داعش والجرائم الممنهجة
الجمعة / 03 / شوال / 1437 هـ الجمعة 08 يوليو 2016 21:31
أحمد القثامي
هل كانت العملية الإرهابية في المدينة المنورة مفاجئة وصادمة؟ خاصة أنها جزء من سلسلة جرائم مُمنهجة اتسمت بالبشاعة والوحشية، من تصفية عناصر داعش لأقربائهم واستهداف المصلين في المساجد، غير أنَّ عملية المسجد النبوي وقتل رجال الأمن يقود إلى حقيقة جليّة لا مراء فيها، أن التنظيم التكفيري ليس لديه سقف للمحرمات، فعبثيّة التأويل الديني بكيفية متطرفة ورؤية شاذة حاضرة على الدوام.
فإستراتيجية التنظيم الظلامي في المملكة تتمحور على مسارين، أولهما ضرب الشيعة في حسينياتهم لتأجيج المشاعر الدينية والدفع لشيوع الكراهية المذهبية المغذية للتطرف المضاد وتوسيع قاعدته، لخلق مناخات الفوضى والعنف ومواجهة الدولة، فيما يتركز المسار الآخر في الاعتداء على رجال الأمن بشكل فردي وجماعي لرسم صورة مشوهة مفادها عجز الدولة عن حماية أجهزتها، محاولة لترسيخ فكرة الوهن وخيبة الأمل لدى المواطن، حيث إن الأمن أحد الركائز الأساسية لوجود الدولة وشرعيتها. فالفتنة المذهبية الفتاكة وزعزعة شرعية السلطة بالتشكيك المستمر في منطلقاتها الإسلامية، يؤدي على المدى الطويل للهدم وإشغال النظام السياسي بالداخل حيث تنحسر قدرته على إنجاز أي مشروع سياسي داخلي وخارجي والحد من فعاليته وتأثيره السياسي في الإقليم.
ذلك على صعيد المنهج والأهداف، أما الوسائل والأدوات فكان الملفت فيها أن عناصر التنفيذ من المراهقين الذين تم تجنيدهم داخل المملكة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نجح التنظيم، إلى حد ما، في تكوين جمهور نفسي عبر خطاب ديني يعتمد التكرار والتأكيد، مستغلاً الخواء الفكري والفقر الثقافي لدى أولئك الأفراد، في ظل حالة الصراعات المحتدمة في المنطقة ودموية الأنظمة المتوحشة التي تقودها هستيريا التمسك بالسلطة لارتكاب أفدح وأبشع المجازر بحق الأبرياء من المدنيين العزل، وهو المشهد المُفزع الذي سيظل أثره في وعي وذاكرة شعوب المنطقة، فالعجز يولد الإحباط واليأس اللذين بتراكمهما يؤديان إلى الانفجار على الواقع. غير أنَّ مكمن الخطورة يتمثل في قيادات التنظيم، فهذه الجماعة الراديكالية خرجت بإمكانيات مادية مهولة، دون مقدمات، وبكل ما ترفعه من شعارات دينية براقة، إلا أن حضورها على مسرح الأحداث كان لتغيير مسارها وحرف وجهتها كما حدث للثورة السورية والاعتصام السلمي لسنة العراق، وكذلك الأمر في ليبيا واليمن.
فمثل هذه التنظيمات قد تنشأ لغايات نبيلة كمقاومة المحتل، لكنها في معمعة المتغيرات تتحول من خلال قادتها إلى قتلة مأجورين بفعل غواية المال، ولا يُستغرب نشوء صراعات على السلطة بداخلها، وهي لعبة حدثت لبعض التنظيمات الثورية في سبعينات وثمانينات القرن الفائت، فكانت أداة طيّعة بيد أنظمة سلطوية شمولية مارست الإرهاب كوسيلة ضغط وابتزاز سياسي. كما أن عمليات داعش في أوروبا كان تأثيرها واضحاً في تغيير موقف الغرب من قضايا المنطقة حيث تحولت بوصلة اهتمامه لحرب داعش وتهميش المسعى لحل الأزمة السورية خاصة، بل والتحالف مع الإيرانيين كاعتراف صريح بأنها شريك رئيسي في الشرق الأوسط.
