الـتــائهــون في جـدة ضحـايــا العنـف الأسـري

الأطفال يدفعون ثمن الزيجات المخالفة وقلة الوعي

ياسمين الحمد (جدة)

الأطفال هم الحلقة الأضعف في سلسلة المجتمع التي دائماً ما تسقط ضحية لأخطاء الآخرين، اقلها الخلافات الأسرية، فما ان تبدأ النزاعات في أي منزل حتى تهوي اركانه على الصغار.
بينما كل واحد من الكبار يفكر في مصلحته فقط غير مبال بما سيؤول اليه مصير الأبناء، فبرزت ظاهرة الاطفال التائهين الذين تنكرت لهم اسرهم فضاع الصغار وحيروا المجتمع معهم.
سمراء الكندرة
«عكاظ» استغلت مشاركتها في الاحتفال بيوم اليتيم العربي بدار الحضانة بجدة والتقت بمديرة دار الشؤون الاجتماعية نورة آل الشيخ التي تحدثت عن انتشار الاطفال التائهين فقالت : وراء كل طفل تائه عنف اسري ناتج عن عدة عوامل منها الخلافات الاسرية ومن المفترض ان يتجاوز الوالدان النزاعات العائلية من اجل ابنائهم. ولعل اقرب الامثلة ما حدث لسمراء الكندرة اذ تبين انها ضحية خلاف اسري لأب مواطن وأم عربية تم زواجهما في قنصلية بلادها ولكن على ما يبدو لم يكمل الوالد باقي الاجراءات الرسمية كالاضافة وحدث اخلال بالنظام فدفع ثمنه الابناء. وتضيف آل الشيخ : قبلها تابعنا قصصا عدة جميعها تدور حول حلقة واحدة هي تجاوز النظام وفي حالة سمراء الكندرة (الأم) تتحمل جزءاً من المسؤولية لتخليها عن جزء من امومتها لكن تحت ضغط الشعور بالضياع والمجهول من الغد، واذا لم يتنبه الآباء وتكون هناك محاسبة قوية ستتكرر المآسي.
كفالة اليتيم
وأوضحت آل الشيخ ان الهدف من الاحـتـفـال بـيـوم الـيـتـيـم في دار الحضانة هو ادخال الفرحة في نفوس الاطفال المتواجدين في الدار واشراكهم في الاحتفال.
وتابعت: نحن نتسابق في الفوز بكفالة اليتيم ورعايته وهناك طرق مختلفة ومتعددة تبرهن على اهتمامنا به.
قلة الوعي
من جانبها عزت مريم حتيمش مديرة دار الحضانة بجدة ضياع الاطفال الى عدم الوعي من قبل الاسرة والمجتمع عامة وغيرها من العوامل الاخرى. وقالت: نجد هناك اقبالا من الاسر السعودية لاحتضان الايتام لا سيما العوائل التي حرمت من الاطفال.
وذكرت حتيمش ان اعمالا المتواجدين في الدار متفاوتة منهم من في عمر الحضانة وفتيات اكملن الثانوية وعلى وشك الانتهاء من المرحلة الجامعية وما زلن في الدار.
وهؤلاء الفتيات لا يشترط تزويجهن من دور الرعاية الاخرى فهناك حالات تم زواجهن من اسر خارج الدار.
الشعور بالقيمة
وأوضحت حتيمش ان الهدف من الاحتفال بيوم اليتيم حتى يشعر الطفل والطفلة بقيمته وان الكل يدعمه وفي الحفل تم دمج برنامجين معاً برنامج حب الوطن والآخر لليتيم بحيث نغرس في الاطفال حب الوطن والدفاع عنه من أي شر.
بعض الحالات
تحدثت الاخصائية الاجتماعية بدار الحضانة مريم عن بعض حالات الاطفال من ذوي الظروف الخاصة الذين تم العثور عليهم وتحويلهم الى الدار وهم صغار، فالطفل «زياد» تم العثور عليه وهو الآن يبلغ من العمر سنة وثلاثة اشهر.. حضر الى الدار رضيعاً وقد تم استلامه من مستشفى الولادة بعد ان تم تحويله اليه من شرطة السلامة.
محضر تسمية
أما الطفل فهد فلا تقل معاناته في اليتم والحرمان عن «زياد» حيث عثر عليه بأحد مستشفيات رجال المع في 7/3/1427هـ وتم تحويله الينا بعد ان تم اجراء محضر تسمية له وهو يبلغ من العمر الآن سنة وشهرين.
آلام
كذلك الطفلة ابتسام وهي من ذوات الظروف الخاصة وصلت الينا من مستوصف بارق الطبي في عسير بعد ان استلمها من مركز الشرطة بالمنطقة، وهي تعيش ظروفاً صحية سيئة منذ استلامها تعاني من مشكلة في الامعاء وانسداد في فتحة الشرج وتم اجراء عملية لها وقد عثر عليها بتاريخ 15/4/1427هـ وحضرت الينا وهي رضيعة لم تتجاوز ثلاثة اشهر والآن هي تخطت العام.
المتخلفون
وترى غادة منصور عبدالغفار اخصائية اجتماعية بمكتب الاشراف بمنطقة مكة المكرمة ان من اسباب تزايد اعداد الاطفال التائهين كثرة المتخلفين اثناء الحج والعمرة وما يترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية واغلب الصغار الضحايا يكونون من الجنسية جنوب شرق آسيا او الافريقية.
تفكك الاسرة
ان التفكك الاسري كانفصال الزوجين وارتباط كل واحد منهما بشخص آخر ينتج عنه ضياع للاطفال، اذ ان زوجة الاب لا ترغب في احتضان ابن زوجها ما يدفع الزوج الى احضار «الصغير» الى الدار. كذلك تدني الاوضاع المالية ووفاة الوالدين تعتبر من الاسباب.
احتضان اليتيم
وتضيف عبدالغفار: بيد ان هنالك ظاهرة جيدة وهو اقبال الاسر على احتضان الاطفال واريد ان انبه الى نقطة هامة وهي ان بعض الاسر لا تستطيع احتضان الايتام لديها.
الا انه بمقدورها ان تقترب من اليتيم بواسطة برنامج الاسرة الصديقة بحيث تقوم العائلة من وقت لآخر بزيارة الطفل وفي حال رغبتها اصطحاب مجموعة من الايتام للترفيه او المشاركة في مناسبة ما يتم تسهيل المهمة لهم وهناك اقبال كبير على هذا البرنامج سواء من المدارس او الجامعات او على مستوى الافراد.
اسر صديقة
اما الاخصائية الاجتماعية بدار الحضانة بجدة مطرة الزهراني فترى ان انتشار الاطفال التائهين يعود الى الجهل وعدم الوعي وقلة الرقابة وذكرت ان ثمة اسرا صديقة تستضيف بعض اطفال الدار لديها لقضاء اجازة نهاية الاسبوع وادخال البهجة في قلب اليتيم والترفيه عنه. وهناك بعض المتبرعات من ينظمن برامج وحفلات للاطفال وغالباً ما تأتي تلك الاسر في يوم الاربعاء.
وتطرقت الزهراني الى حالات وقصص الاطفال المتواجدين في الدار منهم من عثر عليه في احد المراكز التجارية او امام احد المساجد او في المستشفيات.