تعمل حاليا من قاعدة إنجرليك التركية ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والتنسيق العسكري ما بين الجانبين تطور في الفترة الأخيرة لمستوى كبير، ولعل الاتفاقية العسكرية التي وُقعت عبر شركة «أسلسان» التركية للصناعات الدفاعية مع المملكة ممثلة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة تقنية الدفاع خير دليل على ذلك.
والمملكة وتركيا تدركان أيضا أهمية الجانب الثقافي وتطويره بين البلدين، وأنها لا يجب الاستهانة بدور الثقافة الشعبية في التقريب ما بين الشعوب، فلابد من إزالة الحواجز النفسية والاجتماعية التي تحول دون حدوث ذلك التقارب، ودعم التعاون الثقافي والحضاري بكافة الصور، وإن تقدم الأمة لن يتأتى بدون الاهتمام بجانب العلم والثقافة والتقنية، لذلك يحرص البلدان ألا تغفل القمة عن كل هذه الجوانب التي من شأنها أن تساهم في رفعة ورقي الدول الإسلامية وتطورها.
• ماهي أبرز القضايا المطروحة في جدول أعمال القمة؟
•• أبرز القضايا العالقة هي الأزمة الفلسطينية، وبؤر التوتر الراهنة كالوضع في سورية، وتفاقم أزمة اللاجئين، واستمرار النظام السوري في ممارساته الوحشية ضد شعبه، إضافة إلى النزاعات المستمرة في العراق واليمن وليبيا والعديد من بقاع أفريقيا وآسيا. كل ذلك يتوازى أيضا مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية للعولمة، وتحديات ثقافية تحاول النيل من هويتنا، وتسعى لوصم الإسلام بالإرهاب والتطرف، وكأن أمة برمتها في موقع الاتهام والترصد.
وبرغم وجود خطوات اقتصادية مُبشّرة تحققت بالأمس، إلا أن رؤساء الدول يدركون أن الأمة الإسلامية باتساع رقعتها الجغرافية والقوة البشرية الهائلة وتعدد ثرواتها ومواردها الاقتصادية وتنوعها الحضاري والثقافي، لم يتحقق لها الدور المطلوب على الخارطة العالمية نتيجة لعوامل عديدة أهمها ما تشهده من عدم استقرار بسبب الخلافات والنزاعات المسلحة، مما أدى إلى تشتيت الموارد الاقتصادية والبشرية وعدم تركيزها على قضايا التنمية والقضاء على الفقر ومكافحة الجوع وتحقيق معدلات تنمية أفضل للشعوب الإسلامية.
• ماهي الترتيبات التي اتخذتها السفارة السعودية لاستقبال الوفد السعودي المشارك في القمة الإسلامية؟
•• جندت السفارة في أنقرة والقنصلية العامة في إسطنبول كافة طاقاتها وموظفيها لعمل كل ما يلزم من إجراءات لاستقبال الوفد السعودي، وتتواصل مع الجانب التركي لتحقيق الدعم اللوجستي في مختلف الجوانب البروتوكولية والأمنية، كما كونت السفارة لجانا لذلك ، منها لجان لتسجيل المشاركين في المؤتمر ومتابعة إجراءات الإقامة والتنقلات لأعضاء الوفد السعودي ولجان لتنسيق مراسم الاستقبال والتعاون مع الجهات المختصة من المملكة، ولجان أخرى للتنسيق الإعلامي والتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة وعمل برنامج إعلامي وتغطية فعاليات المؤتمر.
وتتطلع الأمة الإسلامية أن تكون قمة إسطنبول قمة مثمرة ومحققة للآمال بإذن الله، فعالمنا الإسلامي بات يُدرك تماما أن الواقع يفرض علينا التمعن في حاضر الأمة ومستقبلها والخلوص إلى مواقف مشتركة تكفل تحقيق الوحدة الإسلامية والعدل والسلام في منطقتنا، لنتمكن من الدفاع عن قضايانا ومصالح شعوبنا، والتغلب على ما نواجهه من تحديات ومخاطر، ويقتضي كل ذلك تعزيز تضامننا وتفعيل العمل المشترك فيما بيننا، وتطوير إطاره المؤسسي، المتمثل في منظمة التعاون الإسلامي.