فداعش وإرهابه سيستمر مادام يساهم في فوضى المنطقة وهي مرحلة سابقة لشرذمة الدول ورسم خارطة جديدة وإعادة صياغة شكل العلاقات الإقليمية. فما كان يوماً يُعد هذيانا وضربا من الخيال سيصبح واقعاً لا مناص منه. فحجم التحديات كبير وإدارة الصراع بحاجة لنفس طويل بعيداً عن الرهانات المُتوهمة كالدعم الغربي أو إنهاك الطرف الآخر وقبوله بالتسويات، ففصول الحكاية من الجليّ أنها تحمل المزيد من القتامة.
فإستراتيجية التنظيم الظلامي في المملكة تتمحور على مسارين، أولهما ضرب الشيعة في حسينياتهم لتأجيج المشاعر الدينية والدفع لشيوع الكراهية المذهبية المغذية للتطرف المضاد وتوسيع قاعدته، لخلق مناخات الفوضى والعنف ومواجهة الدولة، فيما يتركز المسار الآخر في الاعتداء على رجال الأمن بشكل فردي وجماعي لرسم صورة مشوهة مفادها عجز الدولة عن حماية أجهزتها، محاولة لترسيخ فكرة الوهن وخيبة الأمل لدى المواطن، حيث إن الأمن أحد الركائز الأساسية لوجود الدولة وشرعيتها. فالفتنة المذهبية الفتاكة وزعزعة شرعية السلطة بالتشكيك المستمر في منطلقاتها الإسلامية، يؤدي على المدى الطويل للهدم وإشغال النظام السياسي بالداخل حيث تنحسر قدرته على إنجاز أي مشروع سياسي داخلي وخارجي والحد من فعاليته وتأثيره السياسي في الإقليم.
ذلك على صعيد المنهج والأهداف، أما الوسائل والأدوات فكان الملفت فيها أن عناصر التنفيذ من المراهقين الذين تم تجنيدهم داخل المملكة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نجح التنظيم، إلى حد ما، في تكوين جمهور نفسي عبر خطاب ديني يعتمد التكرار والتأكيد، مستغلاً الخواء الفكري والفقر الثقافي لدى أولئك الأفراد، في ظل حالة الصراعات المحتدمة في المنطقة ودموية الأنظمة المتوحشة التي تقودها هستيريا التمسك بالسلطة لارتكاب أفدح وأبشع المجازر بحق الأبرياء من المدنيين العزل، وهو المشهد المُفزع الذي سيظل أثره في وعي وذاكرة شعوب المنطقة، فالعجز يولد الإحباط واليأس اللذين بتراكمهما يؤديان إلى الانفجار على الواقع. غير أنَّ مكمن الخطورة يتمثل في قيادات التنظيم، فهذه الجماعة الراديكالية خرجت بإمكانيات مادية مهولة، دون مقدمات، وبكل ما ترفعه من شعارات دينية براقة، إلا أن حضورها على مسرح الأحداث كان لتغيير مسارها وحرف وجهتها كما حدث للثورة السورية والاعتصام السلمي لسنة العراق، وكذلك الأمر في ليبيا واليمن.
فمثل هذه التنظيمات قد تنشأ لغايات نبيلة كمقاومة المحتل، لكنها في معمعة المتغيرات تتحول من خلال قادتها إلى قتلة مأجورين بفعل غواية المال، ولا يُستغرب نشوء صراعات على السلطة بداخلها، وهي لعبة حدثت لبعض التنظيمات الثورية في سبعينات وثمانينات القرن الفائت، فكانت أداة طيّعة بيد أنظمة سلطوية شمولية مارست الإرهاب كوسيلة ضغط وابتزاز سياسي. كما أن عمليات داعش في أوروبا كان تأثيرها واضحاً في تغيير موقف الغرب من قضايا المنطقة حيث تحولت بوصلة اهتمامه لحرب داعش وتهميش المسعى لحل الأزمة السورية خاصة، بل والتحالف مع الإيرانيين كاعتراف صريح بأنها شريك رئيسي في الشرق الأوسط.
فداعش وإرهابه سيستمر مادام يساهم في فوضى المنطقة وهي مرحلة سابقة لشرذمة الدول ورسم خارطة جديدة وإعادة صياغة شكل العلاقات الإقليمية. فما كان يوماً يُعد هذيانا وضربا من الخيال سيصبح واقعاً لا مناص منه. فحجم التحديات كبير وإدارة الصراع بحاجة لنفس طويل بعيداً عن الرهانات المُتوهمة كالدعم الغربي أو إنهاك الطرف الآخر وقبوله بالتسويات، ففصول الحكاية من الجليّ أنها تحمل المزيد من القتامة.