العلي.. شاعر اعتصر كرمة بغداد وسكب الشعر في الأحساء
الثلاثاء / 02 / رمضان / 1437 هـ الثلاثاء 07 يونيو 2016 19:34
علي الرباعي (الباحة)
نجح الشاعر محمد العلي في صنع حداثته الشعرية والفكرية ضمن سياق التحولات، إذ إنه مبدع يضع الجديد فوق المتوارث والطبيعي والمألوف. تضيء تجربة العلي في مساري الحداثة والتنوير. ذلك أن الحداثة دون تنوير (حداثة عمياء) كما قال لي ذات مساء بيروتي منقوش في الذاكرة.
يتجلى في تجربة أبي عادل الفريدة تمازج خصيب بين شخصيات عدة منها رجل دين شاب، وطالب علم فقيه، ودارس لغة مفتتن، وتلميذ نجيب تخرج من ثانوية النجف وتعين معلما بها، وقروي خرج من قرية العمران إلى مدينة بغداد بجامعتها وشوارعها ومقاهيها ومكتباتها، كل ذلك أسهم في صياغة وجدان شاعر انتقل بالمفردة من دكاكين الخوص إلى غاليرات اللوحات الفاتنة.
سهر على ضفاف دجلة الخير المضيئة بالوعي. والمنفتحة على فضاء لا حراسة حوله أو عليه، رتب أفكاره، ونسج تصوره، وصاغ كلمته، وعاد إلى ضفاف الخليج ليترك بصمة لم تمحها سيولة المكان.
تمثل التحول الأول في الخروج من فيء النخيل في قرية العمران إلى القباب الذهبية في النجف مع بدء رحلته إلى العراق لطلب العلم في سن مبكرة عام 1946. ثم الانتقال من الكتاتيب إلى مدرسة نظامية استكمل فيها دراسة الابتدائية والمتوسطة.
أما الثانوية فنالها بالدراسة الليلية كونه يعمل مدرسا في الفترة الصباحية. أتم مع الدراسة النظامية التلقي على يد الشيوخ وبلغ درجة السطوح. ثم انقطع وتفرغ للدراسة الجامعية في جامعة بغداد قسم اللغة العربية فرع النجف ليدخل مرحلة تحول ثان. في الجامعة بدأ تقاطعه مع القصيدة تلقيا وكتابة.
تعلق بالشعر الحر من خلال بائع كتب كان يجلس على الرصيف في شارع الرشيد في بغداد، ولم يكن بإمكانه في ذلك الزمان أن يشتري كتبا، إنما يلتقطها من على الأرصفة، كانت قيمة الكتاب 20 فلسا، فاشترى ديوانا لشاعر سوداني اسمه صلاح إبراهيم، كان الديوان يضم شعرا حرا.
عاد إلى الأحساء وانتظم معلم لغة عربية في مدارس المنطقة الشرقية، ولم يكن معلما عاديا، بل تربويا مسكونا بالأحلام والطموح والتغيير ونجح في مد جسر بينه وبين تلاميذه.
كانت أول مشاركة ثقافية له عام 1969 من خلال منتدى الأربعاء (أسسه الأمير خالد الفيصل إبان إدارته رعاية الشباب)، وهو منتدى ثقافي تطرح فيه أوراق عمل ويتم الحوار حولها. كان موضوع ورقة العلي عن الشعر السعودي المعاصر. كان للتو عائدا إلى المملكة ومعرفته بالأسماء المبدعة وبحركة الشعر في المملكة غير مكتملة، فجمع المراجع وتوفرت معلومات عن عبدالله نور وفواز عبيد.
في قرية العمران ولد الشاعر محمد العلي عام 1932. ومنذ ولادته وهو قامة شامخة تنحني دوما إلى الأعلى لأن أدواته منبعثة من فكرة تجديد الذات من خلال نقدها وتنمية معارفها. يرفض أن يقطع باليقينية في الفكر والسلوك كون ذلك لن يرتقي بذات ولن يسهم في تجاوز مرحلة، يؤيد آلية المراجعة والتوقف عن الكتابة بعد كل مرحلة.
ولا يخفِ العلي أن لكل إنسان أيديولوجيته التي ينطلق منها نحو تحقيق أهدافه يمينا أو يسارا أو وسطا. الحوار مع هذه القامة والحديث عنها مدعاة لانهمار الخبرات، وفتح أسفار التجارب، وإضاءة الممرات المشبعة بالتشاؤم. يقف بصمود ضد تسليع العلاقات الإنسانية، ويملك مقومات الحفاظ على لغته والسيطرة على نرجسيتها لكي تهمس بمكنونها دون أن تجرح مشاعر الكلام. رأس تحرير صحيفة اليوم، وأسهم في تأسيس وافتتاح أدبي الرياض، وعاضد الملاحق الثقافية ومنها المربد، وشجع المواهب، وأشاد بالمتفردين، وكتب المقالة العميقة بروح شابة، ولم يزل يكافح بالحروف بدعة الابتذال.