تأسيس رؤية لمستقبل الأمة لتضعها على الخريطة العالمية
قال السفير السعودي في تركيا، عادل مرداد، إن القضايا المطروحة على جدول الأعمال كثيرة، ولكن دقة المرحلة وخطورة التحديات تفرض على منظمة التعاون أن يكون عملها متميزا بما يحقق نقلة نوعية في الأداء، وإن أهم مسألة أمام رؤساء الدول هو بيان موقف واضح من التحولات الجذرية التي تمر بها بعض دول العالم الإسلامي.
وأضاف إن بعض الدول الإسلامية تمر بأدق ظرف في تاريخها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وفي الـ 100 سنة الأخيرة لم تعرف المنطقة تحولات جذرية مثل هذه، واختلاف وجهات النظر بين الدول في قضية ما قد يؤخر علاجها ما لم تتم مناقشة جوانب الاختلاف وإيجاد أرضية مشتركة للتعامل فيما يخص هذه القضية، كما أن أمتنا بحاجة لتوضيح جميع المواقف الشائكة، ولابد لنا من تفعيل إستراتيجيتنا ونقل قراراتنا إلى مستوى التنفيذ، والإسراع في علاج القضايا المُلحة لاسيما الإرهاب وتوترات المنطقة، في سورية والعراق واليمن وليبيا،
ونحن على يقين أن الأمة تترقب قمة إسطنبول ويأملون أن تكون طوق نجاة يخلصهم من التهديدات التي يعيشونها بسبب آفة الإرهاب، التي تستغل الوضع الراهن في عالمهم الإسلامي وما يعتريه من تفكك وتناحر، لترتع فيه وتزيده تفككا. يغذي هذا التشرذم أيضا، تناحر طائفي مذهبي وعرقي، حتى أصبحت الأمة مهددة ومهمشة وأصبح دينها في دائرة التهم. ونتمنى أن نشهد هذه المرة انطلاقة جديدة للعمل الإسلامي تعيد القوة والمكانة العالمية للمسلمين مرة أخرى، وتحقق آمال المسلمين، انطلاقة نأمل فيها أن تتحقق التطلعات التي تتضمن، الخروج بقرارات جماعية توحد الصف وتعيد الحقوق، قرارات تقضي على الإرهاب في سورية واليمن وليبيا والعراق وبقية أرجاء الوطن الإسلامي، فمنتظر من قادة الأمة تكاتفا، للتصدي للتحديات الراهنة والخروج من مأزق التخلف والتبعية والتطرف، والتصدي لأصحاب الفكر المنحرف وإظهار سماحة الدين ووسطيته، وتكثيف الجهود للقضاء على الفساد ونشر العدل بين أرجاء العالم الإسلامي ليكون للمسلمين وزن فاعل على المسرح الدولي، تأسيس رؤية إستراتيجية مبتكرة تخطط لمستقبل الأمة لتضعها على الخريطة السياسية العالمية وتواكب المتغيرات الدولية وتطوراتها، رؤية سياسية تبدأ أولى خطواتها بقضية القدس الشريف والاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، لمناقشة سبل إيجاد حل لها أو إحراز أي تقدم، فالأمة تتطلع أن يصل القادة إلى قرارات تؤدي لنتيجة ملموسة على أرض الواقع في شأن الأزمة الفلسطينية التي طال أمدها، ويجب، في هذا المقام، ألا ننشغل بأنفسنا وبقضايا أخرى بسبب ظروف الإرهاب فنتوقف عن دعم نضال الشعب الفلسطيني، تكاتف الجميع للمحافظة على سيادة سورية وسلامة أراضيها، ومناصرة الشعب السوري والخروج بقرارات حاسمة تحفظ كرامته وحقوقه وتعيد اللاجئين لبلادهم.