الرياض وواشنطن: مستوى أعلى من الشراكة..

هاني الظاهري

قال البيت الأبيض في بيانه الذي تلا اجتماع سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأمريكي باراك أوباما: إن «الولايات المتحدة ترحب بالتزام السعودية الإصلاحات الاقتصادية وتؤكد رغبتها في أن تكون شريكا حيويا لمساعدة السعودية في تطبيق البرنامج الاقتصادي الطموح»، وهو أمر يؤكد حرص واشنطن على رفع مستوى الشراكة الاقتصادية التاريخية مع الرياض في هذه المرحلة الانتقالية للاقتصاد السعودي، فالرسالة الضمنية التي حملتها زيارة عراب الرؤية تدفع بالملف الاقتصادي إلى واجهة العلاقات بين البلدين.
في تعليقه على الزيارة أوضح المدير التنفيذي لمجلس سياسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور توماس ماتير «إن الوقت قد حان ليسلط المستثمرون الأمريكيون الضوء على الخطط الجريئة والذكية للإصلاح الاقتصادي في السعودية على أسس رؤية المملكة 2030، وما تمخض عنها من برامج مثل: برنامج التحول الوطني 2020، الأمر الذي سيجعل من السعودية القوة الأكثر أهمية على المستوى الإقليمي والعالمي مؤكدا أن صناع السياسة الأمريكية، والمشرعين، وكبار رجال الأعمال لديهم الآن فهم كبير لأهمية رفع مستوى الشراكة مع السعودية»، وهذا بالطبع يعطي ضوءا أخضر جديدا للاستثمارات الأمريكية في الشرق الأوسط الذي تمثل السعودية فيه واحة الاستثمار الآمن وسط محيط الحرائق التي تشتعل في المنطقة منذ مطلع 2011م.
على المستوى السياسي مرت العلاقات بين البلدين ببرود في بعض جوانبها خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة اختلاف وجهات النظر تجاه إفرازات ما سمي بالربيع العربي، وكذلك توقيع الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران وتراجع الدور الأمريكي في المنطقة خصوصا في ما يتعلق بالشأن السوري، لكنها ظلت قوية ومتماسكة في التعاون الدبلوماسي والعسكري والاستخباراتي لمكافحة الإرهاب الذي يهدد العالم ككل، وهو ما يؤكده الخبير الأمريكي بروس ريدل من معهد بروكينغز بقوله: «إن علاقات البلدين أفضل مما يصورها البعض في وسائل الإعلام. لقد باعت إدارة أوباما من الأسلحة للسعودية ما قيمته 110 مليارات خلال سبعة أعوام، وسافر الرئيس الأمريكي إلى السعودية أكثر من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط. وينبغي علينا أن لا نجعل من الخلافات النزيهة بين البلدين أن تغطي على قوة الشراكة بينهما»، وهذا يتفق أيضا مع تصريحات السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام لوكالة بلومبيرغ حول أهمية العلاقات بين البلدين حين قال بكل صراحة ووضوح «السعودية حليف مهم لنا. وفي الحقيقة نحن لسنا مثاليين، وهم كذلك، لكن من المهم المحافظة على التحالف. وولي ولي العهد يمثل مستقبلا مشرقا لهذا البلد».
إجمالا يمكن القول إن زيارة سمو ولي ولي العهد للولايات المتحدة فتحت صفحة جديدة للعلاقات السعودية الأمريكية على كافة الأصعدة ودفعت بها إلى مستويات أعلى من شأنها أن تعزز قوة تحالف البلدين لمواجهة التحديات السياسية التي تمر بها المنطقة، بجانب تعميق الشراكة الاقتصادية التي تدعم رؤية السعودية 2030 وهذا هو المطلوب.