يتجلى في تجربة أبي عادل الفريدة تمازج خصيب بين شخصيات عدة منها رجل دين شاب، وطالب علم فقيه، ودارس لغة مفتتن، وتلميذ نجيب تخرج من ثانوية النجف وتعين معلما بها، وقروي خرج من قرية العمران إلى مدينة بغداد بجامعتها وشوارعها ومقاهيها ومكتباتها، كل ذلك أسهم في صياغة وجدان شاعر انتقل بالمفردة من دكاكين الخوص إلى غاليرات اللوحات الفاتنة.
سهر على ضفاف دجلة الخير المضيئة بالوعي. والمنفتحة على فضاء لا حراسة حوله أو عليه، رتب أفكاره، ونسج تصوره، وصاغ كلمته، وعاد إلى ضفاف الخليج ليترك بصمة لم تمحها سيولة المكان.
تمثل التحول الأول في الخروج من فيء النخيل في قرية العمران إلى القباب الذهبية في النجف مع بدء رحلته إلى العراق لطلب العلم في سن مبكرة عام 1946. ثم الانتقال من الكتاتيب إلى مدرسة نظامية استكمل فيها دراسة الابتدائية والمتوسطة.
أما الثانوية فنالها بالدراسة الليلية كونه يعمل مدرسا في الفترة الصباحية. أتم مع الدراسة النظامية التلقي على يد الشيوخ وبلغ درجة السطوح. ثم انقطع وتفرغ للدراسة الجامعية في جامعة بغداد قسم اللغة العربية فرع النجف ليدخل مرحلة تحول ثان. في الجامعة بدأ تقاطعه مع القصيدة تلقيا وكتابة.
تعلق بالشعر الحر من خلال بائع كتب كان يجلس على الرصيف في شارع الرشيد في بغداد، ولم يكن بإمكانه في ذلك الزمان أن يشتري كتبا، إنما يلتقطها من على الأرصفة، كانت قيمة الكتاب 20 فلسا، فاشترى ديوانا لشاعر سوداني اسمه صلاح إبراهيم، كان الديوان يضم شعرا حرا.
عاد إلى الأحساء وانتظم معلم لغة عربية في مدارس المنطقة الشرقية، ولم يكن معلما عاديا، بل تربويا مسكونا بالأحلام والطموح والتغيير ونجح في مد جسر بينه وبين تلاميذه.
كانت أول مشاركة ثقافية له عام 1969 من خلال منتدى الأربعاء (أسسه الأمير خالد الفيصل إبان إدارته رعاية الشباب)، وهو منتدى ثقافي تطرح فيه أوراق عمل ويتم الحوار حولها. كان موضوع ورقة العلي عن الشعر السعودي المعاصر. كان للتو عائدا إلى المملكة ومعرفته بالأسماء المبدعة وبحركة الشعر في المملكة غير مكتملة، فجمع المراجع وتوفرت معلومات عن عبدالله نور وفواز عبيد.
في قرية العمران ولد الشاعر محمد العلي عام 1932. ومنذ ولادته وهو قامة شامخة تنحني دوما إلى الأعلى لأن أدواته منبعثة من فكرة تجديد الذات من خلال نقدها وتنمية معارفها. يرفض أن يقطع باليقينية في الفكر والسلوك كون ذلك لن يرتقي بذات ولن يسهم في تجاوز مرحلة، يؤيد آلية المراجعة والتوقف عن الكتابة بعد كل مرحلة.
ولا يخفِ العلي أن لكل إنسان أيديولوجيته التي ينطلق منها نحو تحقيق أهدافه يمينا أو يسارا أو وسطا. الحوار مع هذه القامة والحديث عنها مدعاة لانهمار الخبرات، وفتح أسفار التجارب، وإضاءة الممرات المشبعة بالتشاؤم. يقف بصمود ضد تسليع العلاقات الإنسانية، ويملك مقومات الحفاظ على لغته والسيطرة على نرجسيتها لكي تهمس بمكنونها دون أن تجرح مشاعر الكلام. رأس تحرير صحيفة اليوم، وأسهم في تأسيس وافتتاح أدبي الرياض، وعاضد الملاحق الثقافية ومنها المربد، وشجع المواهب، وأشاد بالمتفردين، وكتب المقالة العميقة بروح شابة، ولم يزل يكافح بالحروف بدعة الابتذال.