العرّاب.. ومنتدى الإعلام العربي

طارق الزرعوني

قبل بضعة أيام حل علينا في دانة الدنيا ضيفٌ خفيف أثقلناه بهموم واقعنا المرير.. لنحمله ما لا يطيق، منتدى الاعلام العربي في ربيعه الخامس عشر، تجسد ذلك الربيعُ جليا من خلال الديكورات الخضراء لونا ومعنى وكأنك تترجل على ضفاف بحيرة زيلامسي النمساوية حيث الخضرة والبهجة والوجه الحسن و(المحسّن).
مساحات خضراء تجاورها مناطق حمراء،، وهلم جرا،، أجواء احتفالية، نجوم تمشي على الأرض أم يا ترانا في المجرَّة...
قد أحسن المنظمون صنعا، نقلة نوعية في تنظيم الفعاليات وتركيز على الشكل والمضمون. البعد الإنساني وكيف يخدمه الإعلام هو العنوان الرئيس في هذا العام..
بل إن الحضور والنكهة السعودية زادت المنتدى رونقا وجمالا، وثقلا يزن الجبال.. هاهي إيلاف تحتفل بعامها الخامس عشر من المشاكسة وقناة العربية والحدث الأهم لديها أن تعرف أكثر... مواهب وطاقات خليجية شابة تكفي لقيادة الإعلام العربي نحو المجد.. هذا مهم لكن الأهم،، ذلك العالم القادمٌ من بعيد عالمٌ افتراضي، أم هو الواقع الذي عنه لن نحيد، فقد قلب الموازين وأتى بمولود يرجى له العمر المديد، عندما ارتضت له رايس اسماً (شرق أوسط جديد)،، ثورة التغيير أبصرت النور من رحم التواصل الاجتماعي ومواقعه التي اتخذت من عقول الشباب بل وقلوبهم مواقع لها،،، إعلامٌ ليس كالإعلام الذي عهدناه، ليس أداة من أدوات السلطة أو من زاده الله من المال بسطة، بل إنه عابر للقارات، لا يعترف بالحدود ولا الحضارات، بل هو سلطةٌ تعاني منها السلطات،،، لنقف قليلا لنمعن النظر في سماء الإعلام التقليدي ونجومه، هل مازالت ساطعة أم انكدرت أمام شمس التواصل الاجتماعي.
دعونا نأخذ جولة مكوكية في سماء العالم الافتراضي، سنجدها ملئت نجوما وشهبا تقبض بقبضةٍ من حديد.
دولٌ ورجال، أناس لم نعرفهم من قبل ولا من بعد صنعوا مجدهم بأيديهم كالحارث في البحر لا يعرف عزمهم محال، فلنرفع لهم القبعة رغبة ورهبة... رغبة بسلطانهم في عالم الافتراض، ورهبةً من سطوتهم في الاعتراض، إنهم من أضرم النار لتحرق زين العابدين وعرشه المجيد،، وزلزلوا الأرض تحت أقدام آلِ القذافي أولي البأس الشديد، وزحزحت أناملهم في مصر كل ذي صرحٍ مشيد، وعلى الجانب الآخر نجوم التواصل الاجتماعي قد أدهشتنا مواهبهم وشرفتنا مواقفهم وأغرقتنا عواطفهم،،
فها هو ضيف الشرف في هذا المنتدى الشيخ ماجد الصباح يطل علينا بمفاجأة بهيجة وتنتظره الملايين عبر (السناب شات) مع إشراقة كل صباح، وأمثاله كثيرون في أروقة المنتدى ووقائع الجلسات.
فإعلامنا التقليدي يرحب على مضض بالإعلام الاجتماعي،، بل إنني أعتبر هذا المنتدى بمثابة ميثاق شرف ومعاهدة صلح بين الإعلامَيْن التقليدي والاجتماعي.
أما الرسالة الأقوى في هذا الحدث فهو تتويج عراب الإعلام العربي الأستاذ عبدالرحمن الراشد بجائزة الشخصية الإعلامية للعام 2016، لا شك أن الجائزة في ظاهرها تكريم وشرف يستحقه الراشد، لكن باطنها بمثابة نهاية خدمة للإعلام التقليدي والرسمي...
فلنفسح لهم الطريق... فهم الروح ونحن الجسد،، لن تنفعنا معهم سياسة فرق تسد،،
إنهم الإعلاميون الجدد..