100 ألف لكل من يتلف سماعة عامة!

عزيزة المانع

هل في تخريب ممتلكات الآخرين ما يستحق التصفيق له، دع عنك منح مكافأة مالية لمن يقوم به؟
ما أظنه أن الإجابة السوية ستكون بالنفي، لكن الواقع مع الأسف يشير إلى غير ذلك، فبيننا من يرى في أعمال التخريب والإتلاف لممتلكات الآخرين عملا بطوليا يبعث في النفس لذة تدفع إلى تشجيعه ودعمه لتحقيق المزيد منه!
عندما قامت امرأة بتقطيع أسلاك سماعات منصوبة في أحد المنتزهات العامة لأنها كانت تبث شيلات غنائية، محتجة بمنافاة ذلك للدين، رأى بعض الناس (مدفوعين بعاطفتهم الدينية)، رأوا في عملها هذا ما يستحق الثناء والتشجيع وفوق ذلك منحها مكافأة مالية!
غاب عنهم أنهم بعملهم هذا يكسبون فعل المرأة (التخريبي) صورة بطولية تزين للناس ذلك الفعل وتحرضهم على الاقتداء بها، ولنا أن نتخيل كم من النساء والرجال الراغبين في اقتفاء أثر هذه المرأة، المتربصين للقيام بعمل مماثل لما قامت به؟
إن مثل هذا التشجيع على إتلاف ممتلكات الآخرين يسن للناس سنة بالغة الخطورة، فهو يدخل في روعهم أن من حق كل فرد أن يصلح بيده ما يراه خطأ صادرا من غيره، وذلك أمر لا يقره شرع ولا نظام، لما له من آثار خطيرة في إحداث الفوضى داخل المجتمع وإثارة الفتنة بين الناس، حتى في أشد الحالات تعرضا للضرر كالتعرض للقتل أو الاغتصاب أو السرقة، لا يجوز للإنسان أن يقتص من خصمه بنفسه، وعليه أن يطلب ذلك من المحاكم، فالدولة ممثلة في المحكمة، هي وحدها التي لها حق الاقتصاص ومعاقبة المعتدي.
ألم يفكر أولئك المشجعون لتلك المرأة المعتدية، كيف سيكون حالنا لو أن كل فرد منا آمن بما آمنت به واحتذى الطريق الذي انتهجته فصار كلما رأى شيئا لا يعجبه انهال عليه تكسيرا وتحطيما؟ كم من حالات النزاع والقتال ستنشب بين الناس؟
أيا كانت حجة المرأة في تبرير فعلها، يظل ما قامت به عملا غير مقبول، ومن المفترض أن تعاقب وأن تلزم بدفع تكاليف إصلاح ما أتلفته، لا أن يصفق لها ويثنى على فعلها.