الحج وملف إيران الأسود

حمود أبو طالب

لا نعرف متى وكيف يمكن للعالم، وبالذات أمريكا وشركاءها، في تلميع صورة إيران من خلال اتفاقية الملف النووي ودعوة جيرانها للتعايش معها، متى سيصدق هؤلاء أنه لا أمل في أن تكون محل ثقة أو تكون لها مصداقية في ادعاءاتها بأنها دولة تلتزم بالمواثيق التي تحترمها الدول في علاقاتها ببعضها البعض. ومتى سيصدق هؤلاء أنها المصدر الأساسي لكثير من المشكلات التي تعصف بإقليمنا، سواء وفق أجندتها الخاصة أو بالتواطؤ مع الجهات التي تخطط لخلخلة المنطقة كوكيل حصري لها، لديه الجاهزية لممارسة كل الشرور.
قبل فترة دعا الرئيس أوباما جيران إيران إلى التسليم بضرورة التعايش معها وكأنهم هم الذين يرفضون ذلك، أو كأنهم لم يمدوا أيديهم مرارا وتكرارا. وقد كانت الدعوة في باطنها موجهة للمملكة بشكل خاص على خلفية أحداث السفارة السعودية في طهران وبعد المواجهة المباشرة مع تدخلات إيران في اليمن، وأيضا بعد تصنيف وكيلها المؤذي في لبنان كحزب إرهابي، وأيضا باعتبار المملكة القوة الرئيسية في الكتلة الخليجية المجاورة لإيران، فما الذي حدث، وهل قامت إيران بأي خطوة في طريق حسن النوايا؟
الذي حدث أن إيران عاودت إصرارها على استمرار مسلسلها وسجلها الأسود في إفساد موسم الحج، ولكن بشكل استباقي علني هذه المرة عندما رفضت التوقيع على الاتفاقية التي تنظم الحج مع كافة الدول الإسلامية، وحاولت إملاء شروطها الخاصة التي وإن كانت تبدو في ظاهرها مؤطرة بالمذهبية الضيقة إلا أنها في حقيقتها نية علنية جديدة لتسييس الحج في ظروف ملتهبة لا تحتاج إلى مزيد من التأزيم. إيران وكل العالم الإسلامي يعرفون أن تنظيم الحج حق سيادي للمملكة تتشرف به، وتوفر لراحة الحجيج كل إمكاناتها البشرية والمادية ومرافقها الخدمية من أجل التفرغ لأداء الفريضة في أمن وراحة، ومعروف للعالم بأكمله أن المملكة تمنع تماما استغلال الحج لأي غرض آخر، لكن إيران لا تريد أن ترعوي أو تحترم المسلمين القادمين من أرجاء المعمورة. نريد العالم أن يكون شاهدا على نوايا إيران، ونريد أن نؤكد له أن المملكة لن تسمح أبدا بأي محاولة للعبث بروحانية الحج وغرضه الأساسي.